شهر رمضان وبيع الوهم

شهر رمضان وبيع الوهم

شهر رمضان وبيع الوهم

 لبنان اليوم -

شهر رمضان وبيع الوهم

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

كتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على حسابه الرسمي عبر منصة «إكس»، أنه «رغم بدء شهر رمضان، يستمر القتل والقصف وسفك الدماء في غزة»، داعياً إلى «إسكات الأسلحة»، ومطالباً بـ«احترام روح شهر رمضان»، و«إزالة جميع العقبات لضمان توصيل المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بالسرعة والنطاق الضروريين». كما دعا «باسم روح الرحمة في رمضان» إلى إطلاق سراح الأسرى.

كل ما سبق لا شك يعد نبيلاً وإنسانياً، ويستحق الشكر، وتصريحات الأمين العام منذ حرب غزة لم تكن متهاونة مع الإسرائيليين، لكن كل هذه التصريحات لا تغيّر من الأمر شيئاً على الأرض. كما أنها لا تنقذ أرواحاً.

ولا تضمن إيقاف الحرب، ولا تقدم آلية قانونية لفعل ذلك، ولا تجبر الطرفين، نعم الطرفين، إسرائيل و«حماس»، على ضرورة الوصول إلى وقف إطلاق نار أو هدنة. بالأخير هي تصريحات لا تغني ولا تسمن من جوع.

صحيح أنه ليس بمقدور الأمين العام إرسال دبابات وطائرات، لكن بيده الأنظمة والقوانين، وحشد المجتمع الدولي، والعمل، مثلاً، مع الأطراف الأوروبية لضمان الوصول إلى اعتراف بالدولة الفلسطينية، ودون انتظار موافقة نتنياهو أو إسرائيل، خصوصاً وأن كلاً من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وآخرين، أبدوا استعدادهم للاعتراف بالدولة الفلسطينية من طرف واحد، وهذا يتطلَّب جهداً أممياً من أجل فعل ذلك، وليس مجرد تغريدات!

والقصة ليست انتقاصاً من تصريحات الأمين العام، لكن التصريحات ليست بحجم الكارثة على الأرض من ناحية القتل والدمار الذي تقوم به إسرائيل، فالمطلوب أكثر من أجل وقف آلة القتل، وضمان عدم امتدادها لرفح.

والأمر الآخر هنا هو أن على العرب أيضاً الضغط على «حماس» من أجل عدم إعطاء الذرائع الواهية للإسرائيليين، تحديداً نتنياهو الذي يريد إطالة أمد حياته السياسية، ولو من خلال القتل والدمار.

وعندما أقول إنه ليس المقصود الاستخفاف بتصريحات الأمين العام، فلأسباب عدة، ومنها ما علمنا إياه التاريخ الحديث، والحديث جداً. ففي عام 2001، وفي الأسبوع الرابع للحرب الأميركية على أفغانستان، وبعد هجمات «القاعدة» في 11 سبتمبر، دار جدالٌ عن قتال رمضان.

وقتها قال وزير الدفاع الأميركي رامسفيلد للصحافيين: «لقد قاتلت الدول الإسلامية خلال رمضان... وقاتلت (طالبان) والتحالف الشمالي على مدى سنوات خلال شهر رمضان». وأضاف: «لا يوجد بذلك الدين ما يحرم الحرب في رمضان، وهذا واضح بالعديد من الأحداث».

ووقتها قال أيضاً السيناتور جون ماكين لمحطة «سي بي إس» إن قضايا مثل رمضان والضحايا المدنيين يتعيَّن أن تكون ثانوية بالنسبة لهدف تدمير العدو. فما الذي حدث؟ استفادت «القاعدة» من تلك التصريحات، ودمرت أفغانستان ثم انسحبت أميركا وأعادت «طالبان» للحكم.

واستخف الأميركان بروح الشهر التي يتحدَّث عنها الأمين العام الآن، واحتلوا بعدها العراق... واتَّضح أن ليس لدى صدام أسلحة، ولم يصبح العراق دولة ديمقراطية حقيقية، ولم يكن أساساً العدو الذي سعى لدعم «القاعدة»، بل إيران.

خلاصة القول هي أن رمضان شهر خير ورحمة، لكن السياسة والحروب لا تُعالج بالنيات الحسنة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شهر رمضان وبيع الوهم شهر رمضان وبيع الوهم



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:36 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 13:48 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:44 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 09:19 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

آبل تُطلق قريباً ميزة لهواتف آيفون

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 13:19 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أسعار النفط تقترب من الـ 90 دولاراً للبرميل

GMT 21:29 2023 الإثنين ,08 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 8 مايو / آيار 2023

GMT 14:06 2022 الثلاثاء ,25 كانون الثاني / يناير

خطوات تطبيق المكياج الخليجي للمحجبات

GMT 19:41 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وزير الرياضة المصري يستقبل رئيس نادي الفروسية

GMT 06:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل / نيسان 2024
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon