حزب اله والرقصات الأخيرة

حزب اله والرقصات الأخيرة

حزب اله والرقصات الأخيرة

 لبنان اليوم -

حزب اله والرقصات الأخيرة

علي شندب
بقلم: على شندب

أخيرا، وبعد حبس أنفاس خيّم على لبنان، استقطعه حبس أنفاس آخر جرّاء انفجار مرفأ بيروت الهيروشيمي. لفظت المحكمة الدولية باغتيال رفيق الحريري حكمها، فأدانت العضو في حزب الله "القديس" سليم عيّاش، وبرّأت ثلاثة أعضاء آخرين من حزب الله"القديسين" حسن مرعي، حسين عنيسي وأسد صبرا واعتبرتهم غير مذنبين، في ضوء الأدلة والعطيات التي استندت عليها المحكمة في حكمها التي لم توجه أصابع الإدانة، لا الى قيادة حزب الله، ولا الى الحكومة السورية لعدم وجود الدليل.انه الحكم الذي أعطى نتائج لم ترقى لمستوى جهود 15 عاما من التحقيقات والمحاكمات كلفت مئات ملايين الدولارات، واستهلكت مئات الشهود والشهادات والافادات، وجيوش من الحقوقيين والمخبرين والمحللين المحليين والخارجيين الذين لم يستطيعوا بالتكافل والتضامن فيما بينهم تأمين الدعائم والأسانيد والقرائن والأدلة الكاملة والدامغة التي من شأنها تشكيل وصياغة القناعة الحاسمة لدى قضاة المحكمة الدولية بتقرير الإدانة الشاملة بوجه كل الذين شملهم القرار الاتهامي الظني.

بدون شك فإن الشهيد وسام عيد الرائد في معلومات قوى الأمن الداخلي، هو البطل الحقيقي والوحيد لحكم المحكمة الدولية الذي لم يجد من أدلة وقرائن يستند اليها في إدانة سليم عيّاش سوى ما قدمه الرائد عيد من تحليل علمي لداتا شبكة الاتصالات الهاتفية اللبنانية، تمكن بموجبه من فك شيفرة شبكات مسرح الجريمة الحمراء والخضراء والصفراء، وقدّم الدليل الوحيد المُتاح منذ 15 عاما والذي لم تستطع المحكمة الدولية إضافة أي دليل آخر يؤدي الى إدانة مبكلة لبقية المتهمين، وهو الدليل اليتيم الذي دفع وسام عيد حياته ثمنا له في تفجير مشهود هزّ بيروت أيضا، من دون أن يكشف التحقيق حتى اليوم ويحدّد من فجر "الوسام".
وبغض النظر عن النقاش الدائر في الاعلام وعلى المواقع التواصلية، حول حكم المحكمة الدولية التي حددت يوم 21 أيلول/ سبتمبر المقبل موعدا لإصدار العقوبة بحق عيّاش، فإن هذا الحكم مع العقوبة سيكونا محل استئناف مزدوج، من محامي الدفاع عن "القديس" عيّاش المعيّن من المحكمة، ومن الادعاء العام في المحكمة الدولية الذي يعتبر أنه قدم مضبطة ادانة متكاملة.رغم هذا، فخطورة الحكم أنه يلغي المنطقة والألوان الرمادية في التعامل مع حكم المحكمة الدولية. وأهمية الحكم تكمن في توقيته السياسي السوبر قاتل لحزب الله كما لإيران. إنه التوقيت الذي يخضعان فيه مع سوريا لعقوبات اقتصادية مالية، معطوفة على تصنيف الحزب والحرس الثوري وميليشيات متأيرنة أخرى، كمنظمات إرهابية من قبل الولايات المتحدة الأميركية وعدة دول أوروبية آخرها ليتوانيا.وفيما اعتبرت وزارة الخارجية السعودية ان "الحكم القضائي ظهورا للحقيقة وبداية لتحقيق العدالة ومعاقبة حزب الله وعناصره الإرهابية" أكدت على "ضرورة حماية لبنان والمنطقة والعالم من الممارسات الإرهابية لهذا الحزب الذي يعتبر أداة للنظام الإيراني وثبت ضلوعه في أعمال تخريبية وإرهابية في بلدان عديدة، وكانت جريمة اغتيال رفيق الحريري احداها وأكثرها تأثيرا على أمن واستقرار لبنان".

الولايات المتحدة الأميركية، من جهتهاوبلسان وزير خارجيتها مايك بومبييو رحبت بحكم المحكمة معتبرة أن "إدانة سليم عياش العضو في حزب الله في جريمة الاغتيال تؤكد أن حزب الله منظمة إرهابية هدفها تمديد الأجندة الطائفية الخبيثة لإيران".وفيما أعلن وريثا رفيق الحريري قبولهما بحكم المحكمة الدولية، فقد سجل اختلافهما في مقاربتهما حيال حزب الله. وفي حين اعتبر سعد الحريري "أن المطلوب منه أن يضحي اليوم هو حزب الله الذي أصبح واضحا أن شبكة التنفيذ من صفوفه". أكد بهاء الحريري أنه "لا مكان لحزب الله في مستقبل لبنان، وعلى المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب لبنان لإنهاء التدخلات الأجنبية".وفي حين يبدو موقف سعد الحريري منسجما مع موقعه السياسي ومسيرته التسووية القائمة على تقديم التنازلات المرة والمدمرة "لأجل لبنان". فإن موقف شقيقه الأكبر بهاء الحريري أكثر اتساقا وانسجاما مع المواقف العربية والدولية، لجهة استحالة استمرار التعايش مع حزب الله، الذي وجد نفسه في سياق مواجهة أخلاقية مع ذاته كما مع جمهوره، وهي المواجهة التي جوّفت الحزب من كل قيم المقاومة كفكرة ووسيلة أخلاقية بالدرجة الأولى قبل أن تكون ترسانة صواريخ صوتية لم تستخدم إلا لإرهاب اللبنانيين وإرعابهم وغيرهم في الدول المجاورة.

من أهم تداعيات اغتيال رفيق الحريري على حزب الله، ليس فقط تجحيظ الخط الفاصل بين لبنانية حزب الله وبين أيرنته، وانما أيضا تجحيظ هيمنة أيرنة الحزب على لبنانيته وصولا الى ابتلاع الأيرنة لكل عناصر اللبننة وهذا بعظمة لسان نصرالله الذي لطالما تفاخر بأن كل سلاحه وصواريخه وامواله ورواتب حزبه من ايران.إنها الأيرنة التي نزعت قيم الاحترام عن حزب الله من قبل شرائح لبنانية وعربية وازنة، سيما أنه الاحترام الذي كان مرصود حصرا لعمليات المقاومين وعبواتهم ضدالاحتلال الإسرائيلي.لكن نصرالله وحزبه أطاحوا بقيم الاحترام هذه عندما جيّروها لمصلحة الايارنة ووليهم خامنئي دونما استشارة أو موافقة غالبية الشرائح الشعبية اللبنانية والعربية هذه.وإنها الأيرنة أيضا، تلك التي جوّفت حزب الله وباتت تشكل عاموده الفقري، واخترقته الى درجة قدرتها على تنفيذ ما يحلو لها من العمليات غير الأخلاقية مثل اغتيال رفيق الحريري وربما من دون علم حسن نصرالله الذي يبدو من شدة الاستهلاك، كمن يؤدي رقصاته الأخيرة.

من أخطر تداعيات حكم المحكمة الدولية على لبنان الذي يسير على خطوط الموتوالزلازل السياسية والانهيار الاقتصادي والمالي والكوروني، تظهير حزب الله لاستهانته بمنظومة القيم الأخلاقية قبل السياسية، وتدميرها لصالح منظومة الفساد المكوّنة من ميليشيا المال والسلطة والسلاح التي يرعاها الحزب لأجل مصلحة إيران العليا.إنه الحكم الذي يحمل حزب الله مسؤولية ما زرعه ظهيرة 14 شباط 2005، وعليه أن يتحمل مسؤولية وتداعيات حصاد ما زرعه بعد 18 آب 2020.ولهذا توقع كثيرون أن يكون حكم المحكمة الدولية باغتيال رفيق الحريري بمثابة زلزال، يشبه أو يفوق حجم زلزال اغتياله في 14 شباط 2005. سيّما وأنه الزلزال الحفيد المستولد من رحم الزلزال الكبير الذي أصاب العرب نتيجة غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وتسليمه لإيران، وهو ما اعتبر تدشين دخول المنطقة في عصر التخادم الأميركي الإيراني الذي توج بالاتفاق النووي الاوبامي الخامنئي، والذي سمح لإيران بالتغول في عواصم العرب ومدنهم.

انه الاتفاق الذي مزقته الترامبية لمصلحة اتفاق آخر يريد ترامب ابرامه مع ايران ويرتكز ضمنا على خفض التخصيب النووي، ومعالجة الصواريخ البالستية، وفكفكة أذرعة ايران الخارجية، وهي الأذرعة التي قتل ترامب جنرالها الأكبر قاسم سليماني في مطار بغداد الذي تعرض بالأمس لقصف صاروخي حشدي تزامنا مع زيارة مصطفى الكاظمي التاريخية الى واشنطن.رسم المعادلات الجديدة انطلق، وما يجري اليوم هو تدوير زوايا بعض النتوءات الحادة في المنطقة، وما اكتظاظ البحر المتوسط والمياه الإقليمية اللبنانية ببعض البوارج والفرقاطات والسفن الحربية الأوروبية والأميركية بعيد انفجار مرفأ بيروت المكتظة للمناسبة بالوفود الديبلوماسية والسياسية والاستخبارية،إلّا لأسباب ظاهرها إغاثي، فيما باطنها حربي.. إلا إذا أجّل لبعض الوقت تراجع أو تنازل جوهري حزبلّاهي إيراني ما، موعد اندلاع حرب كبرى اكتملت عناصر تحضيراتها وجاهزيتها العملياتية ومنها "المستشفيات الميدانية" الوافدةوالمتمركزة في بيروت الكبرىيمكن القول لأسباب تتصل بالحرب الوشيكة، أكثر من معالجة جرحى انفجارات مرفأ بيروت.

قد يهمك ايضا

الاردوغانية والفساد اللبناني

 

فدرلة موانىء لبنان وربما مطاراته

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب اله والرقصات الأخيرة حزب اله والرقصات الأخيرة



GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 14:53 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

أميركا... زمن «فرسان الساحات الخالية»

GMT 14:51 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 14:49 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

عام جديد من النزاعات والتحديات المستمرة والمتجددة

GMT 14:43 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

تغريدة

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:00 2022 الأحد ,08 أيار / مايو

طرق ارتداء الأحذية المسطحة

GMT 07:11 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

المسحل ينسحب من الترشح لرئاسة اتحاد القدم

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 11:13 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب بحر إيجة جنوب غربي تركيا

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 12:25 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

أفضل العطور للنساء في صيف 2022

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 12:13 2024 السبت ,25 أيار / مايو

نانسي عجرم بإطلالات شبابية مرحة وحيوية

GMT 18:13 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

أسرة "آل هارون" تضم الفنانة مريم البحراوى للفيلم

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon