الكُرسِيُّ المَلعون سَبَبُ الخَراب
أخر الأخبار

الكُرسِيُّ المَلعون سَبَبُ الخَراب

الكُرسِيُّ المَلعون سَبَبُ الخَراب

 لبنان اليوم -

الكُرسِيُّ المَلعون سَبَبُ الخَراب

عرفان نظام الدين
عرفان نظام الدين - لبنان اليوم

كان يحلو للزعيم الليبي الراحل مُعمّر القذافي أن يَجِدَ تفسيراتٍ مُضحِكة وترجماتٍ غبيّة لكلماتٍ تتعلّق بالسلطة لتبرير التفرّد بالحكم والبقاء الى الأبد، لكنه دفع الثمن غالياً عندما تم قلبه وقتله بطريقة عنيفة وبشعة. فقد وجد القذافي ترجمة عجيبة لكلمة الديموقراطية، او “democracy” بالإنكليزيّة، وهي ديمومة الكراسي، إلّا أنه لم يتمتّع بهذه الديمومة، ولا حتى التمكّن من الجلوس على الكرسي بسبب ” الخازوق ” الذي اخترقه؟!

وبعيداً من ممارسات القذافي وغيره التي تدخل في خانة المُضحك المُبكي، فإن هذه المعضلة هي التي أوصلتنا الى حافة الإنهيار والخطر لأن مَن كان يَصِلُ إلى مَنصبٍ، يعمل من قمة الهرم الى قاعدته المستحيل لكي يدوم له ويلتصق بالكرسي الملعون الذي هو سبب كل هذا الخراب.

ولم نجد تفسيراً لهذه المصيبة في العالم العربي وبعض الدول الديكتاتورية إلّا الجشع وتغلّب شيطان السلطة والمال المُتَمِّم لها بعيداً من القيم والأخلاق والقناعة والإيمان بمبدأ: “لو دامت لغَيرِك ما وصلت إليك”.

وهكذا توالت على العرب الكوارث والإنقلابات والثورات بالإضافة الى الحروب التي ما كانت لتقع لو كان هناك تداولٌ للسلطة وتغيّرت القيادات لترحل معها العداوات والنزاعات والأخطاء والخطايا والمزاجات الشخصية.

وهذه الآفة التي عرفناها منذ مئات السنين تعود لأسبابٍ عدة، بينها الجهل وغياب الوعي والطمع وإساءة استخدام السلطة واللجوء للقوة لفرض الامر الواقع، إضافة إلى آفة اشتهرنا بها وهي عبادة الفرد أو الزعيم وتأليه الشخص.

ومَن عاش في الدول الديموقراطية، أو تابع أحداثها، لا بدّ وأن يعجب بعملية انتقال السلطة من رئيس الى آخر وفق نظامٍ إنتخابي نزيه وشفاف، وبكل يُسرٍ وسهولة، ورضوخ الطرف الخاسر لإرادة الشعب ونتائج صندوق الإقتراع، والفوز ولو بواحد في المئة.

وأُعطي مثلاً على ذلك المرأة الحديدية مارغريت ثاتشر، رئيسة الحكومة البريطانية، التي عرفتُها وأجريت معها مُقابلة وهي في أوج قوّتها ونفوذها لتحكم العالم وليس بريطانيا فحسب .وعندما حانت ساعة رحيلها عن الحكم تآمر عليها أقرب وزرائها ورضخت وغادرت مقرها في 10 داوننغ ستريت والدمعة في عينيها لتتواري عن الأنظار وتدخل في عالم النسيان .واجتمعتُ بها قبل رحيلها وكانت وحيدة لا حرس لديها ولا جاه ولا كنوز وثروات.

وأختم مع درس من رئيس الوزراء البريطاني السابق، هارولد ولسون، فقد سُئل عن أسباب استقالته المُفاجئة على رغم تمتّعه بشعبية واسعة، فاجاب بكلمات قليلة مُعبّرة: “لم يعد عندي شيء جديد أُجيب به على أسئلة الشعب”، وهكذا ختم الزعيم البريطاني الشهير تاريخه السياسي بدرس بليغ عن اُسلوب ممارسة الحكم والمعارضة . فقدعرف حدّه ووقف عنده، وسلّم الأمانة لمَن يملك أجوبة شافية ويحمل معه سياسة جديدة تعمل على حل المشاكل ومواجهة الأزمات.

وما يجري في لبنان هذه الأيام يعود في جانب منه الى هذه الآفة التي يورث فيها حكم الشعب للإبن والحفيد والصهر والأزلام؟

عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي عربي. كان رئيساً لتحرير صحيفة الشرق الأوسط السعودية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكُرسِيُّ المَلعون سَبَبُ الخَراب الكُرسِيُّ المَلعون سَبَبُ الخَراب



GMT 03:21 2025 الإثنين ,09 حزيران / يونيو

هل يتعلَّم لبنان من حكومة الشرع؟

GMT 03:18 2025 الإثنين ,09 حزيران / يونيو

الرئيس والمهاجر

GMT 03:14 2025 الإثنين ,09 حزيران / يونيو

بيروت ودمشق وتحدي الدولة الطبيعية

GMT 03:11 2025 الإثنين ,09 حزيران / يونيو

الكاميرات... و«الأخ الأكبر»

GMT 03:08 2025 الإثنين ,09 حزيران / يونيو

ملاقاة التحول والفرص المهدورة

GMT 03:06 2025 الإثنين ,09 حزيران / يونيو

«حزب أميركا»... إلى أين يقودها؟

GMT 03:03 2025 الإثنين ,09 حزيران / يونيو

كوميديان يبكي وجمهور يضحك

GMT 02:55 2025 الإثنين ,09 حزيران / يونيو

لبنان ومستوطنات إسرائيلية جديدة

ستيفاني عطاالله وزاف قصة حب تحولت إلى عرض أزياء أنيق تُوّج بزفاف ساحر

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:15 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

صحيفة "دايلي ستار" اللبنانية تُسرّح جميع موظّفيها

GMT 21:06 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

أفضل العطور لفصل الصيف هذا العام

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 22:16 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

نفايات مسترجعة من تونس تسبب أزمة في إيطاليا

GMT 15:04 2023 الأحد ,07 أيار / مايو

الأطفال في لبنان بقبضة العنف والانحراف

GMT 13:07 2023 الإثنين ,20 شباط / فبراير

منى سلامة تطرّز الشوكولاته بحب والدتها

GMT 10:18 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

نيويورك تايمز" تعلن الأعلى مبيعا فى أسبوع

GMT 20:00 2022 الإثنين ,21 شباط / فبراير

فيراري تزيل النقاب عن أقوى إصداراتها

GMT 02:33 2023 الخميس ,20 إبريل / نيسان

اتجاهات الموضة في أنواع طلاء الأظافر لعام 2023

GMT 05:05 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أهم مزايا الطاولة الجانبية في ديكورات غرف النوم

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 17:31 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

غوغل تعرض أحدث نظارات الواقع المعزز
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon