كيف حصد السعوديون جوائز «آيسف»

كيف حصد السعوديون جوائز «آيسف»؟

كيف حصد السعوديون جوائز «آيسف»؟

 لبنان اليوم -

كيف حصد السعوديون جوائز «آيسف»

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

هل يأتي الإبداع من العدم؟ دعوني أقل رأيي بشكل مباشر؛ نعم قد يأتي الإبداع من العدم. طفل في قرية صغيرة، يذهب صباحاً إلى مدرسة بسيطة في تجهيزاتها، وربما معلمون بلا شغف أو طموح أو رؤية. يكبر الطفل ويصبح شاباً لديه قدرات ذهنية استثنائية مدفونة داخل دماغه. محظوظ هذا الشاب إذ وجد فرصة، فاقتنصها، تشبث بها لأنها أحيت داخله شعوراً غير مألوف من الثقة والاندفاع والرغبة في إطلاق العنان لأفكاره المتراكمة عشوائياً في رأسه مثل مستودع للخردة. استثمر الفرصة وأصبح مهندساً، مخترعاً، أو طبيباً متمكناً، أو أديباً يشار إليه بالبنان. صدفة؟ نعم صدفة. لكن للأسف الصدف هي القاعدة المتزلزلة، قاعدة غير ثابتة، غير مضمونة، ولا مستقرة، ولا يعتمد عليها طريقاً للوصول.

العملاقة «غوغل» تبحث بحثاً حثيثاً عن الشباب المبدعين الذين يملكون قدرات استثنائية عن بقية أقرانهم، بصرف النظر عن أعمارهم، أو جنسهم وجنسياتهم، لا يعنيها كثيراً الشهادة التي يحملونها، ولا حتى مراتب الشرف التي يتباهون بها، تنظر فقط إلى إنتاجهم المميز وما سيضيفونه إليها. هذه النظرة للمبدعين هي أحد المناهج المتبعة اليوم لصنع المستقبل.
في الدورة الحالية لمعرض «أيسف» (ISEF) الدولي، وهو معرض «إنتل الدولي للعلوم والهندسة»، حصد السعوديون 16 جائزة كبرى و6 جوائز خاصة في مجالات مختلفة؛ الطاقة، الكيمياء، البرمجة والنظم، والهندسة.

مقارنة بدول مجموعة العشرين، حلت السعودية الثانية بعد الولايات المتحدة، وفي المركز نفسه مع الهند. البشرى ليست في حصد الجوائز فقط، بل في أن الدولة صنعت هذه العقول، لأن لديها نظاماً مؤسسياً واضحاً لرعاية الموهوبين، العجلة التي تدور ولا تتوقف. مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، لديها برامج مع وزارة التعليم ترعى فيها بذرة الإبداع منذ الصغر، وهي مؤسسة ضخمة للدرجة أن رعايتها تشمل السعوديين وغيرهم، وتقدمهم للمنافسات العالمية. عمل إنساني عظيم أن تكون المؤسسة مصدراً عالمياً للإمداد بقوى بشرية تقدم ما لا يستطيع الأغلبية من الناس تقديمه.
نسبة المبدعين في العالم ضئيلة مقارنة بالأغلبية. في مقالة كتبها استشاري الابتكار باسم جفال على موقع مؤسسة «موهبة»، أن وكالة «ناسا لعلوم الفضاء» وجدت أن نسبة الإبداع عند الأطفال في عمر الخمسة أعوام تبلغ 98 في المائة، وتقل إلى الثلث في سن العاشرة، وتظل تتناقص مع العمر. هل «ناسا» تعني أن الإبداع ينعدم في عمر الستين مثلاً؟ الشواهد تقول عكس ذلك، أينشتاين مثال. الهدف من دراسة «ناسا» هو عرض معلومات حول الإبداع التلقائي الذي يولد مع الطفل في مراكز الإبداع في الدماغ، أي أنها دراسة فسيولوجية، وأن هذا الإبداع يتضاءل إن لم يجد رعاة جيدين؛ الأسرة أو المدرسة، أو الذات الطموحة. كل من حصد الجوائز من السعوديين كانت خلفهم أسر تدعمهم، ومؤسسة تبنتهم وقدمت لهم أدوات التمكين، فانطلقت الأفكار الرائدة وتحققت الآمال. هذا درس واضح، البذرة التي تتجاهلها لا تنبت، والتي ترعاها بشيء من الإهمال ستعطي نبتة ضعيفة، وإن أردت حصاداً يملأ العين فعليك بالرعاية الجيدة. أنا مؤمنة بأن القدرات الذهنية للأطفال اليوم تفوق ما كانت عليه عند الأطفال قبل عقود، لاحظوا أطفالكم الصغار وهم يتعاملون مع التقنية، البراعة، وسرعة البديهة والأفكار الخلاقة، هذا ليس لأن الأطفال في الماضي كانوا أقل ذكاءً، بل لأنهم كانوا يفتقرون للمحفزات الذهنية.
خبر آخر أُعلن عنه قبل يومين في السعودية: الهيئة العامة للصناعات العسكرية تعلن تأسيس الأكاديمية الوطنية للصناعات العسكرية، لتأهيل الكوادر الوطنية للعمل في الصناعات العسكرية في التقنية والهندسة. لماذا؟ ما الهدف؟ لأن الهيئة العامة للصناعات العسكرية تخطط لأن تكون مواردها البشرية التي تغذي هذا القطاع كوادر وطنية بنسبة خمسين في المائة بحلول عام 2030، في دولة تنفق مليارات الدولارات لشراء الأسلحة وقطع غيارها.
المفارقة الجميلة، أن القطاع الوحيد في العالم الذي سبق كل القطاعات الأخرى في الاعتماد على استقطاب المبدعين في سن مبكرة، هو الرياضة. السبب واضح، لأن العمر الافتراضي للجهد العضلي محدود، لذلك تلجأ الأندية الرياضية إلى تبني الشباب الصغار ليصنعوا منهم نجوماً في أنديتهم ومنتخبات بلادهم، قبل وصولهم للسن الذي تتباطأ فيه قدراتهم العضلية ولياقتهم البدنية. الدافع هنا هو السباق مع الزمن.
ليست أحجية، إن أردت الوصول لهدف تظن يوماً أنه مستحيل، ادفع نفسك لاتخاذ خطوات أولية، ستجد أن المستحيل مجرد وهم استحوذ على إرادتك، عصا في العجلة التي يفترض أنها مثلما تحركت في مكان آخر في العالم ستتحرك وتمضي معك أيضاً.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف حصد السعوديون جوائز «آيسف» كيف حصد السعوديون جوائز «آيسف»



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:05 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 15:08 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

هزة أرضية تضرب ولاية تبسة شرقي الجزائر

GMT 16:31 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

الجزائري عسله الأكثر تصديًا للكرات في الدوري

GMT 23:10 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 9 مايو/ أيار 2023

GMT 19:03 2022 السبت ,14 أيار / مايو

نصائح لاختيار ملابس العمل المناسبة

GMT 18:36 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

حقائب فاخرة لأمسيات رمضان الأنيقة

GMT 15:28 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الكشف عن قائمة أفضل وجهات سفر عالمية في 2024

GMT 11:52 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

إتيكيت زيارات العيد

GMT 23:14 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

يوسف عنبر مدربًا للمنتخب السعودي

GMT 11:06 2022 الإثنين ,14 شباط / فبراير

أفضل الزيوت الطبيعية للعناية بالشعر الجاف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon