القاهرة  بغداد  عمان  تحولات «الاصطفاف» الثلاثي

القاهرة - بغداد - عمان : تحولات «الاصطفاف» الثلاثي !

القاهرة - بغداد - عمان : تحولات «الاصطفاف» الثلاثي !

 لبنان اليوم -

القاهرة  بغداد  عمان  تحولات «الاصطفاف» الثلاثي

هاني حبيب
بقلم : هاني حبيب

بعد ثلاث قمم بين قادة كل من العراق ومصر والأردن، عقد وزراء خارجيتها قبل أيامٍ قليلة اجتماعاً في العاصمة المصرية لبحث سبل التنسيق والتعاون لحفظ الأمن العربي ومنع التدخلات الإقليمية في المنطقة حسب ما جاء في وثائق هذا الاجتماع، وبالعودة إلى الوراء فإن القمة الأولى التي عقدت في القاهرة في آذار العام الماضي، والثانية التي عقدت على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول من نفس العام والثالثة في العاصمة الأردنية عمّان في 25 أب العام الجاري، هذه الأخيرة شهدت مشاركة رئيس الحكومة العراقية الجديد مصطفى الكاظمي، كافة هذه القمم تناولت توحيد المواقف في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية في ظل تراجع دور وتأثير هذه الدول فرادى ومجتمعة في سياق خارطة الإقليم العربي الجديدة، وظهر وكأن جهود هذه الدول تهدف إلى إيجاد مكان لها في ظل التوازنات الطارئة والجديدة يعيد لها القدرة على الفعل والتأثير، عوضاً عن حالة التهميش واستعادة دورها في رسم الخارطة الجديدة للمنطقة، كما أمكن من خلال وثائق هذه القمم بروز مهام هذا الاصطفاف في المواجهة مع ما يقال عن نفوذ متزايد وتدخلات لقوى إقليمية غير عربية مثل تركيا وإيران، إضافة إلى اسرائيل بطبيعة الحال . مخرجات بيانات وتصريحات قيادات هذه الدول عكست تماهي وانسجام هذا الاصطفاف مع بعض دول الخليج العربي التي دعمت هذا التوجه لحشد مختلف قواها في المواجهة مع تزايد النفوذ التركي والايراني في المنطقة العربية على وجه التحديد.

هذا «التكتل» أو «التحالف» بين هذه الدول يعيد إلى الذاكرة ذاك الاصطفاف فيما بينها إضافة إلى «اليمن الشمالي» بين العامين 1989/ 1990 والذي انهار بعد وقت قصير إثر الغزو الأميركي للعراق في سياق حرب «عاصفة الصحراء». في ذلك الوقت كان هدف الاصطفاف المذكور تشكيل محور عربي قوي يعتمد على مقدرات وفعاليات مؤثرة على الخارطة السياسية في تلك الفترة التي شهدت دوراً مركزياً للدول الثلاث في سياق السياسة العربية ومحوراً يؤكد هذا الدور وذلك التأثير على مجمل التطورات السياسية، في فترة شهدت فيها الخارطة السياسية العربية عدة محاور مماثلة تقريباً في الخليج كما في المغرب العربي.

في قمتهم الأخيرة، كان واضحاً أنّ أحد أسباب هذا الاصطفاف يعود إلى مواجهة ما أسمته التدخل الخارجي في إشارة واضحة إلى تركيا التي تتدخل في سورية وليبيا وتقيم تحالفاً اقتصادياً وأمنياً مع دولة قطر، ما أوجد دعماً خليجياً لمخرجات هذه القمة التي كررت ما جاء في وثائق القمتين السابقتين، وذلك في سياق التحالف الجديد، وكذلك الاشارة إلى إيران المتهمة بالتدخل في العراق ولبنان واليمن.

إلاّ أنّ التحوّلات الأخيرة في المنطقة العربية ونقصد تحديداً عملية التطبيع بين دول عربية، خاصة دولة الامارات العربية ومملكة البحرين مع إسرائيل، الأمر الذي كان من شأنه على الأرجح التأثير على استهدافات هذا الاصطفاف الجديد من خلال أخذ هذه التحولات بالاعتبار، كونها باتت تهدد ربما أكثر من التدخل التركي / الإيراني مصالح دول هذا التحالف خاصة مصر والأردن رغم أنهما أبرمتا معاهدات «سلام» مع إسرائيل ظلت باردة وصمّاء على عكس عملية التطبيع الحالية التي يمكن القول إنها علاقة «غرام» مع الاحتلال الاسرائيلي قد تتحول إلى تحالف إقليمي تقوده إسرائيل من شأنه تهديد مصالح عمّان والقاهرة ودورهما في عموم المنطقة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.

في مصر هناك خشية وتخوف من أن يشكل التطبيع الاماراتي مع إسرائيل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، خاصةً عندما تصبح قناة السويس أول وأهم ضحايا هذا التطبيع الذي من شأنه التأثير على المصالح المصرية في المجالات الأمنية والاقتصادية، خاصة بعد أن أشارت تقارير غربية وإسرائيلية إلى أن تل أبيب وأبو ظبي تعملان على إحياء خط أنابيب يمر عبر السعودية ليمتد من موانئ أبو ظبي إلى ميناء إيلات على خليج العقبة، ومنه إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط، وهذا الممر سيصبح أكثر أمناً مقارنةً مع الخط البحري بين قناة السويس ومضيق باب المندب نظراً لتأثيرات الحرب في اليمن، إضافة إلى التكلفة الأقل للعبور من خلال هذا الممر الجديد، ويقال إن الحديث المتواتر حول إمكانية التقارب بين القاهرة وأنقرة وجملة المصالحات على الساحة الليبية يعود بالدرجة الأولى إلى رد مصري على مثل هذه التحولات، بينما الأردن يخشى من أنّ عملية التطبيع من الممكن أن تصادر دوره فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ورعايته الخاصة على الأماكن المقدسة في العاصمة الفلسطينية القدس.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القاهرة  بغداد  عمان  تحولات «الاصطفاف» الثلاثي القاهرة  بغداد  عمان  تحولات «الاصطفاف» الثلاثي



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:48 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

إطلالات أنيقة وراقية للفنانة اللبنانية نور

GMT 19:08 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الجزائري مبولحي يخضع لبرنامج تأهيلي في فرنسا

GMT 08:14 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

غويتريش يُحذر من حرب معلومات مضللة في قطاع غزة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon