عـن الـحـالــة الـوطـنـيــة

عـن الـحـالــة الـوطـنـيــة

عـن الـحـالــة الـوطـنـيــة

 لبنان اليوم -

عـن الـحـالــة الـوطـنـيــة

عاطف أبو سيف
بقلم : عاطف أبو سيف

تعيد مواجهة خطط الضمّ إلى الواجهة السؤال الأهم حول الحالة الوطنية. إن أهم سمات الحالة الوطنية بالتأكيد هو الانقسام والحالة الوطنية المنقسمة بسبب فعل الانقلاب الذي صادفت ذكراه المشؤومة قبل أسبوعين. وفيما لا يبدو من اليقين التأكد من وقائع المرحلة وما ستؤول إليه، فإن المؤكد أن انقسام الحال الفلسطيني سيواصل إضعاف الجبهة الداخلية الفلسطينية أمام كل التحديات، وربما ستكون له آثار أكبر في المواجهة الفلسطينية لخطط الضم الإسرائيلية. وعليه فإن الحالة الوطنية المنقسمة بدورها لن تقود فقط إلى جهود فلسطينية منقسمة بل إلى نتائج منقسمة أيضاً، وربما لا تفيد إلا في تعزيز النتائج المرجوة من قبل الاحتلال. وبالقدر الذي ساهم الانقسام، وما قامت به حركة حماس من قتل وسلخ لقطاع غزة عن مجمل المصير الوطني العام، في تعزيز التوجهات الإسرائيلية التي تم وضعها منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين وقبل ذلك، حين تم التوجه بتعزيز التيار الإسلامي لمواجهة منظمة التحرير ونفوذ تنظيماتها في غزة، المؤكد أن أبناء جيلي ومن هم أكبر سناً يذكرون المشاهد الدامية بين أنصار المجمع الإسلامي وتنظيمات منظمة التحرير، خاصة الجبهة الشعبية والاعتداءات بحق كوادرها.

لم يكن الأمر صدفة، كما لم يكن الانقلاب صدفة. خطط كبيرة تم تمريرها بهدوء نتجت عن اللحظة الأثيرة في المخطط الإسرائيلي الهادف لسلخ قطاع غزة وجعله بعيداً عن المصير الوطني العام. وربما كما سيعترف قادة إسرائيل، فإن الانقسام قدم لهم هدية لا يمكن مقارنتها إلا بانتصارات جيش الاحتلال على الجيوش العربية سابقاً. ثمة هزيمة من نوع مختلف أصابت الحالة الفلسطينية ومست جوهر المشروع الوطني بمقتل. وإن تجاوز آثار تلك الهزيمة سيكون أبعد من مجرد استعادة الوحدة الوطنية ومحو آثار الانقلاب والانقسام، بل سيتطلب إجراءات كثيرة لإعادة لحمة المجتمع والصفح الداخلي وبناء الثقة الوطنية، واستعادة رونق العمل المشترك من أجل أهداف جامعة.

إن أبرز ما خسرته الحالة الوطنية جراء كل هذه اللحظات السوداوية، التي تمت قبل ثلاثة عشر عاماً، تمثل في فقدان هذه الروح نحو الكفاح المشترك من أجل الهدف العام. واستدراك كل ذلك بحاجة للكثير.يبدو هذا منطقياً في فهم الحالة الوطنية في مواجهة خطط الضم. وقفت القيادة الفلسطينية بحزم في مواجهة ما يجري، ولم تقبل حتى مجرد التفكير في أي حل أو مقترح لا يتجاوز كل هذه الخطط، وذهبت أبعد من كل ما يمكن تصوره في قطع العلاقة مع دولة الاحتلال ورفض كل أشكال التواصل معها، تحديداً ما يندرج تحت التنسيق الأمني بمستوياته المختلفة. المواجهة السياسية ترافقت مع تصعيد على الأرض بما يضمن تعزيز وتمكين مواطني الأغوار من البقاء والصمود أمام كل مشاريع السرقة والنهب، إلى جانب السياسات الحكومية التي تم تبنيها من مشاريع تشمل كل مناحي الحياة، لأن الأساس أن نقف بحزم في وجه ما يجري.

كان لافتاً غياب غزة عن كل هذا. انتبهوا أن الانقسام مع الزمن يكشف أكثر عن عوراته، ويفضح المقاصد السيئة خلفه. فكأن الأمر يدور عن مكان آخر، أو أن ما يعني الفلسطينيين في الضفة الغربية لا يعنيهم في قطاع غزة. وحقيقة فإن هذه الخلاصة لا يمكن أن تكون جديدة، إذ إن السنوات الماضية دللت بكثير من الشواهد على أن ما يجري في الضفة الغربية تحديداً في القدس، لا يعني غزة بشيء. تدنيس للحرم وتهويد للبلدة القديمة في القدس والخليل ومشاريع استيطانية ضخمة وقتل للأطفال وغير ذلك، دون أن يستدعي هذا أي موقف من غزة. لأن المقصود من كل ذلك وفق بعض الناطقين هناك إضعاف السلطة وهذا هدف محمود. في المقابل فإن كل ما يجري في غزة يستدعي دوماً حراكاً شعبياً كبيراً في الضفة الغربية كما في أي مكان يتواجد فيه الفلسطينيون. كان هذا واضحاً في كل مرحلة تتعرض غزة فيها للعدوان وللقصف، حيث يكون الحراك الجماهيري أساس فضح ممارسة جرائم الاحتلال، كذلك الأمر في الجاليات وسفارات فلسطين. بعبارة أخرى ثمة فهم مشترك منفصل عن الفهم السائد في غزة. وربما لم يعد هذا خفياً حيث إن مصير غزة المرغوب يجب أن يكون بمنأى عن مجمل المصير الفلسطيني. إن فلسفة الانقسام التي رعتها وقامت عليها جهات خارجية تعتقد أن هناك مصائر فلسطينية مختلفة ولم يعد، ويجب ألا يكون هناك، مصير فلسطيني واحد.

قبل أيام فقط، أعلنت الفصائل في غزة عن فعاليات لمواجهة الضم. انتهبوا للمصطلح «الفصائل في غزة» كأننا نتحدث عن حالة وطنية مختلفة. الأساس أن ثمة فصائل فلسطينية واحدة، تعكس حالة وطنية واحدة. وفيما انطلقت الفعاليات في كل مكان مبكراً فإن ما يجري في غزة مقصود أن يكون منفصلاً عن مجمل الرد الشعبي العام، لأنه حتى حين يتأسس الرد ويتكون يجب أن يكون بمعزل عن الرد العام حتى لا يتأثر مستواه بالمستوى العام المطلوب لمواجهة التحديات. وهذه من سمات الانقسام التي يجب أن تتم رعايتها والحفاظ عليها حتى لا تنتهي.عموماً تتطلب المخططات الإسرائيلية مواجهة مستمرة يكون أساسها استعادة الوحدة الوطنية حتى تكون لدينا حالة وطنية واحدة، ويكون لدينا رد واحد. وإن الظن بأن ما يجري في الضفة الغربية يمكن أن يكون بعيداً عن مجمل المشروع الصهيوني الذي يستهدف الوجود الفلسطيني ليس إلا من باب قلة إدراك لطبيعة المشروع الذي يهدف إلى القضاء على الوجود الفلسطيني في أرض الآباء والأجداد. ثمة الكثير المفقود في هذا النقاش كما أن هناك ملاحظات يمكن أن تذهب أبعد من مجرد التحليل، لكن اليقين بأن الحالة الوطنية ليست بخير، وأن استمرار الانقسام هو أساس هذا السوء الذي يصيبها، وأن ما يجري في الغور لن يكون في مصلحة أحد إذا كان هناك من يظن ذلك.

 قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

الصهيونية والمشروع الاستعماري الغربي

بين دوتوكفيل وجورج فلويد وتل أبيب

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عـن الـحـالــة الـوطـنـيــة عـن الـحـالــة الـوطـنـيــة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 23:51 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 11:25 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا
 لبنان اليوم - مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا

GMT 21:45 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 20:40 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 13:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 15:12 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 16:44 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 23:19 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

موضة المجوهرات الصيفية هذا الموسم

GMT 21:17 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

مكياج عروس وردي مميز لعروس 2021

GMT 19:41 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وزير الرياضة المصري يستقبل رئيس نادي الفروسية

GMT 15:12 2019 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

مشاركة 14 مصارعا جزائريّا في دورة باريس الدولية

GMT 08:03 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إجلاء نحو 117 ألف شخص بسبب الفيضانات في كازاخستان

GMT 12:47 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بروشات للعروس مرصعة بالألماس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon