دفن ملك إنكليزي بعد 500 سنة

دفن ملك إنكليزي بعد 500 سنة

دفن ملك إنكليزي بعد 500 سنة

 لبنان اليوم -

دفن ملك إنكليزي بعد 500 سنة

جهاد الخازن

أكتب وقد دُفِن الملك ريتشارد الثالث في كاتـــدرائية مدينة ليستر بعد أكثر من 500 سنة على قتله في معركة حقل بوزوورث، ما أدى إلى صعـــود أسرة تيودور إلى الملك وصولاً إلى أسرة وندسور والملكة اليزابيث الثانية اليوم.

كنت صغيراً قرأت مسرحية شكسبير «ريتشارد الثالث»، ونسيت التفاصيل كلها باستثناء أن المسرحية تصوره كمجرم حرب، وأن الملك وقد أحسّ بأن نهايته اقتربت هتف ببيت من الشعر ربما كان بين أشهر ما قيل بالإنكليزية هو: حصان، حصان، مملكتي مقابل حصان.

بعد العثور على جثة ريتشارد الثالث في التراب تحت موقف سيارات في المدينة والتأكد من أنها جثته عبر الحمض النووي، قرأت مادة كثيرة عنه، خصوصاً في الأيام الأخيرة وبريطانيا تستعد لدفنه الرسمي، وقد غصّت شوارع ليستر بألوف المودعين.

هل كان ريتشارد الثالث شريراً؟ الأرجح ذلك، مع أن هناك جمعيات تحمل اسمه وتدافع عنه، وتقول إن التهم ضده مجرد إشاعات لا دليل ثابتاً عليها.

طبعاً الدليل القاطع من نوع تقبل به محكمة صعب، فالملك قتِل في 22/8/1485 قرب نهاية ما يسمّى في بريطانيا «حرب الزهور»، فقد كانت أسرتا لانكاستر وتيودور تنافسان على الملك والأولى شعارها وردة حمراء والثانية وردة بيضاء. المهم أن «حرب الزهور» استمرت من 1455 إلى 1487، وجاءت بعد نهاية حرب المئة سنة، إلا أن هذه قصة أخرى لا مكان لها هنا اليوم.

هنري تيودور انتصر وأخذ لنفسه اسم هنري السابع، وهو تزوج اليزابيث، ابنة الملك إدوارد الرابع ووحَّد فرعَي الأسرتين.

ريتشارد الثالث يظل شخصية تستحق العودة إليها إن في كتب التاريخ أو في مسرحية. هو مثّل أخاه الملك ادوارد الرابع في شمال إنكلترا، وكان عمله جيداً. غير أن ادوارد هذا توفي وترك ولي عهد هو ادوارد الخامس في الثانية عشرة وشقيقاً آخر أصغر سناً. خصوم ريتشارد الثالث يقولون إنه اغتصب الملك فولي العهد وشقيقه اختفيا، وغالبية من معاصري تلك الفترة يقولون إنه قتلهما وأخفى الجثتين.

أنصار ريتشارد الثالث يسألون ما الدليل؟ طبعاً لا دليل قاطعاً، إلا أنني مراقب من الخارج، وأرجح حجّة أعداء ريتشارد الثالث الذي بقي في الحكم سنتين أجرى فيهما إصلاحات إدارية لا ينكرها خصومه، قبل أن يُقتَل في تلك المعركة المشهورة.

قرأت أن قاتـــله يدعــى ريس آب توماس، وكان هذا من ملاكي الأراضي، ومن الموالين للملك. إلا أن الذي حــدث خلال معارك «حرب الزهور» أن طلــب الملك ابنــه الكبير رهينة عنده ليضمن ولاءه، وهو تقليـــد متَّبع في تلك الأيام. واعتبر آب توماس الطلب دليلاً على شك الملك في ولائه، وانتقــل إلى الجانب الآخر مع رجاله. ويبدو أنه قاد حوالي 1500 منهم في المعركة الأخيرة.

إذا كان ادوارد الثالث قتل ابنيّ أخيه، فقد نال عقــاباً مستحقاً لأن الباحثين وجدوا أن الـملك أصيــــب بطعنات من سيوف عدة، وريس آب توماس أصابه بضربة في رأسه قطعت جزءاً منه. ويبدو أن خصومه استمروا في طعنه بعد موته.

ما سبق تاريخ لتسلية قارئ هذه السطور الذي يجد أننا في عصور وسطى من صنعنا وأن القتل والتدمير من سمات الأمّة في القرن الحادي والعشرين، لا الخامس عشر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفن ملك إنكليزي بعد 500 سنة دفن ملك إنكليزي بعد 500 سنة



GMT 19:59 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 19:58 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 19:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 19:56 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 19:55 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجيير الهزيمة

GMT 19:53 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والخطر على الهوية الوطنية والسياسية

GMT 19:52 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا... «أطلس» يُحجّم ومونرو يُقدّم

GMT 19:51 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

الهجرة إلى التاريخ في زمن الهزائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 09:49 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

عطور تُناسب عروس موسم ربيع وصيف 2022

GMT 16:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لتناول غذاء صحي ومتوازن في أماكن العمل

GMT 03:47 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل الاتفاق على الرقابة المصرفية لمنطقة اليورو

GMT 05:56 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية الأردني: سنعالج ملف العمالة الوافدة كلها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon