بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
تفيد «استراتيجية الأمن القومي» الجديدة التى أصدرتها إدارة الرئيس ترامب فى آخر نوفمبر الماضى فى تفسير التصعيد المتزايد ضد فنزويلا. ونجد هذا التفسير فى طريقة ترتيب أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.
فقد تصدرت قضية الأمن الداخلى والحدود، التى تشمل الهجرة وتهريب المخدرات وما إلى ذلك, هذه الأولويات. وجاءت بعدها منطقة نصف الكرة الغربى التى توجد فيها منطقة أمريكا اللاتينية وبحر الكاريبي. وتفيد هذه الإستراتيجية, التى جاءت بأولويات جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية, أن إدارة ترامب ستعمل من أجل إبقاء نصف الكرة الغربى مستقرًا وقادرًا على منع الهجرة الجماعية إلى الولايات المتحدة، والتعاون ضد الكارتلات والجريمة العابرة للحدود، وإبعاد أى وجود أو نفوذ معاد, وعدم التهاون فى مواجهة ما باتت واشنطن تعده أهم أولوياتها فى عهد إدارة ترامب.
وإذ تتهم هذه الإدارة نظام الرئيس مادورو فى فنزويلا بتشجيع الجريمة العابرة للحدود، وخاصةً تهريب المخدرات، وإيجاد نقاط ارتكاز لوجود إيرانى فى المنطقة، يصبح التصعيد ضدها مفهومًا فى ضوء «استراتيجية الأمن القومي» الجديدة التى تشير أيضًا إلى ما تُسميه «ملحق ترامب لمبدأ مونرو».
ومما يعد جديدًا فى هذه الاستراتيجية أيضًا أن الصين لم تعد تُعتبر التهديد الرئيسى أو التحدى الأكبر والأكثر أهمية، بخلاف الحال فى استراتيجيات الأعوام السابقة. فالصين، فى هذه الاستراتيجية، منافس اقتصادى وشريك تجارى وأحد أسباب هشاشة سلاسل الإمداد.
وأقصى ما توصف به أنها قوة ينبغى العمل لمنعها من تحقيق الهيمنة الإقليمية. ولا يفوت معدو الاستراتيجية فى هذا المقام مطالبة الحلفاء الآسيويين بزيادة إنفاقهم العسكرى والقيام بدور أكبر بكثير فى الدفاع المشترك لمواجهة مساعى الهيمنة الصينية. أما الشرق الأوسط فتكتفى الاستراتيجية الجديدة بأن المصلحة الأمريكية فيه تقتضى منع أية قوة معادية من الهيمنة على المنطقة ومواردها.
وإلى ذلك فلعل أهم ما يميز هذه الاستراتيجية أنها «منزوعة الأيديولوجيا». فلا توجد بها أية إشارة إلى صراع الديمقراطية ضد الاستبداد بخلاف الاستراتيجيات السابقة.