قبل المفاوضات وبعدها

قبل المفاوضات وبعدها

قبل المفاوضات وبعدها

 لبنان اليوم -

قبل المفاوضات وبعدها

عريب الرنتاوي

يستطيع من شاء من الفلسطينيين، قوى وفصائل وأفراد، أن يطعن في جدوى القرار الفلسطيني الالتحاق بمائدة المفاوضات المباشرة مع إسرائيل ... فالصفقة التي كشف جون كيري عن بعض بنودها، فيها من الاستعجال والالتباس و"ليّ العنق والذراع"، ما يجعلها عرضة للنقد والطعن ... فلا إسرائيل قبلت بمرجعية خط الرابع من حزيران أساساً لترسيم حدود "الدولتين"، ولا الاستيطان سيتوقف في كتله الكبرى والصغرى، أما الأسرى والمعتقلين، فمستقبلهم رهن بحسابات الأمن وحساسيات القضاء الإسرائيليين. ومن دون انتقاص من أهمية وخطورة قرار المشاركة (أو عدم المشاركة) في المفاوضات، فإنه ليس من المنطق والمصلحة، أن يُختزل الجدل الفلسطيني في هذه النقطة وحولها فحسب ... لقد جرّب الفلسطينيون سنوات ثلاث أو أزيد قليلاً، من انقطاع المفاوضات الرسمية على أقل تقدير، فما الذي تحقق لهم ... وما الذي فعلوه خلال هذه الفترة، لرفع كلفة الاحتلال وردم الفجوة في موازين القوى ... ما الذي أنجزوه في مقاومة الجدار والاستيطان ... ما الذي تحقق من مشروع المقاومة الشعبية ... دع عنك حكاية المصالحة والوحدة الوطنيتين. وبعد أسبوع من الآن، ستكون مائدة المفاوضات قد التأمت من جديد ... على الأرض، لا شيء سيتغير جوهرياً ... إسرائيل ستواصل استيطانها الزاحف وجدار الفصل العنصري، سيواصل التفافه كالثعبان حول أعناق الفلسطينيين وأرزاقهم ... وعمليات تهويد القدس والسطو على مقدساتها، ستستمر بالضد من كل الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة ... أما "الحساب الختامي" لفترة التفاوض المقدرة بستة إلى تسعة أشهر، فسيكون حافلاً بأعداد المستوطنين والوحدات الاستيطانية الجديدة التي سيتم غرسها على أرض الفلسطينيين وفي صدورهم. لا يكفي أن ترفض المفاوضات لكي تكون قد وضعت قدماً على الطريق القويم ... رفض المفاوضات، إن لم يقترن باستراتيجية بديلة، من شأنه فقط، تمديد حالة الانتظار والترقب التي يعيشها الشعب الفلسطيني، فيما أرضه وحقوقه ومقدساته، تفر من بين بنانه ... واستئناف المفاوضات قد يوفر فرص عمل لمفاوضين "متبطلين" لا أكثر، إن لم يقترن باستراتيجية حشد أوراق القوة وعناصر الضغط على الجانب الآخر. المفاوضات في نهاية المطاف، ليست سوى "تفصيل"، ينبغي إدراجه في سياق استراتيجية وطنية أبعد وأشمل ... استراتيجية تنهض على قاعدة الإيمان العميق، بضرورة بناء وتفعيل عناصر القوة والاقتدار عند الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية الحيّة ... استراتيجية تجعل من "المفاوضات"، قراراً تكتيكياً، يمكن اتخاذه في الاتجاهين، قبولاً أو رفضاً، وفقا لمقتضيات المصلحة الوطنية العليا. على أية حال، سيدخل الفلسطينيون في مارثون تفاوضي جديد، وطويل نسبياً ... والأرجح أن مصائر هذه الجولة التفاوضية لن تكون مختلفة عمّا سبقها من جولات ... لكن وبحسابات الربح والخسارة، فإنه يتعين على القيادة الفلسطينية، التي قبلت طائعة أو مرغمة بـ"صفقة كيري"، أن تعمل ما في وسعها، لتقليل حجم الأضرار الناجمة عن قرارها الدخول في مفاوضات مع إسرائيل ... وأحسب أن استئناف مساعي المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية، تقف في طليعة الأولويات الفلسطينية، التي يتعين التعاطي معها ومن دون إبطاء أو تأجيل ... فلا يجوز بحال، أن يُترك هذا الملف إلى ما بعد انتهاء جولات التفاوض مع الإسرائيليين ... كما لا يجوز التعويل على أثر التطورات الإقليمية على مشروع المصالحة، حيث تنتعش الرهانات عند البعض، بأن مآلات هذه التطورات، لن تصب في صالح حماس. كما أن استئناف المفاوضات، عن رغبة أو كره، يجب أن يكون محفزاً لتطوير مختلف أشكال المقاومة الشعبية ضد الاستيطان والجدار والتهويد الزاحف للقدس، لا سبباً في وقفها أو إماتتها ... فالسلطة التي أخفقت دبلوماسيتها التفاوضية في انتزاع الموافقة الإسرائيلية على تجميد الاستيطان، عليها أن تدرك أن المقاومة الشعبية وحدها، هي من سيملي على إسرائيل وقف سياسات الاستيطان والتوسع، توطئة لتفكيك المستوطنات والبؤر الاستيطانية. ولا يجوز بحال من الأحوال، أن تركن السلطة إلى مائدة المفاوضات التي يجري إعدادها في واشنطن، وأن تلقي بكل أوراقها عليها ... فالمعركة مع الاحتلال والعدوان والاستيطان، لها ادواتها وميادينها، التي لا يجوز أسقاط أي منها قبل المفاوضات وبعدها. نقلا عن مركز القدس للدراسات السياسة 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبل المفاوضات وبعدها قبل المفاوضات وبعدها



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon