أعاد سجن مؤثر جزائري في فرنسا إلى الواجهة مجدداً ملف الهجرة غير النظامية، خاصة في ظل تزامنه مع توتر العلاقات السياسية بين الجزائر وباريس.وتعود القضية إلى توقيف المؤثر الجزائري مهدي.ب، المعروف بلقب "الوطواط" على منصة "تيك توك"، والذي يتابعه نحو 1.5 مليون شخص، عقب تداول مقطع فيديو يظهر فيه وهو يوجه شتائم لعناصر الشرطة الفرنسية في باريس، ويتحدث بنبرة وصفها البعض بالمازحة عن الاعتداء عليهم.
فسرعان ما تحولت الواقعة إلى قضية رأي عام في فرنسا، خصوصا بعد إعلان وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونيز، عن ترحيل المؤثر إلى الجزائر.
كما فتحت وسائل الإعلام الفرنسية، إلى جانب سياسيين ومحللين، باب التكهن باندلاع أزمة جديدة بين الجزائر وباريس، في ظل عودة ملف المهاجرين غير النظاميين إلى الواجهة مع كل انسداد سياسي بين البلدين.
في هذا السياق، قال النائب السابق عن الجالية الجزائرية، نور الدين بلمداح، إن "ملف الهجرة غير النظامية في فرنسا يُعاد طرحه غالبًا كأداة سياسية تُستعمل كورقة انتخابية، أكثر منه قضية إنسانية أو اجتماعية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقة التي يفتعل اليمين المتطرف تعقيدها مع الجزائر".
وأضاف رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية سابقا، بالمجلس الشعبي الوطني الجزائري أن "فرنسا غالبا ما توظف هذا الملف تحت ضغط الداخل وصعود خطاب اليمين لإظهار الحزم وأحيانا لممارسة ضغط غير مباشر على دول المصدر". وأشار إلى أن "مصادقة البرلمان الجزائري على قانون يجرّم الاستعمار، والذي طال انتظاره بعد فشل محاولات سابقة، زادت من حساسية هذا الظرف".
كما أوضح أن "هذا القانون أعاد فتح ملف الذاكرة من زاوية سيادية وقانونية، ما أزعج التيارات المتشددة في فرنسا رمزيا وسياسيا"، مضيفاً أنه "في هذا الإطار يمكن فهم تضخيم قضية توقيف مؤثر جزائري وتحويلها إلى قضية رأي عام، مع تدخل وزارة الداخلية الفرنسية، باعتبارها رسالة موجهة للرأي العام الداخلي قبل أن تكون خطوة ضغط دبلوماسي مباشر".
وحسب بلمداح، فإن "فرنسا قد تستعمل ملف المهاجرين غير النظاميين كورقة ضغط ظرفية، لكن تأثيرها يبقى محدودا فكل أوراق الضغط التي استعملتها فرنسا مع الجزائر لم تجد نفعا أمام صلابة الموقف الجزائري وأحقيته، خاصة أن المصالح الاستراتيجية بين البلديين أعمق من أن تختزل في هذا الملف أما جوهر التوتر الحقيقي، فيكمن في ملف الذاكرة والاستعمار وما سيليه و ليس في الهجرة بحد ذاتها".
من جانبه، قال أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، العيد زغلامي، "للعربية.نت"، إن "قضية توقيف المؤثر مهدي، كما قدمتها بعض وسائل الإعلام الفرنسية المحسوبة على اليمين واليمين المتطرف بأنه شتم للشرطة، يمكن وضعها في إطار قضائي بحت".
وأوضح في حديثه "المسألة لا تتعلق بمهدي في حد ذاته، بل بحملة إعلامية متواصلة تشنها بعض وسائل الإعلام الفرنسية ضد الجزائر ومواقفها السياسية، مضيفا "لا يعتقد أن الجزائر ستنخرط في الرد على هذه الحملات، لأن التوتر بين البلدين بات يأخذ أبعادا سياسية واقتصادية واجتماعية وتاريخية أوسع".
كذلك أضاف زغلامي "الأمر تجاوز قضايا الجزائريين المقيمين بطريقة غير قانونيية، فهو افتعال من وسائل الإعلام الفرنسية، فما نلاحظه اليوم أن العلاقات الجزائرية الفرنسية أخذت منحنى آخر، بالمصادقة على قانون تجريم الاستعمار الفرنسي الذي يعتبر ضربة رمزية للطرف الآخر، فالمسؤولون الفرنسيون ردوا بطريقة غير إيجابية، من ذلك تصريح وزير الخارجية الفرنسية بأن الخطوة عدائية ضد فرنسا، وهذا غير صحيح، لأن الاستعمار هو تاريخ".
وبالعودة إلى قضية المقيمين بطريقة غير قانونية في فرنسا، فقال "موقف الجزائر واضح، إذ على فرنسا الحصول على الترخيص عن طريق القنوات الدبلوماسية وهذا لم يحدث، فكل حادثة لها علاقة بالجزائر ستوظفها أطراف في الحملات الانتخابية المسبقة".
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك