لو كنت مكان المرشد العام

لو كنت مكان المرشد العام

لو كنت مكان المرشد العام

 لبنان اليوم -

لو كنت مكان المرشد العام

حسن نافعة

لقمت على الفور بتوجيه الدعوة إلى أعضاء مكتب الإرشاد، أو إلى جميع القيادات الإخوانية التى لم يتم إلقاء القبض عليها أو اعتقالها وحبسها على ذمة قضايا سياسية أو جنائية مختلفة، لحضور اجتماع عاجل يخصص لمناقشة الوضع السياسى والأمنى المتأزم فى مصر، ولبذلت كل ما فى وسعى لمحاولة إقناع الحضور بضرورة اتخاذ قرار فورى بفض الاعتصام فى ميدانى «رابعة العدوية» و«النهضة»، فالقائد الشجاع هو من يستطيع أن يميز بين المعركة والحرب، ويعرف متى يتعين عليه الاعتراف بالهزيمة فى معركة، حتى يحتفظ لنفسه بالأمل فى كسب الحرب فى نهاية المطاف. وفى تقديرى أن إصرار الجماعة على التمسك باستراتيجية الحد الأقصى، واعتماد «سياسة حافة الهاوية» التى تصر على أن تكسب كل شىء، حتى ولو انطوى ذلك على خطر المغامرة بخسارة كل شىء، هو قرار بالانتحار سوف يؤدى لا محالة إلى تهديد كيان الجماعة ككل، وتعريضها لخطر التفكك والانهيار التام، لذا أعتقد أن الحكمة تقضى باتخاذ قرار شجاع بالانسحاب تكتيكياً من ميدان المعركة، كى تستطيع الجماعة بعد ذلك أن تضمد جراحها وأن تعيد تنظيم صفوفها، بعد مراجعة أخطائها وتصحيح سياساتها، استعداداً للجولة التالية. كانت ثورة يناير قد أتاحت أمام جماعة الإخوان فرصة تاريخية ثمينة لتصبح هى رمانة الميزان فى النظام السياسى لمصر الجديدة، ولم يكن ذلك يتطلب من هذه الجماعة سوى أن تقنع بدور الشريك، للمساهمة مع القوى الأخرى التى فجرت الثورة أو ساهمت بدور كبير فى إنجاحها فى بناء نظام سياسى ديمقراطى يليق بمصر الجديدة، غير أن الإصرار على استبعاد وتهميش الآخرين، كى تنفرد وحدها بالهيمنة على مقاليد الدولة والمجتمع أفضى فى النهاية إلى تكتل جميع القوى ضدها، بما فيها تلك التى تمثلها شبكة المصالح المرتبطة بالنظام القديم، لتجد نفسها فى النهاية معزولة شعبيا ومحاصَرة فى ميدانى النهضة ورابعة العدوية، بعد أن خرجت من الحكم بثورة شعبية انحاز إليها الجيش وكل مؤسسات الدولة. هناك تيار متطرف، داخل الجماعة، يطالب باستمرار الاعتصام، ويزين لها أن الصمود فى ميدانى النهضة ورابعة كفيل باستعادة التعاطف الشعبى، وبإقناع العالم بأن ما حدث هو انقلاب عسكرى مرفوض شعبيا، ومن ثم يتعين كسره وهزيمته، لكن هذا التيار يتغافل وجود تيار مماثل، لا يقل تطرفا، داخل النظام الحاكم فى مصر الآن، يرى أن إصرار الجماعة على الاستمرار فى اعتصامها فى ميدانى النهضة ورابعة إلى أن يعود مرسى إلى الكرسى يتيح فرصة ذهبية لاستئصالها تماما، وإنهاء وجودها بضربة واحدة، ويعتقد أن هناك تيارا شعبيا كبيرا معاديا للجماعة، ولا يمانع فى توجيه ضربة قاصمة لها، ويبدو أن مصر باتت الآن محشورة بين هذين التيارين المتطرفين. لا أعتقد أن أياً من هذين التيارين المتطرفين، اللذين يصبان معاً فى اتجاه التصعيد والاستئصال المتبادل، سيخرج منتصرا من هذا الصدام الذى سيؤدى إلى إنهاك الجميع، وربما السقوط فى مستنقع العنف والعنف المضاد، فالإصرار على الصمود من جانب الإخوان، باستمرار الاعتصام فى ميدانى رابعة والنهضة، يقابله إصرار مماثل من جانب تيارات قوية، داخل النظام الحاكم، تطالب ليس فقط بإنهاء اعتصام الجماعة، حتى لو اضطرت أجهزة الدولة إلى استخدام القوة، وإنما أيضا بانتهاز الفرصة التى يتيحها عناد الجماعة لتوجيه ضربة قاصمة لها، وإخراجها نهائيا من المعادلة السياسية. وبينما تراهن الجماعة على لعب دور «الضحية»، كمخرج لها من المحنة التى سببتها لنفسها، يراهن الطرف الآخر على لعب دور «الجلاد»، كمخرج لتخليص المجتمع من ورم سرطانى يعتقد أنه لا حل له إلا بالجراحة والاستئصال. ولأننى أعتقد أن بحور الدم لن تؤدى إلا إلى تعقيد الأزمة أكثر بدلاً من حلها، أظن أن الحكمة تفرض على مرشد الإخوان وعلى مكتب الإرشاد أن يتخذا على الفور قراراً بفض الاعتصام طواعية، كما تقتضى من النظام الحاكم أن يمارس سياسة ضبط النفس، وألا يندفع وراء إغراء الاستخدام المفرط للقوة لفض أو إنهاء الاعتصام، لكن منذ متى كانت الحكمة نبراساً تهتدى به القوى السياسية؟ اللهم إنا لا نسألك رد القضاء، ولكن نسألك اللطف فيه. نقلا عن جريدة  المصري اليوم 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو كنت مكان المرشد العام لو كنت مكان المرشد العام



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 13:47 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 13:05 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon