المسلسلات في خدمة أي سياسة

المسلسلات في خدمة أي سياسة

المسلسلات في خدمة أي سياسة

 لبنان اليوم -

المسلسلات في خدمة أي سياسة

مهند عبد الحميد
بقلم : مهند عبد الحميد

مسلسلا «مخرج 7» و»أم هارون» مسلسلان عربيان أثارا جدلاً صاخباً على مواقع النت وبخاصة وسائل التواصل الاجتماعي بالرغم من الأعباء التي طرحها فيروس كورونا.كان العنوان الرئيس للنقاش قبول التطبيع مع دولة الاحتلال الاسرائيلي أو رفضه، والعنوان الثاني هو الوجه الآخر للعنوان الأول وجاء بصيغة الاستمرار في دعم الدول والشعوب العربية للقضية الفلسطينية، أو تراجعها عن الدعم.اتجاهان توسطهما اتجاه توفيقي حاول مصالحتهما بالتخفيف من طبيعة الخلاف وبضرورة التقييم الفني للمسلسلات قبل السياسي، وانتظار اكتمال الحلقات حتى يكون التقييم موضوعيا، هذا الاتجاه تستر على الخلاف أو أضفى غموضا عليه ما أضعف الحوار وهبط بمستواه.

لا يمكن فصل الفن والثقافة عن السياسة وتحولاتها، تلك بديهة من الصعب القفز عنها.وعندما نكون بصدد السياسة فإن المطروح بقوة راهنا هو «صفقة القرن» التي تلتزم الحل الاسرائيلي الاستعماري للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. والذي باتت بنوده مطروحة في العلن وهي شطب قضية اللاجئين، وضم مدينة القدس واعتمادها عاصمة موحدة لدولة اسرائيل، وضم الأغوار والمستوطنات، وفرض السيادة الاسرائيلية غرب نهر الأردن، وفرض نظام ابارتهايد «فصل عنصري» على المدن والمخيمات والقرى وتحويلها الى بنتوستونات اسوأ بما لا يقاس من التي كانت قائمة في جنوب افريقيا. ولا يمانع أصحاب الصفقة في تسميتها «دولة فلسطينية» لتسهيل قبول دول عربية بها، كما لم يغفل مهندسو الصفقة عن تقديم إغراءات مالية خادعة هي في واقع الحال كانت تدفع بمعدلاتها السنوية قبل الصفقة.

هذه هي السياسة المطروحة للقبول أو الرفض. والتفاوض على التطبيق استنادا للأسس التي وضعها الفريق الأميركي الإسرائيلي المتطرف والمنوه عنها (القدس واللاجئين والضم والسيادة والاستيطان). هذه هي السياسة المطروحة للحسم قبولا أو رفضا أو تغييرا للأسس بالكامل، كاستبدال الأطماع الاستعمارية الإسرائيلية الأميركية بالحلول المنسجمة مع القانون الدولي والملتزمة بقرارات الشرعية الدولية وبحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتحرره من الاحتلال دون وصاية أو تدخل.

ما يحدث الآن هو نوع من الاستقطاب الدولي والإقليمي والعربي حول واحد من الحلين: حل تصفية القضية الفلسطينية عبر صفقة القرن، أو الحل العادل لها.والاستقطاب بين الحلين لا يكون بالخلط بينهما أو تأييد حل بالشكل والذهاب إلى نقيضه في الواقع. على سبيل المثال هناك رفض عربي للصفقة رسميا، وفي الوقت نفسه هناك تعاطٍ عملي معها، التعاطي أخذ شكل الانفتاح والتعاون الاقتصادي والأمني والثقافي - يعني التطبيع -  مع إسرائيل التي استبدلت سلامها مع الشعب الفلسطيني وتهربت من استحقاقاته التي تتلخص بإنهاء الاحتلال، بالسلام مع دول عربية مع بقاء الاحتلال وحكم شعب آخر بنظام الابارتهايد، التعاون هنا، يأتي مع دولة استعمارية دينية عنصرية متطرفة ترفض السلام الحقيقي، فضلا عن كونها تعيش أزمة حكم. التعاون الثقافي هو الذي يحاول خلق رأي عام عربي مؤيد لاسرائيل كما هي أي بصورتها الاستعمارية العنصرية القبيحة.

إن طرح قضية اليهود في الدول العربية كمجموعة دينية تعرضت للاضطهاد والتمييز والبحث في سبل تجاوز الأخطاء التي ارتكبتها بعض الدول العربية لا غبار عليه مبدئيا. ولكن من غير المعقول أن تكون الاستفاقة جزئية وانتقائية، فهناك تمييز وظلم سابق وراهن مورس ويمارس ضد المسيحيين، وضد الأكراد والأمازيغ وهناك تمييز وظلم ضد النساء في كل المجتمعات العربية، وهناك تمييز وظلم ضد اللاجئين والبدون جنسية رغم مرور عقود وعقود والتمييز يشمل أيضا العاملين في كثير من البلدان العربية.

ما أود قوله إن كل تصويب للظلم والتمييز ضد ما ذكر بما في ذلك اليهود يستحق التقدير والدعم والإسناد.وعندما نكون بصدد تسوية المسألة اليهودية ضمن امتدادها العربي، لا يمكن فصل هذه القضية عن التطهير العرقي والجرائم التي يندى لها جبين البشرية الذي مارسته الحركة الصهيونية وجيشها في فلسطين، وهذا لا يعني تبرير المواقف العدائية ضد اليهود بما حدث في فلسطين بل من زاوية موقف الرفض المبدئي لحل المسألة اليهودية وأي قضية أخرى على حساب شعب آخر، أو معالجة الهولوكوست الذي  تعرض له اليهود بصناعة كارثة للشعب الفلسطيني. من جهة اخرى لا يمكن التغاضي عن عمليات سلخ اليهود عن شعوبهم ودولهم العربية دون التوقف عند حقيقة ما جرى.

حيث لم يتعرض اليهود للاضطهاد أو التمييز في البلدان العربية في عهد الدولة الإسلامية الإموية والعباسية والعثمانية وفي عهود أخرى. ولكن في مرحلة قيام دولة إسرائيل، تعرض اليهود للمضايقات، فقد سحبت الجنسية العراقية على سبيل المثال من اليهود كي يغادروا العراق ويلتحقوا بالمشروع الصهيوني، وتعرض بعض من معابدهم ومتاجرهم للحرق في مصر والعراق كي يغادروا ويلتحقوا بالمشروع الصهيوني كملاذ وحيد وإجباري.
كما لا يمكن تجاهل سياسة سلخ اليهود في الدول العربية عن شعوبهم ودولهم وثقافتهم وهويتهم. بعد أن كانوا جزءا من تلك الشعوب ومن أحزابها الداعية للتغيير وكانوا جزءا من الفعاليات المهنية والاقتصادية والثقافية .
لماذا عملت الحركة الصهيونية بشكل منهجي منظم على عملية السلخ الإرغامي وفرضت عليهم الانتقال من حالة التعايش والشراكة إلى حالة العداء والكراهية والتعصب؟ من المسؤول عن ذلك غير الحركة الصهيونية وأنظمة عربية وحركات دينية متعصبة. ثم هل نسلم لليهود بقومية على أساس الدين، بمعنى هل نسلم برؤية الحركة الصهيونية لحل المسألة اليهودية على أساس ديني حصري وفي سياق استعماري.

ولماذا لا تكون الديانة اليهودية كما الإسلام والمسيحية ديانة مستقلة عن الانتماء للدولة التي تضم الجميع بمعزل عن الانتماءات الدينية والعرقية. وهو الحل الجذري الذي طرحته الحركة الوطنية الفلسطينية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.السؤال الذي يفترض طرحه على الاتجاهات العربية المندفعة نحو التطبيع مع اسرائيل. هل تقبلون  بعلاقة مع دولة محتلة استعمارية تمارس التمييز العنصري وتدوس على القانون الدولي وقرارات الشرعية والاتفاقات والمعاهدات الدولية التي لها صلة بالصراعات وبحقوق الانسان وعلاقة الشعوب مع بعضها البعض في الحرب والسلم؟ هل تقبلون الصداقة مع دولة ابارتهايد؟ ام ان  هناك شروطا ومعايير للعلاقة لا مناص من طرحها ومطالبة الدولة المتمردة بالالتزام بها.

إن عدم وضع شروط يعني القبول بالعلاقة مع تلك الدولة كما هي. والقبول في هذه الحالة يعني مكافأة لها وتشجيعا لها على تمردها وانتهاكاتها وتعصبها.إذا قلبنا المعادلة ودققنا بالاسرائيليين واليهود في العالم ممن يعترفون بالحقوق الفلسطينية ويطالبون بالمساواة، ويرفضون الاحتلال والابارتهايد والسيطرة الاستعمارية على شعب آخر، هؤلاء يساهمون في صنع السلام كشركاء وفي حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وهم على النقيض من بعض من  نشاهدهم على النت، وقد توحدوا مع المعتدي بشكل مزرٍ وهابط. لا نخشى من هؤلاء، فالقضية الفلسطينية أكبر بعد أن اصبحت جزءا لا يتجزأ من مكونات الكفاح العالمي ضد التوحش والحرب والنهب والهيمنة والعنصرية.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

مغزى الحرب على «سيداو»

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسلسلات في خدمة أي سياسة المسلسلات في خدمة أي سياسة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:04 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:28 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

هالة سرحان سفيرة معرض أبوظبي الدولي للكتاب

GMT 00:49 2023 الخميس ,27 إبريل / نيسان

موديلات حقائب بأحجام كبيرة

GMT 21:55 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس الاتحاد التونسي للطائرة يعلن تأجيل نهائي الكأس

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 20:09 2021 الإثنين ,26 تموز / يوليو

مهرجان الرقص في دورته الثانية في صور

GMT 17:08 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

ربيع سفياني يكشف أسباب تألقه مع التعاون

GMT 07:11 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

المسحل ينسحب من الترشح لرئاسة اتحاد القدم

GMT 10:12 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أدعية مستجابة للنجاح في الامتحان

GMT 08:00 2022 الأحد ,08 أيار / مايو

طرق ارتداء الأحذية المسطحة

GMT 10:57 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

تأثير الألوان في الموضة وأهميتها

GMT 20:08 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon