قلق ديبلوماسي مشروع من أحداث الجبل

قلق ديبلوماسي "مشروع" من أحداث الجبل

قلق ديبلوماسي "مشروع" من أحداث الجبل

 لبنان اليوم -

قلق ديبلوماسي مشروع من أحداث الجبل

جورج شاهين
بقلم : جورج شاهين

لا يخفي عدد من الديبلوماسيين، وفي مقدمهم عرب وخليجيون، أنهم مكلفون مراقبة كل شاردة وواردة في لبنان، فالوضع فيه تحت المجهر، والمهمة رصد أيّ تطور يمسّ بالتفاهم الدولي العريض الذي شكّل «المظلة الآمنة» لتحييد لبنان عن محيطه المتفجّر، وضمان سياسة «النأي بالنفس» التي تعهّدت الحكومة بها. فما هي اهتمامات البعض منهم؟ وما هي الحصيلة؟
ليس مفاجئاً أن يكشف أحد السفراء أنّ الوضع اللبناني تحت المجهر الدولي في أكثر من مجال وقطاع، فكل ما يجري على الساحة اللبنانيّة متشابك الى درجة عالية من التعقيد. والسفراء المعتمدون في لبنان يدركون حجم التعقيدات. والتطورات النقدية والمالية والإقتصادية رهن القرارات السياسية، فكلما اهتزت هذه التفاهمات يتردد صداها في هذه القطاعات من دون القدرة على الحؤول دون ذلك إن أراد أحدهم الفصل فيها.

ولذلك يعترف الديبلوماسيون الغربيون أنّ نسبة اهتماماتهم بالوضع في لبنان لم تتبدل، فدولهم التي جددّت قبل عام وثلاثة اشهر الثقة بالدولة اللبنانية ومؤسساتها بعقد مؤتمرات «بروكسل 2» للنازحين و»روما 2» لدعم الجيش والقوى العسكرية والأمنية، و»سيدر» لمواجهة الوضع الإقتصادي، لم تكن تترقّب أن يتعامل لبنان مع هذه المؤتمرات بإهمال التعهدات للقيام بالإصلاحات الضروريّة الماليّة والإداريّة من أجل ملاقاة المستثمرين من مؤسسات دوليّة وإقليميّة مانحة.

ويبرّر الديبلوماسيون ملاحظاتهم القاسية بالإشارة الى مرور الأشهر الستة الأولى من السنة من دون بت الموازنة ولا تنفيذ بعض القرارات التي اتخذت للتخفيف عن كاهل الإدارة العامة واعبائها المالية على الخزينة العامة، وتقليص خدمة الدين العام ومكافحة التهرب الضريبي. ولا توصلت الحكومة الى إثبات حسن النية في إمكان تسوية الأوضاع في قطاعي الكهرباء والمياه والنفايات. ولا قدرتها على تطبيق القوانين التي أقرّت لمزيد من الشفافيّة والحق في الوصول الى المعلومات.

وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة لا يتردد الديبلوماسيون في الإشارة الى أنّ المؤسسات العسكرية بقيت وحدها على الوعد المقطوع، سواء بالسهر على ضبط الوضع الأمني في الداخل والسعي الى تجنيب البلاد خضّات يمكن أن يتسبب بها الإحتقان السياسي الداخلي نتيجة الخلافات على تفسير الدستور وحجم الصلاحيات، أو تلبية مطالب العمال والمتقاعدين الإجتماعية، أو على صعيد مواجهة الإرهاب وحماية الحدود ومنع تهريب الممنوعات وتطبيق ما قضت به القرارات الدولية.

والى هذه الأسباب التي تستجر الدعم الأوروبي والأميركي وبعض المؤسسات الدولية بقي لبنان تحت مجهر الدول الخليجية أيضاً. فهي التي بادرت بعد فترة من التريّث الى تحسين علاقاتها بلبنان في الأشهر القليلة الماضية ودعم المجتمع المدني. فالمؤسسات الإجتماعية والإنسانية والخدماتية التي أنشأتها السفارات العربية والخليجية في لبنان تجاهلت المؤسسات الرسمية، وراحت تتعامل مباشرة مع مؤسسات محلية أو صديقة لتنفيذ بعض المشاريع الإنمائية والإنسانية المتصلة بخدمة النازحين السوريين ومساعدتهم، كما مساعدة المجتمعات المضيفة. ولذلك صار السفراء العرب ومندوبوهم كممثلي الهيئة العليا للإغاثة يجولون في مخيمات النازحين والمناطق المضيفة ويرفعون الستارة عن المشاريع ويوزعون المساعدات في مناسبة الأعياد او في غير مناسبات.

وهذه الملاحظات ذكرها أكثر من سفير خليجي، فعبّر أحدهم عن الصدمة من بعض المواقف التي اطلقت من حرب اليمن وأحداث الفجيرة عشية عيد الفطر السعيد، فيما كانت بلاده اتخذت مباردات متتالية كفكّ الحظر عن مواطنيها للاستثمار في لبنان وتمضية فرص الأعياد وفصل الصيف فيه. ما أدى الى أن تراجعت نسبة الزوار وأُلغيت حجوزات عدة، وزادت أحداث الجبل في الطين بلة بوقوعها على ابواب هذا الموسم وفي عمق مناطق الإصطياف التي يقصدها العرب، ففرملت تحركاتهم وقلصت برامجهم وتحولوا الى دول أخرى فتعاظم عدد المتردّدين عن زيارة لبنان.

كما عبّر السفير عن القلق من أحداث الجبل وتوقف عند سلسلة من المؤشرات التي تزيد قلق دول الخليج ومخاوفها. فهي تخشى أن يكون لبنان هدفاً للنظام السوري لزرع القلاقل. وفيما كان البعض يدقق بهوية المتورطين في أحداث «الأحد الدامي» والتثبّت من انتماء بعضهم الى «سرايا المقاومة»، جاء التأكيد من بعلشميه عندما لفت رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» الأمير طلال أرسلان في نعيه أحد الضحايا الى المهمات التي نفّذها مع رفاق له في المعارك التي دارت في سوريا فلم يعد هناك مجال للشكوك لديهم.

على هذه الخلفيات، لا يمكن إخفاء القلق الغربي والعربي مما يجري في لبنان، وإن كان لكل منهم أسبابه الموجبة. وهو ما يرفع نسبة المسؤولية على أهل الحكم والحكومة لتجاوز المرحلة الصعبة وتدارك مخاطرها سعياً الى إعادة إنتظام العمل في المؤسسات، وخصوصاً استعادة الحكومة دورها الطبيعي، فالمحطات كبيرة والإستحقاقات اكبر ممّا يتصوره ساعٍ الى مصلحة آنية أو الى إنتصارٍ مرحلي ووهمي. فإذا استمر الوضع على حاله سيكون الجميع على لائحة الخاسرين ولبنان بكل مؤسساته في المقدمة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلق ديبلوماسي مشروع من أحداث الجبل قلق ديبلوماسي مشروع من أحداث الجبل



GMT 17:40 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... الانهيار أو الجمهورية الثالثة

GMT 10:39 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسباب التضييق على لبنان

GMT 10:37 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

صوت واحد بلهجات كثيرة

GMT 10:22 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يهبّ «حزب الله» لإنقاذ عهده

GMT 20:25 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

لم تعد القوات الأميركية قضية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 20:01 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط تعاقب رئيس الشباب بغرامة 20 ألف ريال

GMT 19:43 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

لجنة الانضباط تعاقب المصري حسين السيد

GMT 15:30 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

لؤي ناظر يكشف أسباب تراجع النتائج ورحيل بيلتش

GMT 03:49 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

هوساوي يكشف أسباب اعتزاله عن "الوحدة"

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

باهبري يحقق رقم مميز في تاريخ المنتخب السعودي

GMT 22:13 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

استقالة جماعية لمجلس إدارة عين مليلة

GMT 04:41 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

سلمى رشيد تتألق بعباءة حرير في آخر ظهور لها

GMT 16:11 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

براد جونز يكشّف أسباب تراجع نتائج "النصر"

GMT 22:37 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

تعافي زيدان مدرب ريال مدريد من فيروس كورونا

GMT 01:46 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

هدفان يحفظان ماء وجه الأجانب في الدوري السوداني

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 20:44 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

الدوري السعودي يشهد إقالة 15مدربًا هذا الموسم

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 16 أبريل / نيسان 2024
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon