عندما يهبّ «حزب الله» لإنقاذ عهده

عندما يهبّ «حزب الله» لإنقاذ عهده

عندما يهبّ «حزب الله» لإنقاذ عهده

 لبنان اليوم -

عندما يهبّ «حزب الله» لإنقاذ عهده

خير الله خير الله
بقلم : خير الله خير الله

أكثر من طبيعي ان يهبّ «حزب الله» الى انقاذ عهده. ليس خطاب حسن نصرالله الأخير سوى دفاع عن هذا العهد تخلّله اتهامات الى اللبنانيين المشاركين في الثورة الشعبية بخدمة جهات اجنبية. ليس اندساس عناصر من الحزب بين المتظاهرين في وسط بيروت والاعتداء عليهم سوى دليل على وجود خطة تستهدف اجهاض الثورة الشعبية التي يشهدها لبنان والتي ادّت الى تغيير في التوازن السياسي القائم.

كان افضل تعبير عن هذا التوازن القائم، الذي تبدّل جذريا، تمكّن «حزب الله» من تعطيل دور مجلس النوّاب سنتين ونصف سنة من اجل فرض مرشّحه لرئاسة الجمهورية. نسي الحزب انّ رقعة الثورة اتسعت وانّها ليست محصورة بوسط بيروت الذي لديه حقد ليس بعده حقد عليه نظرا الى انّه يرمز الى مكان للتلاقي بين اللبنانيين من كلّ المناطق والمذاهب والطوائف والطبقات الاجتماعية والى كلّ ما هو حضاري في لبنان...

هناك واقع تغيّر في لبنان. لا يستطيع «حزب الله» القبول بتغيير الواقع الذي عمل جاهدا من اجل فرضه وتكريسه ليس عبر «العهد القويّ» فحسب، بل عبر انتخابات نيابية بموجب قانون عجيب غريب أيضا فرضه على اللبنانيين ثم عبر حكومة لديه فيها ثلاثة وزراء، فضلا بالطبع عن الوزراء الثلاثة الآخرين المنتمين الى حركة «امل». هناك حصر للتمثيل الشيعي في «حزب الله» و«امل» في حين هناك خرق لكلّ الطوائف الأخرى حيث التعددية تبدو مطلوبة، من وجهة نظر الحزب التابع لإيران طبعا.

سيكون السؤال في المرحلة المقبلة، خصوصا في ظلّ انكشاف وجود معارضة شيعية حقيقية لكلّ ما يمثّله «حزب الله»، هل سيتمكن اللبنانيون من ترجمة التغيير في التوازن السياسي القائم على صعيد تشكيل حكومة جديدة مختلفة كلّيا عن الحكومة الحالية؟ هل يستطيع «حزب الله» منع التغيير بالقوّة على غرار ما حصل في ايران في العام 2009 وما حصل ويحصل في العراق هذه الايّام؟

الأكيد ان حسن نصرالله الذي يعتبر «العهد القويّ» عهده لا يمكن ان يقبل بذلك، خصوصا ان احد الشعارات القليلة التي لديها معان عميقة هو شعار «كلّن يعني كلّن». أي لا استثناء للامين العام لـ«حزب الله» ولا تحييد له لدى الشكوى مما يعاني منه لبنان من مصائب وكوارث وفساد، بكلّ ما في كلمة فساد من معنى، بسبب سلوك الطبقة السياسية.

ليس سرّا ان الحزب الذي أراد، ولا يزال يريد، المتاجرة بلبنان واللبنانيين واهل الجنوب خصوصا، يتحمّل جزءا كبيرا من مسؤولية وصول الوضع اللبناني الى الهاوية. ففي بلد مثل لبنان، ليس طبيعيا الاتيان باسوأ اللبنانيين من عديمي الاختصاص الى مواقع وزارية مهمّة. لا يمكن بالطبع التعميم. لكنّ معظم الوزراء في الحكومة الحالية، المطلوب استقالتها، لا يمتلكون مؤهلات تسمح لهم بان يكونوا في مواقعهم. هذا ما سمح به «حزب الله» وفرضه على اللبنانيين بقوّة سلاحه غير الشرعي في ما يمكن وصفه بتتمّة لفرض رئيس جمهورية معيّن على اللبنانيين في حال كان مطلوبا تفادي الفراغ الرئاسي. ذهب نصرالله في العام 2016 في لعبة الابتزاز الى النهاية. امّا ان يكون مرشحه رئيسا للجمهورية... او لا رئيس للجمهورية في لبنان!

يمكن النظر الى ما يدور في لبنان من زاويتين مختلفتين. الاولى ان لا امل بتغيير كبير في ضوء قدرة «حزب الله» على الدفاع عن المكاسب التي حقّقها والتي جعلت جبران باسيل وزير الخارجية ورئيس «التيّار الوطني الحر» يطالب من القاهرة بعودة سوريا الى «الحضن العربي». تجاهل باسيل ان النظام السوري مسؤول عن قتل ما يزيد على نصف مليون من مواطنيه وعن تشريد ما يزيد على ستة ملايين سوري، بين الداخل والخارج، في اقلّ تقدير.

اكثر من ذلك، اصرّ يوم الثالث عشر من تشرين الاوّل – أكتوبر، ذكرى دخول الجيش السوري قصر بعبدا ووزارة الدفاع اللبنانية في اليرزة، على الإعلان عن زيارة له لدمشق قريبا. كان يعتذر من قاتل الجنود والضباط اللبنانيين يوم الثالث عشر من تشرين الاوّل – أكتوبر 1990. كان في الواقع يؤكّد ان «حزب الله» هو صاحب الكلمة الاولى والأخيرة في لبنان وانّه ضابط إيقاع السياستين الداخلية والخارجية للبلد.

أمّا الزاوية الاخرى التي يمكن النظر من خلالها الى ما يدور في لبنان، فهي زاوية مختلفة جدّا مرتبطة اساسا بقدرة «حزب الله» على الدفاع عن عهده. سيكون صعبا عليه تنفيذ هذه المهمّة على الرغم من كلّ ما يمتلكه من سلاح ورجال. هذا عائد أساسا الى عوامل عدّة من بينها التململ الشيعي على كلّ المستويات من جهة وبداية وعي لخطورة ما يشكلّه الحزب على مستقبل كل شيعي لبناني من جهة أخرى. بكلام أوضح، صار كلّ شيعي لبناني تحت المجهر عربيا ودوليا بسبب «حزب الله» ولا احد آخر غير «حزب الله». كذلك، يشعر الشيعي اللبناني بانّه غير مرحّب به في ايّ دولة عربية، إضافة الى صعوبة حصوله على تأشيرة تسمح له بالسفر الى ايّ بلد كان.

تسبب «حزب الله»، بصفة كونه أداة إيرانية، بمصائب لحقت بالشيعة اوّلا وبكلّ لبناني طبعا. بكلام أوضح، تحوّل «حزب الله» الى عبء على كلّ لبناني وذلك بحجّة انّه «مقاومة». تبيّن مع مرور وقت ان «المقاومة» تعني شيئا واحدا هو نشر البؤس في لبنان والحاقه بايران. هذا كلّ ما في الامر في ظلّ إصرار على عزل لبنان عن محيطه العربي والإصرار على الدفاع عن ايران ومشروعها.

ليس مستبعدا ان تشهد الايّام القليلة المقبلة مزيدا من الاعتداءات على المتظاهرين تنفّذها عناصر من «حزب الله». لكنّ هذه الاعتداءات التي لا هدف لها سوى تأكيد التوازن السياسي القائم منذ العام 2016 تصطدم بما تشهده الأرض اللبنانية حيث انتفاضة شيعية واضحة على «حزب الله» بكلّ ما يمثله.

ليس ما شهدته النبطية وكفرّمان وصور وبعلبك وغيرها من المدن والبلدات حدثا عابرا. ما شهدته مناطق شيعية وسنّية ودرزية ومسيحية يمثّل تحوّلا عميقا في الوعي اللبناني يصعب على «حزب الله» التقاطه، بل التقطه ولا يدري اخذ العلم بحصوله نظرا الى ان ذلك يؤكد فشله على كلّ صعيد. انّه حزب يعيش في عالم خاص به. يرفض تصديق انّ لا احد يأخذ شعاراته على محمل الجدّ في بلد اظهر شعبه من اقصى شماله الى اقصى جنوبه انّه متعلّق بثقافة الحياة وليس بثقافة الموت التي ينادي بها... وليس مجرّد ورقة تستخدم في اطار المشروع التوسّعي الايراني الذي لا همّ له سوى نشر البؤس والتخلّف حيثما حلّت ميليشياته!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يهبّ «حزب الله» لإنقاذ عهده عندما يهبّ «حزب الله» لإنقاذ عهده



GMT 17:40 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... الانهيار أو الجمهورية الثالثة

GMT 10:39 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسباب التضييق على لبنان

GMT 10:37 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

صوت واحد بلهجات كثيرة

GMT 20:25 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

لم تعد القوات الأميركية قضية

GMT 20:15 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

السباق المصري مع الزمن

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 20:00 2022 الإثنين ,21 شباط / فبراير

فيراري تزيل النقاب عن أقوى إصداراتها

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 22:15 2021 الخميس ,04 آذار/ مارس

طريقة عمل طاجن العدس الاصفر بالدجاج

GMT 19:09 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

تنانير عصرية مناسبة للربيع

GMT 17:07 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

"جاسوس الحسناوات" انتهك خصوصية 200 ضحية

GMT 15:04 2023 الأحد ,07 أيار / مايو

الأطفال في لبنان بقبضة العنف والانحراف

GMT 06:16 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

ناعومي كامبل تخطف الأنظار في حفل "فوغ"

GMT 13:10 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon