الحظر الثالث للإخوان

الحظر الثالث للإخوان

الحظر الثالث للإخوان

 لبنان اليوم -

الحظر الثالث للإخوان

عريب الرنتاوي

الحكم الثالث بحظر جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لن ينهي الجماعة أبداً، بل قد يزيد في شعبيتها المؤسسة على خطاب "المظلومية" التاريخي الذي طالما أكسبها عطفاً ونفوذا ... الجماعة واجهت قرارين مماثلين على يد الملك فاروق (1948) والرئيس جمال عبد الناصر (1954)، من دون أن تختفي عن الساحة السياسية، أو تفقد قدرتها على البقاء و"المقاومة"، وصولاً إلى سدة الرئاسة والأغلبية البرلمانية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. النظام المصري الجديد، يدرك هذه الحقيقة تمام الإدراك، بيد أنه يستخدم "حكم القضاء المستعجل" لتحقيق أكثر من غرض، منها اثنان على سبيل المثال لا الحصر: (1) التلويح للجماعة بما يوجعها، أي مصادرة أموالها وشبكاتها الإنتاجية والتعليمية والاجتماعية والإغاثية ومشاريعها الرأسمالية، والتي تشكل الذراع الاقتصادي – الاجتماعي لها، أو البنية التحتية التي تنهض عليها، وهذه ورقة ضغط فعّالة في العادة، داخل مصر وخارجها ... (2) السعي في تعميق الجدل داخل الجماعة حول طبيعة الخطوة التالية التي يتعين عليها اتخاذها، وما إذا كان من الحكمة و"المصلحة" الاستمرار في رفع شعارات غير واقعية، من نوع عودة الرئيس مرسي والشورى والدستور، والجدل المطلوب تشجيعه مقصود له أن يذهب في كل الاتجاهات، جدل بين حمائم الجماعة وصقورها، جدل بين أجيالها المتعاقبة، وثمة ثلاثة أجيال تتعايش تحت سقف واحد في صفوفها، وجدل بين "ريف الجماعة" و"حواضرها". النظام المصري الجديد، أخذ علماً بالحكم القضائي، بيد أنه قرر ألا يحرك ساكناً بانتظار الأحكام القطعية، وهذا موقف يمكن تفسيره على وجهين: الأول، الرغبة في إبقاء طريق العودة إلى جادة المشاركة مفتوحة أمام الحركة الإسلامية، والإبقاء على شعرة معاوية معها ما أمكن ... والثاني، إدراك النظام بأن الحكم غير مبني على قاعدة حقوقية صلبة، ما يسهل الطعن فيه وإسقاطه، ولكن بعد أن تكون "الفأس قد وقعت في الرأس" كما يقال في المثل المصري الدارج. على أية حال، ليس الحل مع جماعة الإخوان المسلمين بحلها ... رغم أن الحكم بحظرها ليس نهائياً بعد، ويفتح الباب على عشرات الأسئلة والتساؤلات ... ومثلما أن الحلول الأمنية أثبتت عدم جدواها في التعامل مع تيارات الإسلام السياسي، فإن الأحكام القضائية "المستعجلة"، وأحياناً المُعدّة سلفاً، لم تكن يوماً وسيلة للخروج من مأزق، بل كانت هي المأزق بعينه، أو على تقدير، جزءاً منه ومظهراً من مظاهره. الحل سياسيٌ بامتياز، ينطلق من الإقرار بأن الجماعة مكوّن رئيس من مكونات المجتمع المصري، ولا بد من الاعتراف به والانفتاح عليه والسعي لإشراكه وتمثيله، رغم كل ما قيل أو يمكن أن يقال عن خطاب الجماعة وممارساتها ... لكن الحل في المقابل، كرقصة "التانغو"، بحاجة لشريكين اثنين، وهنا يتعين على الجماعة أن تؤدي قسطها الإيجابي حتى يصبح بمقدور "مركب المصالحة" أن يبحر في مياه النيل الهائجة، وعلى الجماعة أن تدرك أنها ليست فوق القانون، وكل من مارس من عناصرها وقادتها، جرماً بحق البلاد والعباد، يجب أن يخضع للمحاسبة والمساءلة، والمصالحة لا تجبُّ ما قبلها، ولا تسقط حقوق الدولة والأفراد والمؤسسات. لقد ارتكب الإخوان الكثير من الأخطاء والخطايا فترة حكمهم القصيرة لمصر، هذا أمرٌ لا يجادل به أحد، إذ حتى كثير من الإخوان يعترفون بذلك، ولقد أظهروا ضيقاً بالآخر، وميلاً للهيمنة والانفراد والتفرد، ما جعل فترة حكمهم القصيرة، عصيبة على بقية مكونات المجتمع المصري السياسية والاجتماعية ... لكن الرد على الهيمنة لا يكون بهيمنة معكوسة، والرد على الإقصاء ليس بالإقصاء ... أما وقد دانت السلطة لخصوم الإخوان ومجادليهم، فإن من واجبهم اليوم، أن يفعلوا ما لم يفعله نظام الرئيس محمد مرسي من قبل، كأن يبادروا إلى إطلاق المبادرات وبث رسائل الطمأنينة لكل أطراف العملية السياسية، وبالذات للإخوان المسلمين، في مسعى لاختصار فترة التنازع والتشاحن، واختزال آلام الانتقال السياسي بمصر نحو ضفاف الحرية والديمقراطية، وإلا نكون كمن استبدل نظاماً ديكتاتورياً بنظام ٍ شمولي، ثم عاد لتأسيس ديكتاتورية ثانية، وهذه لعمري، دائرة شريرة يتعين كسرها والخروج منها بأسرع وقت وأقل كلفة. نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحظر الثالث للإخوان الحظر الثالث للإخوان



GMT 20:10 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 20:02 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 19:58 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 19:56 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 19:51 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

GMT 19:49 2024 السبت ,25 أيار / مايو

حوارات إستراتيجية !

GMT 19:45 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«شرق 12»... تعددت الحكايات والحقيقة واحدة!

GMT 19:43 2024 السبت ,25 أيار / مايو

المحافظ في اللجنة

GMT 19:33 2022 السبت ,07 أيار / مايو

البنطلون الأبيض لإطلالة مريحة وأنيقة

GMT 15:44 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

اقتحام مقر وكالة الأنباء الليبية في طرابلس

GMT 04:50 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

أفضل وجهات شهر العسل بحسب شهور العام

GMT 22:16 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

نفايات مسترجعة من تونس تسبب أزمة في إيطاليا

GMT 05:37 2022 الإثنين ,20 حزيران / يونيو

رسالة من وزير السياحة اللبناني إلى بلدية الغبيري

GMT 13:07 2023 الإثنين ,20 شباط / فبراير

منى سلامة تطرّز الشوكولاته بحب والدتها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon