القوة الناعمة بين فؤاد حداد وحياة الفهد

القوة الناعمة: بين فؤاد حداد وحياة الفهد!

القوة الناعمة: بين فؤاد حداد وحياة الفهد!

 لبنان اليوم -

القوة الناعمة بين فؤاد حداد وحياة الفهد

هاني حبيب
بقلم : هاني حبيب

إثر هزيمة حزيران 1967 أصدر الشاعر المصري من أصل شامي كما يقول فؤاد حداد عن نفسه ديواناً يحمل عنوان "من نور الخيال وصنع الأجيال في تاريخ القاهرة". مضمون الأشعار لا يقلل من تأثيرات الهزيمة على الشعوب العربية، لكنها بالمقابل ترى فيها جولة في معركة طويلة لا بد لها أن تنتهي إلاّ بالانتصار، وما يهمنا في هذه الفترة بالذات الإشارة إلى أنّ هذا الديوان يتضمن إحدى أهم القصائد التي تتغنى بالبعد القومي العربي للقضية الفلسطينية وهي القصيدة التي تغنى بها السيد مكاوي "الأرض بتتكلم عربي" والتي اعتبرها النقاد نبوءة الشاعر التي مهدّت لحرب أكتوبر / تشرين الأول عام 1973 في حين اعتبرها البعض أنها توجت انتماء العرب لقوميتهم وأثرت في الشارع العربي أكثر من كافة خطابات القادة العرب حول القومية العربية بما فيها خطابات جمال عبد الناصر، ما يشير إلى أنّ الأدب باعتباره شكلاً من أشكال القوة الناعمة قادر على تأصيل الأمة إلى قوميتها ودلالة على تأثيرها في التمسك بالقيم الأصيلة رغم الهزيمة وتأثيراتها.

ورداً على اجتياح جنود الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى، أصدر فؤاد حداد ديواناً يجمع فيه قصائده من دواوينه السابقة حول فلسطين تصدرته القصيدة التي يقول فيها: ولا في قلبي ولا عينيّا إلاّ فلسطين، وأنا العطشان مليش مية إلا فلسطين، ولا تشيل أرض رجليّا وتنقل خطوتي الجاية إلاّ فلسطين. وهي كذلك ما تغنى بها الموسيقار سيّد مكاوي.ربما القليل منا يعرف أن الشاعر فؤاد حداد تغنى بأشعاره بانتصار أكتوبر - تشرين الأول 1973، إلاّ أنه مع ذلك استدرك محذراً ومتخوفاً من نتائج هذه الحرب، عندما يقول "في الجو بذر استعماري خايف ينبت على حدودي" إلاّ أنّ الموت عاجل الشاعر، ولو ظل حياً ربما لاستدرك مجدداً ذلك أن البذر الاستعماري لم ينبت على الحدود، كما جاء في قصيدته بل في قلب داخل هذه الحدود العربية ذاتها.

ولعلّ أبرز تعبير عن هذه البذور الاستعمارية التي نبتت داخل البيت العربي وفي غرفة نومه تحديداً كان من خلال بعض المسلسلات التي تبث خلال شهر رمضان الجاري في سياق مد درامي تطبيعي تجاوز كل ما سبق من خطوات تطبيعية على المستوى المتعلق بالقوة الناعمة، فالتطبيع الرسمي من قبل بعض الأنظمة العربية لم يتحوّل على الإطلاق تطبيعاً شعبياً، فشلت الاتفاقات الرسمية مع الاحتلال الاسرائيلي في تطبيع الوجدان العربي للقبول بدولة الاحتلال، وظلت الشعوب تحارب هذا التطبيع وتواجهه بكل السبل. صحيح أنّ العلَم الاسرائيلي رفع في بعض العواصم العربية من خلال مؤتمرات ومباريات، إلاّ أنّ ذلك لم يؤثر على صلابة الموقف الشعبي العربي في مواجهة التطبيع، وعلينا أن نعترف أنّ استخدام الدراما كقوة ناعمة في هذا السياق يشكل الخطر الأكبر الداهم، متجاوزاً كل ما سبق من خطوات تطبيعية مع الاحتلال، كون هذه القوة الناعمة تتوجه متسللة إلى الأفراد والجماعات فرداً فرداً وجماعة جماعة، مستخدمةً كل أدوات التضليل الدرامي والتزييف التاريخي لتسويق أفكار المؤسسة السياسية، وتشكل اختراقاً خطيراً للوعي العربي بالقضية الفلسطينية عبر تضليل ممنهج سلس ومحفّز لتشويه قضية فلسطين ومقاومة شعبها وانتمائها العربي، واحتيالاً منظماً على مجموعة القيم العربية الأصيلة التي ظلت تضع فلسطين في جوهر اهتماماتها والدفاع عنها وعن شعبها المقاوم.

والفارق بين نموذج فؤاد حداد، وغيره العديد من الشعراء والأدباء الذين لم يتساوقوا مع الهزيمة بل واجهوها وتحدوها مع آمال بانتصار قادم، أمّا مسلسلات "أم هارون" و"مخرج 7" وأبطالهما حياة الفهد وناصر القصبي فتشكلّ سقوطاً قيمياً وأخلاقياً لأبعد الحدود ليس لأنها اخترقت الوعي العربي، أو حاولت فحسب، ولكن لأنها اختلقت الأحداث وزيفت التاريخ لهدف تضليل المتلقي، واصطفت إلى جانب الرواية الصهيونية، لتسويق رؤية للتطبيع ولاجتياح المجتمع العربي في قيمه وأصالته.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

نتنياهو: من رئاسة الحكومة.. إلى رئاسة الدولة!

لوائح الاتهام "المفترضة" ضد نتنياهو !

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القوة الناعمة بين فؤاد حداد وحياة الفهد القوة الناعمة بين فؤاد حداد وحياة الفهد



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:03 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

العالم على موعد مع أول "تريليونير" في التاريخ خلال 10 سنوات

GMT 06:56 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أخطاء تجنبيها للظهور بصورة أنيقة ليلة رأس السنة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon