شهيداًشهيداً شهيداً

شهيداً...شهيداً ...شهيداً

شهيداً...شهيداً ...شهيداً

 لبنان اليوم -

شهيداًشهيداً شهيداً

عريب الرنتاوي

لم يكن يقرأ الكف أو يضرب في الرمل، كان يعرف تمام المعرفة أن العدو نجح في اختراق العرين، وأن يد الغدر والخيانة قد امتدت إلى "مطبخه" وغرفة نومه ... وعندما أطلق صيحة التحدي والبطولة الأخيرة: "يريدونني أسيرا أو طريداً ... وأنا أقول لهم شهيداً...شهيداً ...شهيداً"، كان قرر أن يواجه أخس عمليات الاغتيال بما يليق بياسر عرفات، الجنرال الذي لم يهزم، قائد الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة ومؤسسها ... كان قرر أن يمضي كما أشجار التين والزيتون: واقفاً. لم يساورنا الشك، مذ رأيناه في أواخر أيامه، بأنه سيقضي مسموماً ... كنا نعرف حين لوّح بيديه المرتجفتين وهو يهمُّ بدخول المروحية الأردنية في طريقه إلى فرنسا لتلقي العلاج، أنها رحلة ذهاب بلا عودة، لكننا ونحن جيل تفتحت عيونه ومداركه على "أبو عمار"، لم نكن لنجروء على التفكير باليوم التالي بعد " الختيار" ... وأحسب أن الراحل الكبير، ما كان متصالحاً يوماً مع فكرة الرحيل والغياب، وهو الزعيم المؤمن بحق، لا زلفى ولا ملقى، والقائد دائم الترحال، والهدف الأثير للموساد والشاباك وأمان ومختلف أسلحة الجيش الإسرائيلي. نعرف الآن بالوثائق والإدلة الدامغة ما كنا عرفناه وتوصلنا إليه، بوعينا و"لا وعينا"، بأن إسرائيل هي من قتلت "أبو الوطنية الفلسطينية المعاصرة" ... ولسنا بحاجة لانتظار وقت أطول حتى تخرج باريس عن صمتها المتواطئ، وهي الأكثر علماً بتفاصيل الجريمة النكراء، فقد جاءنا أهل العلم والاختصاص من موسكو وجنيف بنبأ العظيم. لكن السؤال الذي لا جواب عليه حتى الآن هو: ماذا نحن فاعلون؟ ... هل ستذهب دماء ياسر عرفات هدراً؟... من سيحمل لواء القصاص العادل وراية عدم الإفلات من العقاب؟ ... هل نأخذ على محمل الجد، كل هذه البيانات والتصريحات الفوّارة بالمشاعر والتعهدات، أم أنه سيتعين علينا إدراجها في خانة الطقوس المعتادة ومحاولات امتصاص الغضب وسوق المزايدات والمناقصات، ومن باب لزوم ما لا يلزم؟ هل ستذهب السلطة حتى نهاية الشوط في ملاحقة القتلة وسوقهم للعدالة الدولية؟ ... أم أنها وهي غير القادرة على وقف التنسيق الأمني أو مغادرة غرفة المفاوضات العبثية، ستكون مضطرة لتجرّع كأس السم الذي أودى بحياة رئيسها ومؤسسها؟ ... هل هي قضية فتح وحدها أم أنها قضية الشعب الفلسطيني بمختلف فصائله ومؤسساته وحقوقييه وناشطيه؟ ... هل هي قضية الفلسطينيين وحدهم أم أنها قضية العرب دولا وشعوباً، فالراحل لم يكن "قيمة" فلسطينية فحسب، بل "قامة" عربية سامقة، إلهمت كفاح الملايين من أبناء الأمة من أجل الحرية والكرامة والسيادة والإستقلال. لا بد من نقل قضية عرفات إلى المحافل والأوساط الدولية، لا بد من تحقيق دولي في جريمة اغتياله ... ولا ينبغي إخضاع هذه الفعلة النكراء لمآلات التفاوض ومساراته ... ولا يتعين الخضوع للشروط المذلة التي لا وظيفة لها سوى تجريد الفلسطينيين من حقوقهم وأسلحتهم المشروعة بما في ذلك اللجوء للمجتمع الدولي وشرعيته وعدالته ... فالجريمة وإن كانت سياسية بامتياز، تتوفر على أبعاد جنائية وحقوقية لا يجوز بحال التفريط بها أو التسامح بشأنها. لقد أقام العالم الدنيا ولم يقعدها إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ودفعت دول ومنظمات أفدح الأثمان لمجرد "الظن" بتورطها، وقبل أن يبدأ التحقيق أو تصدر الأحكام النهائية ... وتبارت دولٌ وحكومات في الدعوة لإنشاء المحكمة الخاصة وتمويلها، وها هي تواصل عملها برعاية دولية كثيفة ... ياسر عرفات ليس أقل وزناً وقيمةً من الحريري، كان زعيما فلسطينيا وعربيا وإسلاميا قبل ان يقرر الحريري الالتحاق بالعمل السياسي وقبل أن تشهد الحريرية إرهاصات تشكلها الأولى. نعرف كيف يمكن لنفاق الغرب ومعاييره المزدوجة ان تعطّل مسعى الفلسطينيين للبحث عن الحقيقة والاقتصاص من المجرمين والقتلة ... نعرف نفوذ إسرائيل و"جماعاتها" في عواصم القرار الدولي ... ونعرف أن من بيننا من سيجادل بأهمية التطلع للأمام وعدم الارتهان لما حدث في ذلك اليوم الكئيب، وغالباً عن تخاذل وهوان ... لكننا نعرف أيضاً أن "ما ضاع حقٌ وراءه مُطالب" والشعب الفلسطيني الذي لم يفرط بحق استلب منه منذ قرن تقريباً، لن يفرط بحق ياسر عرفات عليه  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شهيداًشهيداً شهيداً شهيداًشهيداً شهيداً



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 20:10 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 20:02 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 19:58 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 19:56 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 19:51 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

GMT 19:49 2024 السبت ,25 أيار / مايو

حوارات إستراتيجية !

GMT 19:45 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«شرق 12»... تعددت الحكايات والحقيقة واحدة!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:00 2022 الأحد ,08 أيار / مايو

طرق ارتداء الأحذية المسطحة

GMT 07:11 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

المسحل ينسحب من الترشح لرئاسة اتحاد القدم

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 11:13 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب بحر إيجة جنوب غربي تركيا

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 12:25 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

أفضل العطور للنساء في صيف 2022

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 12:13 2024 السبت ,25 أيار / مايو

نانسي عجرم بإطلالات شبابية مرحة وحيوية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon