عن رجل شجاع اسمه نهيان بن مبارك

عن رجل شجاع اسمه نهيان بن مبارك...

عن رجل شجاع اسمه نهيان بن مبارك...

 لبنان اليوم -

عن رجل شجاع اسمه نهيان بن مبارك

خيرالله خيرالله

هناك نوعان من الدول في المنطقة. هناك من يستثمر في المستقبل وهناك من يصرّ على البقاء في اسر الماضي...حتى لو كان ذلك يعني البقاء في اسر  التزمت الديني والمذهبي والعرقي. مثل هذه الدول تتحكم بها انظمة معيّنة تعتقد ان هناك مسلمات  لا يمكن المسّ بها وذلك خشية اثارة المؤسسات المتخلفة، وهي دينية وغير دينية، تدعم كلّ ما من شأنه جعل المواطن عاجزا عن التعاطي مع ما يدور في العالم. الاهمّ من ذلك كله ان رهان الحكام في مثل هذه الدول هو على ابقاء الشعب جاهلا وتابعا للغرائز التي تتحكم به، خصوصا الغرائز الدينية التي ليست سوى رديف للجهل، وذلك بغية تسهيل عملية التحكّم به. ينسى هؤلاء الحكام، او يتجاهلون عن سابق تصوّر وتصميم، ان العالم يشهد حاليا تطورات سمحت بحصول الثورة التكنولوجية التي تجتاح القارات الخمس، فيما العرب في معظمهم يتفرّجون. هل مسموح للعربي الوقوف موقف المتفرّج فتفوته المشاركة في الثورة التكنولوجية، او حتى الاستفادة منها، تماما كما حصل ابان الثورة الصناعية التي غيّرت وجه العالم، خصوصا اوروبا ومجتمعاتها وبشّرت بعصر النهضة؟ الملفت أنّه لم تكن للعرب يوما اي علاقة بالثورة الصناعية لا من قريب ولا بعيد. هذا المشهد يتكرر حاليا مع الثورة التكنولوجية حيث غياب كلّ سنة عن الانضمام اليها، يزيد الهوة القائمة بين العالم والمجتمعات العربية ما يزيد على عشر سنوات...في اقلّ تقدير. من حسن الحظ أنّ هناك بين العرب من لا يزال يؤمن بأن لا مجال لاضاعة الوقت. من بين هؤلاء، المسؤولون في دولة الامارات العربية المتحدة الذين يمتلكون جرأة قول كلام، مقرون بافعال، لا يقوله غيرهم. مثل هذا الكلام المقرون بالافعال لا يتجرأ كثيرون الى التطرق اليه نظرا الى انه يسمي الاشياء باسمائها. لعلّ افضل من يعبر عن هذا الاتجاه، الهادف الى ردم الهوة مع الثورة التكنولوجية، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان الذي كان الى ما قبل ايّام وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي في الامارات. بقي الشيخ نهيان في هذا الموقع سنوات عدة قبل ان يتولى حديثا حقيبة الثقافة والشباب. يقول الشيخ نهيان في حديث اجرته معه اخيرا صحيفة "نيويورك تايمز" ونشر في "الهيرالد تريبيون" يوم الاثنين الماضي كلاما لا يمكن المرور عليه مرور الكرام. انه كلام طليعي في غاية الاهمية يشير الى وجود عقلية مختلفة في تلك المنطقة من العالم العربي. يقول الشيخ نهيان صراحة مثلا ان بلاده تشدد على التعليم باللغة الانكليزية. لا يخشى من قول ان "الامر لا يتعلّق بفقدان الثقة بلغتنا (العربية) التي هي موضع فخر وطني بالنسبة الينا. ولكن على المرء ان يكون واقعيا، هذا عصر اللغة الانكليزية. ان الانتقال الى اللغة الانكليزية سمح لها بالاستعانة بافضل الاساتذة في العالم وليس فقط في العالم الذي يتكلم العربية". تطرق الشيخ نهيان الى مستوى التعليم، اي الى مستوى البرامج والى اساتذة من استراليا وبريطانيا والولايات المتحدة يدرّسون في الامارات والى توزيع اربعة عشر الف جهاز "ايباد" دفعة واحدة في المؤسسات التعليمية الاماراتية من اجل ان يكون الطلاب والهيئة التعليمية متفاعلين مع ما يدور في العالم. يعترف الشيخ نهيان بالمشكلة الكبرى التي واجهتها الامارات في الماضي والمتمثلة بـ"الاساتذة". يقول ان اعتماد الانكليزية سمح بتجاوز هذه المشكلة "اذ كنا في الماضي مجبرين على الاستعانة باساتذة لا يمتلكون، بالضرورة، الكفاءة اللازمة من بلدان مثل مصر. الآن، صار في استطاعة الامارات الاتيان بافضل الاساتذة وتطبيق البرامج الاكثر تطورا. هناك قيادة واعية تعرف ماذا تريد وماذا لا تريد. ما تريده هو "التركيز على اقامة اقتصاد مبني على المعرفة". هذا ما يقوله الشيخ نهيان مضيفا:"اننا نستثمر في شعبنا الذي سيأخذ اقتصادنا ومجتمعنا الى امام". وما لا تريده القيادة الاماراتية هو نشر الجهل في اوساط الشعب عن طريق انظمة تربوية بالية تجعل المواطن يقع فريسة الغوغاء عن طريق اساتذة من الاخوان المسلمين، من اشباه الاميين وما شابه ذلك، يرفضون الاعتراف بأن العالم تغيّر وانه يتغيّر باسرع بكثير مما يتصورون. على هامش الحوار الذي اجرته "نيويورك تايمز" مع الشيخ نهيان، لا بدّ من الاشارة الى امرين في غاية الاهمية. الامر الاوّل ان تعلم لغة اجنبية واتقانها يساعدان في امتلاك اللغة العربية بطريقة افضل، بل ان ذلك مصدر غنى لمن يعرف العربية وللغة العربية نفسها. الامر الآخر أنّ صاحب ايّ اختصاص من اي نوع كان، اكان رجل اعمال او مصرفي او طبيب او مهندس او محام، لا يستطيع التقدم من دون امتلاك لغة اجنبية تسمح باجراء مزيد من الابحاث. انها ابحاث في مجالات تهمّ بلدا مثل الامارات كالطاقة والطاقة البديلة وادارة الموارد ومصادر المياه... لا يختلف اثنان ان الطبيب الذي لا يجري ابحاثا، يظل يراوح مكانه. مع الوقت لا تعود هناك قيمة لشهادته. مثل هذه الابحاث موجودة في اكثريتها الساحقة بالانكليزية. حتى الفرنسيون يحتاجون الى الانكليزية ، ولذلك نجدهم يقبلون عليها. الخيار واضح كلّ الوضوح انه بين التقدم والتخلّف. التقدّم يحتاج اول ما يحتاج الى جرأة الاعتراف بأنّ هناك ما نريد ان نتعلمه من العالم بدل الاستسلام للشعارات والخرافات وترديد اننا اصحاب حضارة مجيدة. نعم، نحن اصحاب حضارة قديمة مجيدة. ولكن ماذا فعلنا عندما جاءت الثورة الصناعية؟ ماذا نفعل الآن في عصر الثورة التكنولوجية؟ هل نكتفي بأن نكون مجرّد متلقّين، ام ننتقل الى الاستثمار في الانسان، اي في التربية والتعليم والبرامج التربوية قبل أيّ شيء آخر؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن رجل شجاع اسمه نهيان بن مبارك عن رجل شجاع اسمه نهيان بن مبارك



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon