مصر والسعودية  اهتمامات مشتركة

مصر والسعودية .. اهتمامات مشتركة

مصر والسعودية .. اهتمامات مشتركة

 لبنان اليوم -

مصر والسعودية  اهتمامات مشتركة

بقلم : مكرم محمد أحمد

لا نعرف على وجه التحديد متى أدرك المصريون علاقتهم بالسعوديين، لكننا نعرف على وجه اليقين أن البحر الأحمر لم يكن أبداً عائقاً أمام عبور المصريين الذين كانوا يملكون أنواعاً من الفُلك حملتهم إلى بلاد بونت فى الصومال يجلبون لمعابدهم البخور من هناك، وكذلك نعرف أن ملاحى الجزيرة وصلوا إلى مدينة ممباسا على المحيط الهندى قبل أن يصل إليها البرتغاليون، وأن العلاقات بين مصر والسعودية قديمة قدم الأزل وقدم الحياة، وثمة ما يؤكد أنها علاقات أزلية شأنها شأن علاقات مصر والسودان وعلاقات مصر مع ليبيا والفلسطينيين، وأن ما يربط الشعبين المصرى والسعودى كان دائماً الود المتبادل والمصلحة المشتركة وحسن الجوار، وأنهما يتحملان فى كثير من الفترات التاريخية المسئولية المشتركة عن أحوال عالمهم العربى والإسلامي.

نعرف أيضاً حجم المحاولات التى بذلها البعض خارج المنطقة وداخلها للإيقاع بين الشعبين لكن البلدين كانا يملكان من الحكمة ورجاحة العقل ما حفظ لهذه العلاقات ديمومتها واستمرارها، وتؤكد كل الشواهد أن السعودية ومصر مؤهلتان فى المرحلة المقبلة للإبحار بعلاقاتهما صوب المصلحة العربية العليا والمشتركة، وأن إنقاذ عالمنا العربى من أزمته الراهنة رهن بجهود مصر والسعودية من أجل استعادة وحدة الصف والتضامن العربى وتعزيز سبل العمل العربى المشترك، وأظن أن الدولتين دخلتا تجارب صعبة مشتركة كان يمكن أن تشكل خطراً على الشعبين لكنهما اجتازتا بنجاح بالغ هذا الاختبار الشاق، عندما أعادت مصر الدولة جزيرتى تيران وصنافير اللتين كانتا بالفعل وديعتين لدى مصر منذ أيام الراحل الملك عبدالعزيز، رغم ما شاب الأمر من خلط شديد فى الأوراق والعواطف كادت تضيع بسببه الحقيقة، وإذا كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت أخيراً قرارها القاطع بأن ما فعله السيسى كان صحيحاً مائة فى المائة، فذلك لا يقلل من قيمة قرار السيسى الذى مَلك شجاعة اتخاذ القرار فى هذا الوقت العصيب ردت مصر الجزيرتين عن طيب خاطر، لأن الجزيرتين كانتا بالفعل أمانة ووديعة لدى مصر كما تقول كل الوثائق التاريخية، وسواء كانت الجزيرتان على هذه الدرجة من الأهمية لأمن مصر القومى أم أن الأمر قد تغير فى ظل تكنولوجيا الحرب المتقدمة فإن جوهر القضية بالنسبة لمصر والسيسى ما هو سند الملكية الصحيح، وهل يُقر بالفعل أن الجزيرتين سعوديتان، وأن الحق ينبغى أن يعود لأصحابه طوعاً.

وما من شك فى أن هذا الموقف الطوعى الذى اختارته مصر الدولة قد أقام جسوراً من الثقة المتبادلة تكاد تجعل البلدين بلداً واحداً، أمن واحد ومصير مشترك ومصلحة واحدة تربط بينهما للأبد، وبدافع هذه الروح فكرت السعودية فى إقامة الجسر الذى يربط مصالح البلدين بطريق برى ربما كان الأفضل لمصر أن يتجاوز منطقة شرم الشيخ حفاظاً على مدينة شرم.

ولأن ولى العهد السعودى محمد بن سلمان يعتقد أن تحديث الدولة السعودية بات ضرورة ذات أولوية مطلقة يشمل المرأة والشباب والتعليم ومجالات عمل كثيرة ينبغى أن تتصدر الاهتمام العربى أهمها بحوث تحلية مياه البحر لتعويض النقص الفادح فى المياه وحسن معالجة قضايا المناخ بما تنطوى عليه من مخاطر الجفاف، وهذا الاهتمام يفرض نفسه على الرئيس عبدالفتاح السيسى فى عدد من الأولويات المهمة على رأسها الحاجة المتزايدة إلى استخدام تكنولوجيات متطورة لتحلية مياه البحر ومعالجة النقص الفادح فى معدلات المياه بسبب التزايد السكانى المتواصل، والأمر المؤكد أن تعاوناً مصرياً سعودياً على تطوير عملية تحلية مياه البحر هو السبيل الأمثل لمواجهة مشكلات نقص المياه فى عالمنا العربى . وربما لا يقل أهمية عن ذلك تطوير البنية الأساسية المشتركة للعالم العربى والربط الجيد بين موانيه وطرقه البرية والبحرية بما يعزز التجارة البينية العربية التى لا تزال عند حدود لم تصل إلى 10 فى المائة، رغم أن التجارة البينية العربية يمكن أن تكون عاملاً مهماً فى تزايد معدلات التنمية بين دول الجنوب، وبين دول القارة الإفريقية والعالم العربي، وثمة مشروعات إستراتيجية يمكن أن تغير وجه الحياة فى عالمنا الثالث آن أوان مخاطبتها مثل مشروع تحويل نهر النيل إلى أداة وصل تجارى بين دول جنوب القارة الإفريقية وشمالها، ومشروع إحياء سكك حديد الحجاز لأن زيادة معدلات التجارة البينية بين العرب تتطلب شبكة مترابطة من مشروعات البنية الأساسية التى تحقق تنمية وعمران العالم العربي، وأظن أن الشعار الذى ينبغى التركيز عليه فى المرحلة المقبلة هو التنمية المتكافئة التى تعود بالخير على الجميع بما يجعل العالم العربى قادراً على تحقيق الجودة والمنافسة فى سوق مفتوحة تخدم مصالح الجميع.

المصدر : جريدة الأهرام

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والسعودية  اهتمامات مشتركة مصر والسعودية  اهتمامات مشتركة



GMT 13:50 2024 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مفتاح جنوب البحر

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

أحلام فترة النقاهة!

GMT 20:53 2024 الجمعة ,15 آذار/ مارس

دولة طبيعية

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 17:35 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

المشير والمشيرون

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 19:02 2021 الثلاثاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

النجمة يخرج العهد من كأس لبنان

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران

GMT 15:33 2021 الإثنين ,05 تموز / يوليو

46 حالة جديدة من متحوّر “دلتا” في لبنان

GMT 18:30 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مالك مكتبي يعود بموسم جديد من "أحمر بالخط العريض"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon