الترجمة والمسبار

الترجمة والمسبار

الترجمة والمسبار

 لبنان اليوم -

الترجمة والمسبار

بقلم: سمير عطا الله

لعب العراقيون دور الرواد في الترجمة منذ العصر العباسي. وبرعوا في ذلك براعة شديدة فيما بعد. وبرغم أصالتهم في الشعر والمواهب الأدبية الأخرى، فقد أبقوا الترجمة حيزاً مميزاً. وهو ما حققته مصر ولبنان إلى مدى أبعد، فيما تخلفت عنه سوريا عمداً بحجة الحفاظ على اللغة العربية.
وهناك من لا يزال متحمساً لهذا المبدأ، فيما يقوم خارجه عالم من الثقافات والروائع الأدبية والحضارات والعلوم التي لا مجال لها من غير الترجمة.
أشير دائماً إلى دار «المدى» وما يصدر عنها من ترجمات، لأنها على الأرجح الأكثر نتاجاً، بالإضافة إلى ما توليه لهذا النتاج من عناية ودقة. ومع ازدهار حركة الترجمة برز عددٌ من المترجمين؛ خصوصاً في العراق. ويبذل العراقيون أقصى جهدٍ تتطلبه قواعد النشر، بينما ألاحظ بألم بعض الدور اللبنانية؛ خصوصاً العريقة منها، بدأت تدفع إلى قرائها كتباً مليئة بالأغلاط المطبعية السافرة، والأخطاء اللغوية غير المبررة، ما يعني تلقائياً أن هناك إهمالاً في الترجمة نفسها.
أعتذر عن عدم تسمية المجموعة التي أرتاح جداً إلى عملها، لأن اللائحة غير قصيرة على الإطلاق. وأحب أن أشير إلى السيدة لُطفية الدليمي نموذجاً للمترجم المثقف والمتكرس الذي يتحول في نهاية المطاف بعد حياة في العمل المهني، إلى أديب بحد نفسه. إن كتاب الدليمي «عصيان الوصايا» درسٌ أكاديمي في علم الترجمة وآدابها.
والترجمة هي أيضاً مهارة الانتقاء، وهذا ما يتشارك فيه المترجمون وأهل الدور، وتكون النتيجة في النهاية حالة من الحالات الثقافية التي لا تقل أهمية في تأثيرها عن العمل الأكاديمي الجديّ.
تُقدم لُطفية الدليمي في «وصاياها» خلاصة رحلة طويلة بين الكتب، سواء التي قرأتها أو التي ترجمتها أيضاً.
وكذلك فعل عدد من خيرة العاملين في هذا الحقل. أي مضاعفة الفائدة على القارئ ومساعدته على الخروج من أفق ضيّق أو محدود إلى فناء ثقافي شديد التنوع وكثير الغنى.
الترجمة ليست خيانة للغة أو تقليلاً من أهميتها، وإنما هي إثراء لها وإثراء لسائر آداب الحياة والعلوم. إن التذرع بالحفاظ على اللغة كان يمكن أن يقبل قبل امتلاء العالم بمئات القنوات وآلاف الكتب الصادرة كل يوم، ووصول مسبار دبي إلى المريخ.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الترجمة والمسبار الترجمة والمسبار



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 02:24 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الحبوب وأكثرها فائدة لصحة الإنسان

GMT 02:03 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مشاهير عالميون حرصوا على أداء مناسك عمرة رمضان 2024

GMT 15:36 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 19:38 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح عند اختيار طاولات غرف طعام مستديرة

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:47 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفكار لارتداء إكسسوارات السلاسل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon