المسيحيون العرب والحفاظ على اللغة العربية

المسيحيون العرب والحفاظ على اللغة العربية

المسيحيون العرب والحفاظ على اللغة العربية

 لبنان اليوم -

المسيحيون العرب والحفاظ على اللغة العربية

هاني حبيب
بقلم : هاني حبيب

مع أنّ اللغة العربية كانت موجودة ومستخدمة قبل الإسلام، إلاّ أنّ التبحر بها والانشغال بعلومها يتطلبان معرفة واسعة بالقرآن الكريم، باعتباره المصدر الأساسي في الاستشهاد اللغوي، مع ذلك فإن هناك من غير المسلمين وخاصة المسيحيين العرب الذين أسهموا بحفظ هذه اللغة وعملوا على عصرنتها وتحديثها دون التخلي عن أصالتها، ما أسهم بتعزيز حضورها كوعاء للثقافة والتراث والأهم من ذلك الانتماء للهوية القومية العربية.

وإذا كانت هناك بعض الكنائس بالمنطقة العربية تقيم صلواتها وأنشطتها الرعوية بلغات أخرى كالسريانية فإن معظم الكنائس العربية تقيمها باللغة العربية الفصحى بما في ذلك وعلى الأخص الكنائس المارونية في فلسطين ولبنان وسورية والأردن أي بلاد الشام بشكل عام.

إلا أنّ دور المسيحيين العرب في نهضة اللغة العربية والحفاظ عليها لم يكن مجرد عمل لغوي قائم على حب هذه اللغة والاستمتاع باستعمالها فحسب بل إن ذلك يعود بدرجة مهمة إلى مواجهة عملية التتريك التي قامت بها الامبراطورية العثمانية لإحلال اللغة التركية كبديل عن اللغة العربية في الأقطار التي خضعت لها، كأحد أشكال مقاومة العثمانيين من خلال التمسك القومي بالهوية العربية، لهذا لم يكن من المستغرب أنّ هذا الاهتمام باللغة العربية والتمسك بها كان موازياً للنهوض القومي العربي إبان الاحتلال العثماني للمنطقة العربية فمنذ ذلك التاريخ شهدنا الدور الريادي لقادة القوى والأحزاب والتجمعات القومية العربية من المسيحيين العرب.

ولعل أول ما يلفت الانتباه إلى دور المسيحيين العرب في نهضة اللغة العربية والحفاظ عليها ما قام به ناصيف اليازجي المسيحي العربي اللبناني الذي كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب بترجمة دقيقة للكتاب المقدس «الإنجيل» إلى العربية العام 1864 وهو أيضاً صاحب كتب في النحو العربي مثل كتاب «مجمع البحرين «وهو أشبه بالمقامات.

إلاّ أن الإنجاز الأهم في سياق دور المسيحيين العرب في حفظ ونهضة اللغة العربية تمثل في صناعة المعاجم العربية، ونقول صناعة لأنّ هذه المعاجم بشكل عام لم تقتصر على معاني الكلمات بل على أغراض المفردات اللغوية والأدبية والعلمية والجغرافية والتاريخية مع شروح تفصيلية متضمنة في بعض الأحيان الأمثلة من التراث العربي. ولم تكتف بذلك بل أعادت العديد من المفردات إلى مصادرها الأولية وقد ساعدهم في ذلك انفتاحهم على الحضارة الغربية وتمكنهم في اللغات الحية كالانجليزية والفرنسية، وبذلك أسهمت إمكانياتهم الموسوعية في إعداد معاجم تعتبر من أهم كنوز اللغة العربية وحافظة لها، ونخص هنا بالذكر ما عرف عنه باعتباره «أستاذ الجميع» في صناعة المعاجم ونقصد المعلم بطرس البستاني، كونه أول من وضع معجماً عربياً عصرياً وأول من أقام مشروع دائرة المعارف العربية حيث نشرت ستة أجزاء في حياته وخمسة أجزاء بعد وفاته على يد أبنائه وأصهاره، وهي شبيهة إلى حدٍ ما بدائرة المعارف الانجليزية إلاّ أنّ المعجم الأكثر شهرة هو «محيط المحيط» في مجلدين العام 1870 وتمت إعادة طباعته آخر مرة على حد علمنا العام 1977، إلا أن البعض أخذ على البستاني دعوته إلى تقريب اللغة الفصحى من العامية بهدف الاستخدام الأمثل للغة العربية في الحياة اليومية وطريقاً لتطورها والحفاظ عليها.

في يوم اللغة العربية 18 كانون الأول تحية لكل من حافظ على من يحفظ هويتنا القومية العربية، والمسيحيون العرب في طليعة هذه الكوكبة المتجذرة في هويتنا العربية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسيحيون العرب والحفاظ على اللغة العربية المسيحيون العرب والحفاظ على اللغة العربية



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 20:45 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 11 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:08 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

ربيع سفياني يكشف أسباب تألقه مع التعاون

GMT 19:29 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نائب رئيس الشباب أحمد العقيل يستقيل من منصبه

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 22:12 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجدي الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:14 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 03:49 2024 الأحد ,17 آذار/ مارس

"Dior" تجمع عاشقات الموضة في حفل سحور بدبي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon