فتح لم تكن موحّدة يوما

"فتح" لم تكن موحّدة يوما...

"فتح" لم تكن موحّدة يوما...

 لبنان اليوم -

فتح لم تكن موحّدة يوما

خير الله خير الله
بقلم - خير الله خير الله

ليس مستبعدا اجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية في موعدها في الثاني والعشرين من ايّار – مايو المقبل. يعود ذلك الى وجود ضغوط دوليّة واقليمية من اجل تفادي ايّ تأجيل. إضافة الى ذلك، ليس من مصلحة السلطة الوطنية التراجع عن اجراء الانتخابات في ضوء رغبة الإدارة الأميركية الجديدة في تحريك عمليّة التسوية على أساس خيار الدولتين.تبقى حركة "حماس" التي لا يستبعد سيرها في الانتخابات نظرا الى رهانها على احتمال تحقيق اختراق كبير في الضفة الغربيّة. تعمل "حماس"، وهي جزء لا يتجزّأ من الاخوان المسلمين، على الاستفادة من كمّية لا بأس بها من الجهل الذي يتحكّم بقسم لا بأس به من الجمهور الفلسطيني من جهة والانقسامات الواضحة داخل "فتح" من جهة أخرى. إضافة الى ذلك، ليس ما يشير، اقلّه الى الآن، الى وجود جهة مستعدة لضمان اجراء انتخابات حرّة في قطاع غزّة الذي حولّته "حماس" الى سجن في الهواء الطلق لما يزيد بقليل على مليوني انسان يعيشون في مساحة 365 كيلومترا مربّعا!الأكيد ان إسرائيل تفضّل بقاء قطاع غزّة تحت سيطرة "حماس". يعود ذلك الى سبب في غاية البساطة. السبب ان "حماس" وضعت نفسها في كلّ وقت في خدمتها، خصوصا انّها رفعت شعارات غير قابلة للتحقيق وقدّمت صورة بشعة، بل الصورة الابشع، عن الشعب الفلسطيني. وهي صورة استطاعت اسرائيل نشرها في كلّ انحاء العالم واستغلالها الى ابعد حدود.على الرغم من احتمال انتصار الجهل، الذي يمثّله الاخوان المسلمون في الضفّة الغربيّة، لا يزال هناك بريق امل في ان تكون الانتخابات فرصة لتمكن جيل جديد من السياسيين الفلسطينيين من اقتحام ساحة المجلس التشريعي واحداث التغيير المطلوب بعد سنوات طويلة من الجمود جسّدها وجود محمود عبّاس (أبو مازن) على رأس السلطة الوطنية و"فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية في آن. خلف "أبو مازن" ياسر عرفات في كلّ مواقعه بعد وفاة الأخير في تشرين الثاني – نوفمبر من العام 2004.مضى ما يزيد على 16 عاما على وجود محمود عبّاس في الواجهة، وحيدا، في ظلّ معطيات في غاية الصعوبة والتعقيد فضّل مواجهتها عن طريق استبعاد أي فلسطيني ذي شأن عن موقع المسؤولية.فجأة، اكتشف الرئيس الفلسطيني انّ "فتح" ليست في تصرّفه كما كان يتصوّر. كان مفترضا به ادراك انّ هذه الحركة، وهو احد أواخر القادة المؤسسين لها من الذين ما زالوا على قيد الحياة، لم تكن يوما موحّدة.كان ياسر عرفات للأسف الشديد يدير مجموعة من الاجنحة التي لا يجمع بينها شيء وذلك تحت غطاء لافتة اسمها "فتح". كان "أبو عمّار" يسيطر على الحركة من دون ان يسيطر عليها، خصوصا في ظلّ وجود شخصيات قويّة مثل "أبو جهاد" او "أبو ايّاد" وأخرى وضعت نفسها في خانة خاصة يساريّة من النوع المضحك المبكي مثل "أبو صالح" وشبيهين له.ارتكبت "فتح" في لبنان، خصوصا بتغاضيها عن أفعال مشينة لمنظمات أخرى تدور في فلك الأجهزة السورية مثل "الجبهة الشعبيّة – القيادة العامة" او السوفياتية مثل "الجبهة الديموقراطية" كلّ ما يمكن ارتكابه من أخطاء. اقلّ ما يمكن ان توصف به هذه الأخطاء بانّها كانت فظيعة. صبّت هذه الأخطاء في تدمير الصيغة اللبنانية وتدمير لبنان، من دون استرجاع فلسطين، وحلول السلاح الإيراني مكان السلاح الفلسطيني كما عليه الحال اليوم. مؤسف انّ القياديين الفلسطينيين الذين انتقلوا الى الضفّة الغربيّة، بعد اتفاق أوسلو في 1993، كانوا في معظمهم في لبنان. كانوا من خريجي جمهورية الفاكهاني، وهو الحيّ الذي اتخذ منه "أبو عمّار" مركزا لقيادته في بيروت وادار منه الحرب بين 1975 و1982، علما انّه كان في معظم فصول هذه الحرب بمثابة أداة استخدمها حافظ الأسد من اجل الإمساك بلبنان وبالورقة الفلسطينية في آن.يمكن ان يكون للانتخابات الفلسطينية في الضفّة الغربيّة، وليس في غزّة، معنى في حال واحدة. في حال لعبت هذه الانتخابات دورا في تولّي جيل جديد من الفلسطينيين، لم ينغمسوا في حرب لبنان، دورا في تغيير الوضع الفلسطيني برمته. يبدأ ذلك بالتخلّي عن عقد كثيرة من بينها انّ "فتح" حركة موحّدة وانّه لا يزال لديها ما تقدّمه. لم تكن "فتح" موحدّة في يوم من الايّام، بما في ذلك في ايّام "أبو عمّار" الذي كان يحسن، إضافة الى امتلاكه كاريزما خاصة به، استخدام المال والسلاح والعلاقات الشخصيّة. كان بارعا في ذلك من اجل اظهار الحركة وكأنّها تمتلك قرارا موحّدا. لا وجود لسبب كي تكون "فتح" موحّدة الآن، كذلك لا سبب كي تبقى تحت سيطرة الجماعات التي جاءت من بيروت والتي تبيّن انّ ليس في استطاعتها التكيّف مع عالم جديد ومع منطقة مختلفة لم تعد تدور، كما في الماضي، حول القضيّة الفلسطينية.هل يلد نوع جديد من الزعامات من الانتخابات التشريعية الفلسطينيّة؟ الأكيد انّ ذلك هو التحدّي الذي يمكن ان يعطي لهذه الانتخابات معنى. فعلى الرغم من الظلم الذي يعيش في ظلّه اهل غزّة يبقى الامل في حصول تطوّر في الضفّة الغربية، اكان ذلك من داخل "فتح" او من خارجها. الشعب الفلسطيني يستحق، بفضل ما يمتلك من طاقات، قيادة افضل من القيادة الحالية، علما ان لا بدّ من الاعتراف بانّ احدى ميزات "أبو مازن" تكمن في انّه بقي خارج بيروت طوال الحرب اللبنانية ولم ينغمس فيها لا من قريب ولا من بعيد.في ظلّ المعطيات القائمة، ليس مستبعدا ان تشكّل الانتخابات التشريعية الفلسطينية منعطفا، خصوصا انّه يحق لاقلّ بقليل من ثلاثة ملايين فلسطيني المشاركة فيها. مثل هذا العدد الكبير للذين يحقّ لهم التصويت يطرح أسئلة مشروعة في ما يتعلّق بالتغيير الذي يحتمل حصوله. وهذا تغيير يخافه شخص مثل "أبو مازن" قرّر فصل ناصر القدوة من "فتح" لمجرّد تجرؤه على تشكيل قائمة يخوض بها الانتخابات. ليس القدوة، ابن شقيقة "أبو عمّار" شابا، لكنّه يتميّز، على الرغم من بلوغه الـ68، بعقل شاب يعرف العالم بعدما عمل طويلا في الأمم المتحدة، إضافة الى انّه كان دائما خارج بيروت ولبنان!في النهاية، من حقّ الشباب الفلسطيني التفكير بطريقة مختلفة بعيدا عن قيادة فلسطينية شاخت. قيادة السلطة الوطنيّة شاخت واذا كان فيها اشخاص لم يتقدّموا في العمر بعد، فهؤلاء ارتضوا لعب دور المنسّق الأمني مع إسرائيل ولا شيء آخر غير ذلك... هل هذا دور القيادة الفلسطينية ودور الدائرين في فلكها بدل ان يساعدوا بأنفسهم في حصول التغيير بغض النظر عن عقدة يعاني منها رئيس السلطة الوطنية تجاه هذا الشخص او ذاك؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتح لم تكن موحّدة يوما فتح لم تكن موحّدة يوما



GMT 09:53 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 20:11 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

«حماس» والأسد... ما أحلى الرجوع إليه

GMT 20:09 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

«بريكست» خلف «بريكست»

GMT 20:07 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ما الذي تريده إيران من واشنطن؟

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 09:07 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

صفقة نفطية لشركات أجنبية تُفجر خلافاً واسعاً في ليبيا

GMT 10:20 2023 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

الجينز واسع والألوان الجريئة أبرز صيحات الموضة لعام 2024

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 19:50 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة السيدة الأميركية الأولى السابقة روزالين كارتر

GMT 00:54 2023 الخميس ,27 إبريل / نيسان

أفضل الإكسسوارات والمجوهرات لهذا الموسم

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان

GMT 15:38 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

150 شركة تبدأ إضرابًا في إسرائيل أبرزها "ماكدونالدز"

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 19:00 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

سعر الذهب يصل لمستويات غير قياسية جديدة

GMT 12:51 2023 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

فرنسا تؤكد أن "COP28" لحظة حاسمة لإبقاء حرارة الكوكب تحت 1.5

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon