هل يشهد مستقبل العرب ما شهده ماضي أوروبا

هل يشهد مستقبل العرب ما شهده ماضي أوروبا؟

هل يشهد مستقبل العرب ما شهده ماضي أوروبا؟

 لبنان اليوم -

هل يشهد مستقبل العرب ما شهده ماضي أوروبا

هدى الحسيني

يستمر تنظيم داعش في قتل أبناء عشيرة «البونمر» في الأنبار، والحكومة العراقية لا تبالي. نسمع عن قصف جوي للتحالف، وفي الوقت نفسه عن تقدم «داعش». الحديث الآن عن تمديد للمفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي تشمل اتفاقيات جزئية على جوانب أقل إثارة للجدل في البرنامج الإيراني، وأن البيت الأبيض أشار إلى استعداده للالتفاف حول أي اعتراض من الكونغرس على أي نوع من الاتفاق مع إيران لأنه: «إما الاتفاق، وإما إننا في طريقنا إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط».

حسب محدثي القائد العسكري البريطاني المتقاعد، فإن الإيرانيين ليسوا بالقوة التي يتظاهرون بها. يقول: «ستكون هناك مفاجآت، إذ لا تزال أسلحة دول مجلس التعاون الخليجي أكثر تقدما».

الأمر المستغرب هو إصرار الإيرانيين على استفزاز الولايات المتحدة، لأن «الكل يعرف أن الرئيس باراك أوباما يقف في صف طهران، على الأقل في العالم السني»، وادعاؤهم أن الإدارة في واشنطن ضدهم هو للتسويق الداخلي، ولكسب الشارع العربي الإسلامي.. «إذا تمادوا قد يدفعون الأميركيين للرد». يقول: «هناك عقدة لدى الإيرانيين قد تنقلب عليهم، لا يرون الحقيقة، ومستمرون في شعار (الموت لأميركا)، الأميركيون يريدون مساعدتهم فعمَّ يتكلمون؟ لهذا إذا هاجموا أهدافا أميركية فسيتلقون الضربات».

يصر محدثي على أن ما يجري هو صراع بين السنة والشيعة، وعندما تنفجر الحرب ستكون نهاية إيران كدولة، فالأهوازيون سيثورون، والأكراد سينضمون إلى كردستان وبقية الأقليات كالإيذريين سينضمون إلى أذربيجان: «ستبقى في إيران دولة، كما حال العراق الآن، أي ستكون هناك طهران وأصفهان، لكن لن تكون إيران التي نعرفها الآن».

أسأل: هل نتكلم عن عشر سنوات من المستقبل؟ يجيب: نعم، ويقول: في أذهان الناس تساؤل عما ستفعل إيران لكل طرف، خصوصا دول الخليج، لكن العكس هو الصحيح، لأن كل طرف يمكن أن يصيب إيران، وقد يكون هذا القول ثوريا الآن، إنما هذه هي الحقيقة».

لنعد إلى العالم العربي. يقول القائد العسكري البريطاني الذي تحول إلى مؤرخ، إن العرب بدأوا المسيرة التي أقدمت عليها أوروبا قبل ألف سنة و«ستكون دموية»، وإذا راجعنا القرن السابع عشر، حيث تصارع الكاثوليك والبروتستانت، كما سيفعل السنة والشيعة، نرى أن ثلث سكان أوروبا الوسطى قتلوا في تلك المعارك حتى عام 1648، عندما توصلوا إلى «اتفاقية وستفاليا»، أي لا حروب بعد الآن. بدأت المعارك مع حركة مارتن لوثر التصحيحية، ودمروا أنفسهم، وعندما استنفدوا كل طاقاتهم وقعوا على «اتفاقية وستفاليا». هذا ما سيحدث بين السنة والشيعة.. «نتكلم عن صراع لعقود يحاول الطرفان تدمير بعضهما بعضا، ونأمل ألا يتجاوز الأمر ما حصل بين الكاثوليك والبروتستانت. حتى الآن لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، فلننتظر عشر سنوات أخرى».

أهم ما سيحصل خلال هذه السنوات سيكون إعادة هيكلة العالم العربي. أسفر «الربيع العربي» عن مجموعات تتقاتل بحثا عن الهوية والمصالح، وهذا ما سيدفع إلى إعادة الهيكلة حسب الأوضاع القديمة. سيعود الليبيون إلى ما كانوا عليه قبل الاستعمار الإيطالي، وكون العراق والأردن وسوريا من صنع الاستعمار البريطاني – الفرنسي فإن هذه الدول ستعود إلى وضع ما من الأوضاع التي كانت عليها في السابق.

كما في ظل السلطنة العثمانية؟ يجيب: حتما.. ولايات. كانت متماشية أكثر مع سكان كل ولاية، كان تركيبها طبيعيا أكثر من الذي بناه الاستعمار الذي لم يحترم أي تميز أو خصوصية، ورسم حدودا وخطوطا جديدة، وأتى باتفاقية سايكس - بيكو. بعد الذي يجري سيذهب كل طرف في طريقه، ستنشأ ولايات على شكل دول مستقلة.

يستعيد محدثي مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يريد أن يسوّق الهيكلية العثمانية السابقة، ويشير إلى ما ذكره رئيس الوزراء التركي داود أوغلو في إحدى مقابلاته، حيث قال إن عز مصر كان عام 1517 في ظل الحكم العثماني. لكن مصر مر عليها المماليك والمغول والأمويون، ويريد الأتراك الآن إقناع الجميع بأن مصر ما شعرت بالراحة إلا في زمن العثمانيين فقط. والأسبوع الماضي قال إردوغان: في الثورة العربية ضد السلطنة العثمانية باع العرب أنفسهم مقابل الذهب!

يصر محدثي على أن «إردوغان مستمر في نهجه الرامي إلى استعادة العالم العربي، من هنا هذه المحبة الزائدة لـ(داعش)، كون هذا التنظيم يدمر العالم العربي، وهذا ما عجزت عنه تركيا، سيترك إردوغان (داعش) يقوم بحربه التدميرية كي يأتي هو كمحرر، هذا أمل إردوغان على الأقل فيما يخص سوريا، وسوريا تشمل لبنان الذي سيطاله ما يطاله للأسف».

تتحدث وكأن الأكراد لن يتحركوا داخل تركيا؟ في رأيه سيكون عليهم عمل الكثير لحماية أنفسهم، من الأتراك ومن «داعش».

وينقلني محدثي إلى صفحة سوداء، يستعيد التاريخ ويقول: «إننا نتقدم نحو الماضي». لا يخاف على مصر الآن، فهي دولة قوية ولديها جيش قوي، إنما مع السنين سيكون هناك صراع بين العلمانيين والمتدينين، وسيتعبون من الداخل، أما الخليج فإنه سيتعب أيضا في هذه المعركة «لكن لديه أفضل الحظوظ»، ستحاول إيران قصف آبار النفط كلها لحرمان الخليج من قوته، لكن أميركا لن تسمح بذلك.. «فإذا بقي شيء من القوة الأميركية، فليس من أجل حماية الناس، بل من أجل منع تدمير (كنوز) الشرق الأوسط (النفط). ثم في مرحلة ما يتوقع أن يسقط الأردن بيد المتشددين، وعندها ستتحرك إسرائيل. المعركة هنا ستكون بين إسرائيل و(داعش) الذي سيكون قد أصبح له دولة».

وأين ستكون هذه الدولة؟ من بغداد إلى البحر المتوسط حتى البحر الأحمر. بعض الولايات ستكون تحت حكم «داعش»، تماما كما زمن العثمانيين، وبعضها سيكون أكثر استقلالية من البقية.

يستعيد تصريحا لداود أوغلو: «لا نريد العودة إلى الماضي، نريد أوروبا كمثل، الناس يتحركون في المنطقة الإسلامية كما في أوروبا!».

مستمر في إعطاء الحظ لتركيا؟ يقول: بالطبع، إنها 80 مليون نسمة، قوة كبيرة. لا تتصرف مثل الإيرانيين، ستظل تدعم «داعش» بطريقة غير مباشرة، وفي النهاية قد – أقول قد – يحقق إردوغان حلمه، بالنسبة إلى سوريا. هذا أمر شبه مؤكد. لن يبقى تقريبا شيء منها. كانت تركيا أول من استقبل اللاجئين السوريين لتعيدهم فيما بعد إلى سوريا وهم مواطنون مثل مواطنيها ينتشرون في تلك البقاع.

ولكن النهاية؟ يقول: كل طرف ذي هوية محددة ومصالح خاصة ستكون له منطقة تحت سيطرته. الأطراف الذين يشتركون بالهوية والمصالح سينتصرون ليس بهيكلية سياسية كبرى كما يحلمون، إنما ستكون هناك هيكلية معينة.

مثلا؟ جنوب وشمال اليمن، ليبيا المقاطعات الثلاث، في سوريا ولبنان الدروز والمسيحيون، هؤلاء سيبقون، قد يضطهدون، ويتعبون، إنما سيكون لهم وجود.

كل ذلك بوجود «داعش»؟ طالما لن تكون هناك قوات برية لمواجهته فإن «داعش» قد يسيطر، إنما لن يقاتل كل الوقت. في زمن الحكم الإسلامي في إسبانيا كان هناك كل أنواع القتال من قبل المسيحيين، وكان هناك نوع من الترتيبات والهدنة، أيضا في زمن الصليبيين، مرة حروب، ومرة هدوء، وهكذا في زمن «داعش».

وينهي محدثي الكلام بالقول: هذه أفكار محافظة جدا، لم أتكلم عن أفكار مجنونة!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يشهد مستقبل العرب ما شهده ماضي أوروبا هل يشهد مستقبل العرب ما شهده ماضي أوروبا



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:07 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منافسة قوية بين ريال مدريد وأرسنال على ضم فلاهوفيتش

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 15:58 2023 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل العطور الرجالية لهذا العام

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon