شرطة وأمن من دون سلاح

شرطة وأمن من دون سلاح

شرطة وأمن من دون سلاح

 لبنان اليوم -

شرطة وأمن من دون سلاح

جهاد الخازن

 دخل ديبلوماسي زائر يتكلم العربية الفصحى فقط مخفراً في جنوب سورية، خلال رحلة سياحية، وطلب أن يحدث بالهاتف سفارة بلاده. الشاويش رفض وقال له أن يفتش على هاتف للاتصال في مكان آخر. الزائر رد: إنه لأمر عجيب. وغضب الشاويش وقال له: شو عجيب وْلا؟ شو عجيب؟

كان الرجل يحكي لي ما حدث، وقلت معلقاً لماذا لم يصر على المهاتفة من المخفر طالما انه دبلوماسي. رد الرجل أن صفته لا تفيد وهناك في المخفر خمسة رجال شرطة والكل مسلح.

ربما كنت كتبت هذه القصة قبل سنوات، إلا أنها عادت إليّ وأنا أقرأ تحقيقاً قصيراً في جريدة أميركية يقول إن في العالم خمس دول رجال الشرطة فيها لا يحملون سلاحاً، هي بريطانيا وإيرلندا والنروج وأيسلندا ونيوزيلندا، وإن هناك 16 من الدول الجزر في المحيط الهادي لا تحمل الشرطة فيها أي سلاح.

في لبنان، عندما كنت صغيراً إذا رأيت شرطياً أنتقل إلى الرصيف الآخر. وكبرت وأصبحت إذا رأيت شرطياً «أزرِّر» الجاكيت ثم أنتقل الى الرصيف الآخر. وفوجئت بأن الشرطة في لندن لا تحمل سلاحاً، فزالت رغبتي في الانتقال الى الرصيف الآخر خوفاً أو احتراماً.

أغرب من عدم حمل الشرطة السلاح أن أقرأ أن ثلث سكان أيسلندا يحملون السلاح والشرطة غير مسلحة، وهو وضع غير مفهوم لأن أيسلندا أفلست تماماً بعد أزمة 2008 ولا سبب لحمل أي مواطن هناك السلاح طالما أنه لم يبقَ شيء يستحق السرقة.

في غرابة ما سبق أن الشرطة في إرلندا لا تدرَّب على حمل السلاح، ومع ذلك فأرقام قرأتها تظهِر أن نسبة الجريمة بأنواعها في إرلندا أقل منها في غالبية دول العالم.

ربما كان سبب عدم حمل سلاح اعتقاد الدول المعنية أن السلاح يخيف المواطن والزائر، وأن كل الناس على جانب من الطيبة فلا تحتاج الشرطة معهم الى حمل سلاح. أقول إن كل إنسان يعتقد الطيبة في كل الناس يثبت أنه لا يعرف كل الناس.

عندي صديق لاحظ أن جرائم كثيرة يرتكبها جياع أو مشردون، وهو اقترح أن يأكل الجياع المشردين فتهبط نسبة الجرائم كثيراً. أنا أقترح أن يأكل الجياع الأثرياء، فهؤلاء هم اللصوص في كل بلد.

في أميركا الشرطة تحمل كل أنواع الأسلحة كأنها تخوض حرباً. ورأيت مرة في مخفر أميركي، إن لم تخني الذاكرة، دعاية ضد شرب الخمرة وقيادة السيارة تقول: عشرة في المئة من كل حوادث السير سببه الخمر. وقلت في سري إن هذا يعني أن 90 في المئة من حوادث السير يرتكبه ناس لم يعاقروا الخمر. أفضل من ذلك شعار في مخفر دخلته في جدة هو: إذا جاءك خصم وقد فقئت عينه لا تحكم له، فلعل خصمه قد فقئت عيناه.

وجدت هذا القول وكلمات تختلف في واحد عنها في الآخر، مثل: إذا أتاك، و: حتى تسمع من الآخر، و: فربما جاءك خصمه، إلا أن الكل اتفق على أن العدالة تقتضي الاستماع الى الخصمَيْن قبل الحكم لأحدهما على الآخر.

نحن الآن في القرن الحادي والعشرين، وأنا أقيم في لندن والشرطة لا تخيفني، كما لا تخيف الذي سأله شرطي بريطاني: أين كنت بين الرابعة والسادسة؟ ورد ساخراً: في المدرسة الابتدائية.

هذا في بلادهم، أما في بلادنا فقد اعتقِل رجل وُجِدَ وهو ينهال ضرباً وركلاً على رجل آخر. وفي مخفر الشرطة وجهوا الى المعتدي تهمة انتحال صفة شرطي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرطة وأمن من دون سلاح شرطة وأمن من دون سلاح



GMT 19:59 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 19:58 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 19:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 19:56 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 19:55 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجيير الهزيمة

GMT 19:53 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والخطر على الهوية الوطنية والسياسية

GMT 19:52 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا... «أطلس» يُحجّم ومونرو يُقدّم

GMT 19:51 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

الهجرة إلى التاريخ في زمن الهزائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 09:49 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

عطور تُناسب عروس موسم ربيع وصيف 2022

GMT 16:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لتناول غذاء صحي ومتوازن في أماكن العمل

GMT 03:47 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل الاتفاق على الرقابة المصرفية لمنطقة اليورو

GMT 05:56 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية الأردني: سنعالج ملف العمالة الوافدة كلها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon