تمرد على نظام في مفترق طرق

تمرد على نظام في مفترق طرق

تمرد على نظام في مفترق طرق

 لبنان اليوم -

تمرد على نظام في مفترق طرق

حسن نافعة

«تمرد» هو الاسم الرسمى لمبادرة أطلقها شباب حركة «كفاية»، للقيام بحملة جمع توقيعات على بيان يطالب بسحب الثقة من الدكتور مرسى، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهى الحملة التى علمت بها، منذ لحظة انطلاقتها الأولى. فقد اتصل بى أحد أصدقائى من الأعضاء المؤسسين لحركة كفاية، وطلب أن نلتقى معا لبحث جدواها، وبعد مناقشة مستفيضة، أعلنت، دون تردد، ترحيبى بها وتحمسى لها، لأسباب أهمها: 1- أنها وسيلة سلمية، وبالتالى مشروعة، للتعبير عن رفض أسلوب حكم يقوم على إقصاء واستبعاد القوى التى صنعت الثورة، ويتبنى سياسات تتناقض تماما مع الأهداف التى تسعى لتحقيقها. 2- يمكن استخدامها كآلية لقياس مدى تجاوب الشعب مع مطالب قد يبدو سقفها عاليا بالنسبة للبعض، وللتعرف على مدى استعداد الجماهير لتبنى هذه المطالب، والدفاع عنها والتضحية من أجلها. 3- تشكل أداة مهمة للضغط على النظام القائم، وتضعه أمام مفترق طرق: فإما الدعوة لحوار وطنى جاد يلتزم الرئيس بتنفيذ ما قد يسفر عنه، ويضمنه الجيش، وإما القبول بالاحتكام مجددا للصندوق! جمع التوقيعات، كوسيلة للتعبير عن رفض سياسات، أو لرفع مطالب بعينها، ليس بدعة، فقد سبق استخدامها من جانب معظم حركات الاحتجاج التى ظهرت فى مصر مؤخرا، وكان أشهرها حملة جمع التوقيعات على مطالب الجمعية الوطنية للتغيير فى مواجهة النظام السابق، وشاركت فيها جماعة الإخوان المسلمين. وربما لا يعلم كثيرون أننى كنت شخصيا صاحب هذه الفكرة، وقمت بنفسى بصياغة المسَوَّدَة الأولى لبيان الجمعية الوطنية للتغيير، الذى جرى الاتفاق عليه مباشرة مع الدكتور محمد البرادعى، من خلال رسائل متبادلة معه عبر البريد الإلكترونى ما زلت أحتفظ بها. وأظن أننا ما زلنا نذكر كيف تحمس الشباب لهذه الحملة التى أصابت النظام السابق بالهلع، وأتمنى أن تتذكر جماعة الإخوان ما جرى فى تلك الأيام، وأن تتَّعظ به ومنه، فإن الذكرى تنفع المؤمنين. قد يقول قائل إن الفرق كبير بين نظام وصل رئيسه إلى السلطة بانتخابات حرة تمنحه حقا شرعيا فى ممارستها، لمدة أربع سنوات، وبين نظام سابق جثم على صدر البلاد لثلاثين عاما متتالية، عبر انتخابات مزورة، وكان يسعى لتوريثها لابنه، المحاط بمجموعة فاسدة من رجال الأعمال. ورغم تسليمنا بالمنطق الكامن وراء هذه الحجة، فإن الرد عليها سهل وبسيط، ويمكن تلخيصه فى النقاط التالية: 1- أن النظام السابق أسقطته ثورة من حق كل الذين ساهموا فيها، بمن فيهم الجماعة، أن يشتركوا معا فى بناء النظام البديل، وهو ما ليس متحَقَّقا الآن. 2- ليس من حق الجماعة سرقة ثورة لم تبادر هى بها، بحجة أن الصندوق قال كلمته، خصوصا أن الدكتور مرسى نجح بأصوات من خارج الجماعة، بل من خارج فصائل تيار الإسلام السياسى كله، وتعهَّد بأن يصبح رئيسا لكل المصريين، لكنه لم يف بما تعهد به. 3- لا يعطى الصندوق فى النظم الديمقراطية شيكا على بياض لأحد، وكما أن من حق البرلمان سحب الثقة من رئيس الحكومة فمن حق الشعب سحب الثقة من رئيس الدولة. وفى غياب آلية تتيح فى المرحلة الراهنة من مراحل تطور النظام السياسى المصرى سحب الثقة، حتى من رئيس الحكومة المعيَّن، لا توجد وسيلة أخرى سوى حملة من هذا النوع، لإظهار الاحتجاج على سياسات الرئيس، وللتعبئة ضده. 4- هناك مؤشرات على وجود مخطط لتقويض دعائم الدولة الوطنية المصرية يجرى تحت سمع وبصر الرئيس، تعكسه الدعاوى المطالِبة بتشكيل حرس ثورى ولجان شعبية ومحاكم شرعية.. إلخ، وتلك تطورات بالغة الخطورة، وتستدعى تحركا سريعا لمواجهتها. بقى أن نشير إلى حقيقة أساسية، وهى أن إجراء انتخابات مبكرة أسلوب تلجأ إليه كل النظم الديمقراطية، لحل أزمات سياسية قد تتعرض لها، بسبب انهيار الائتلافات أو التحالفات الحاكمة، وهو أمر يحدث كثيرا. لذا كنا نتمنى لو بادر الرئيس بنفسه بالدعوة إليها، لإعادة تأكيد شرعيته. وأظن أنه آن الأوان كى يدرك الدكتور مرسى أن التحالف الذى أتى به رئيسا قد انهار بالفعل، وبالتالى لم يعد أمامه سوى الاختيار بين أحد بديلين، لترميم هذه الشرعية المفقودة: حكومة وحدة وطنية تشاركه فى إعادة بناء مؤسسات النظام الجديد الذى يتعين إرساء قواعده بالتوافق، أو انتخابات رئاسية مبكرة. فالانتخابات الرئاسية المبكرة ليست انقلابا، وإنما عودة للاحتكام إلى الصندوق. المصري اليوم

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمرد على نظام في مفترق طرق تمرد على نظام في مفترق طرق



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 13:47 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 13:05 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon