فشل عهد وليس فشل حكومة لبنانية

فشل عهد وليس فشل حكومة لبنانية

فشل عهد وليس فشل حكومة لبنانية

 لبنان اليوم -

فشل عهد وليس فشل حكومة لبنانية

خير الله خير الله
بقلم : خير الله خير الله

تأتي استقالة حكومة حسّان دياب بمثابة لزوم ما لا يلزم. كانت حكومة حسّان دياب حكومة «حزب الله» الذي لا يزال متمسّكاً بها كحكومة تصريف أعمال لفترة معيّنة. على حسّان دياب لعب الدور المطلوب منه حتّى تحين لحظة إعادته إلى بيته وليس إلى الجامعة الأميركية في بيروت حيث كان يعمل قبل تسميته رئيساً لمجلس الوزراء.

في الوقت الراهن، يريد الحزب تمرير صدور حكم المحكمة الدولية في قضيّة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في ظلّ حكومة موالية له تضمّ معترضين على حيثيات الحكم الذي يفترض أن يدين مجموعة من «حزب الله» نفّذت عملية تفجير موكب الحريري الأب. كانت تلك الجريمة إشارة انطلاق لعملية تدمير بيروت بكلّ ما هو حضاري فيها. ما نشهده الآن هو فصل أخير من عملية التدمير هذه، وهي عملية عزيزة على ميشال عون الحاقد على كلّ ما له علاقة برفيق الحريري من قريب أو بعيد… حتّى لو كان ذلك على حساب اللبنانيين، خصوصاً المسيحيين منهم.

ليس فشل حسّان دياب سوى فشل عهد ميشال عون الذي يتبيّن كلّ يوم أنّه لم يتوقف عن ارتكاب الفظاعات في حق لبنان واللبنانيين. في الواقع، خيّب ميشال عون، الذي تبيّن أنّه لا يستطيع أن يكون شخصاً آخر غير ميشال عون، كلّ الآمال التي عقدت عليه قبيل انتخابه رئيساً. تبيّن أن الرجل لا يستطيع سوى أن يكون أسير فكر عقيم وحاقد أنتج «حربي الإلغاء والتحرير» في 1989-1990 وأنتج صهره جبران باسيل الذي قبل إبان توليه وزارة الخارجية أن يكون وزير خارجية إيران في مجلس جامعة الدول العربية.

كانت كلّ الرهانات على ميشال عون في غير محلّها، لا لشيء سوى لأنّ مرشح «حزب الله»، أي إيران، لرئاسة الجمهورية اللبنانية لا يستطيع أن يكون على مسافة واحدة من كلّ اللبنانيين. لا يستطيع أن يكون غير ممثل «حزب الله» في قصر بعبدا.

عندما يحصل انفجار بضخامة انفجار ميناء بيروت، الذي شرّد 300 ألف مواطن، كان أكثر من طبيعي أن تقدّم الحكومة التي يرأسها حسّان دياب استقالتها وأن يترافق ذلك مع استقالة رئيس الجمهورية. في النهاية، ليس طبيعياً عدم الربط بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من جهة والكارثة التي حلّت بالبلد من جهة أخرى، وهي كارثة تعود إلى تخزين مواد متفجرة من أنواع مختلفة في ميناء بيروت منذ سنوات عدّة.

كان طبيعياً أن تستقيل حكومة حسّان دياب. هناك غضب كبير في الشارع اللبناني. لا يمكن لهذا الغضب سوى أن يؤدي إلى مزيد من العنف. لم يعد لدى اللبنانيين ما يخسرونه في ظلّ سيطرة «حزب الله» على البلد وليس على ميناء بيروت فقط.

كان أكثر من طبيعي أن يلقي حسّان دياب خطاب استقالة ادّعى فيه أن لديه علاقة بثورة السابع عشر من تشرين الأول الماضي. لو كانت لديه أي علاقة بالثورة وبالناس الذين نزلوا إلى الشارع مطالبين بالتخلّص من الطبقة الفاسدة الموجودة في السلطة، لكان تجرّأ على أن يفعل ما فعله الرئيس إيمانويل ماكرون.

ذهب الرئيس الفرنسي بنفسه إلى المنطقة المسيحية المنكوبة في بيروت، منطقة الجميّزة تحديداً، والتقى الناس وصافحهم وواساهم. اكتفى حسّان دياب لدى تقديم استقالة حكومته بإلقاء موضوع إنشاء في مستوى تلميذ انتهى على التو من مرحلة الابتدائي. من المعيب أن يهاجم حسّان دياب في خطاب استقالته «الطبقة الفاسدة» في لبنان بعد قبوله أن يكون رئيساً لمجلس الوزراء بفضل هذه الطبقة وليس لآي سبب آخر.

هل من مخرج من المأزق اللبناني الحالي؟ هل يعمّر لبنان أكثر من مئة عام؟ سيعتمد الكثير على «فكّ أسر الشرعية اللبنانية»، على حد تعبير البطريرك الماروني بشارة الراعي. يستحق اللبنانيون حكّاماً أفضل من ميشال عون وحسّان دياب وجبران باسيل. يستحق اللبنانيون رئيساً للجمهورية يسمّي الأشياء بأسمائها ويسأل ماذا يفعل «حزب الله» في ميناء بيروت؟ ولماذا يشارك في الحرب على الشعب السوري؟ على سبيل المثال وليس الحصر. أكثر من ذلك، يسأل من أجل ماذا صواريخ الحزب الدقيقة وغير الدقيقة؟

هناك سلسلة من الاستحقاقات اللبنانية في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة. ستحدد المحكمة الدولية من قتل رفيق الحريري. ستكون هناك جلسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان بموجب القرار رقم 1701. المضحك المبكي أن ميشال عون وحسّان دياب يتحدثان عن احترام لبنان للقرار 1701 ويتجاهلان أن هذا القرار يتضمن إشارة واضحة في مقدمته إلى القرار رقم 1559 الصادر في العام 2004 والذي يدعو بين ما يدعو إليه إلى حل ميليشيا «حزب الله»، وهي الميليشيا الوحيدة التي لا تزال تعمل في لبنان تحت شعار «المقاومة»!

طوى انفجار ميناء بيروت صفحة من تاريخ لبنان الحديث. توجد مرحلة انتهت. يحتاج لبنان في المرحلة الجديدة التي يبدو مقبلاً عليها إلى رجال سياسة من نوع مختلف بعيداً عن الفساد والتهريب والاستعانة بسلاح «حزب اللّه» للوصول إلى رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس الوزراء أو إلى موقع وزير.

لم يعد ميشال عون يمر على اللبنانيين، كذلك حسّان دياب. ليس تفجير ميناء بيروت حدثاً عادياً بأي مقياس من المقاييس. هناك أسئلة من نوع جديد ستطرح نفسها بحدّة. من أبرز هذه الأسئلة: ما العمل كي يحصل لبنان على مساعدات؟ لا خيارات كثيرة أمام لبنان. هناك خيار واحد لا مفرّ من ولوجه. إمّا لبنان وإمّا «حزب الله». رحل حسّان دياب لأنّه يمثل «حزب الله». متى يرحل «عهد حزب الله» الذي على رأسه ميشال عون، فيما رمزه الحقيقي جبران باسيل؟

نحن أمام فشل عهد أكثر مما نحن أمام فشل حكومة على رأسها شخص لم تكن لديه في أيّ يوم علاقة لا بأبناء طائفته السنّية ولا باللبنانيين الآخرين… ولا بالجامعة الأميركية حيث كان موظّفاً برتبة نائب للرئيس!
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فشل عهد وليس فشل حكومة لبنانية فشل عهد وليس فشل حكومة لبنانية



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon