إتّجاه لتعديل مشاريع «سيدر»

إتّجاه لتعديل مشاريع «سيدر»

إتّجاه لتعديل مشاريع «سيدر»

 لبنان اليوم -

إتّجاه لتعديل مشاريع «سيدر»

طوني عيسى
بقلم :طوني عيسى

ويبدو أنّ الحكومة اللبنانية أضاعت فرصة ثمينة للاستفادة من الزخم الذي كان موجوداً عند انعقاد المؤتمر في نيسان 2018، والذي أخذ يتآكل شيئاً فشيئاً بسبب فشل الطاقم السياسي اللبناني في التعامل مع الملف.

هذا الطاقم نفَّذ في الأسابيع الأخيرة مناورة حاول خلالها إقناع الفرنسيين والمانحين بأنه يسير في الطريق الصحيح لتنفيذ شروط «سيدر». وحاول تقديم الكثير من المبرِّرات للتلكؤ والإمعان في نهج انعدام الشفافية طوال عام ونصف العام من صدور القرارات.

وفي الزيارة الأخيرة لباريس، حاول الرئيس سعد الحريري أن يقنع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن هناك خصوصية في الوضع اللبناني تمنع التزام شروط الإصلاح بالكامل. وتمنى عليه، من باب «المَونة»، تحريك المساعدات شيئاً فشيئاً، في موازاة التقدّم نحو الإصلاحات خطوة خطوة، وإلا فإن لبنان معرّض لمأزق كبير يهتزّ فيه استقراره المالي والنقدي والاجتماعي… وربما الأمني، وهذا ما لا تريده فرنسا ولا أي من أصدقاء لبنان.

وأعاد الحريري شرح الأسباب التي حالت دون أن تكون موازنة 2019 في موعدها، وأن تقترن بإصلاحات حقيقية. وقد واجهه ماكرون بتقرير تفصيلي عن الخطوات الإصلاحية التي كان من السهل على الحكومة اللبنانية أن تعتمدها، من دون تأخير، لكنها لم تفعل بسبب الفساد وشبكة المنتفعين منه.

ولم يستطع الحريري أن يبرّر هذه المسألة. وحاول تسويق نظرية مفادها أنّ على الجهات المانحة أن تقتنع مرحلياً بما تحقق حتى الآن من مكافحة للفساد، وتفتح «الحنفية» تدريجاً. فمجرد تقليص نسبة الفساد في الدولة من الحدود الكارثية إلى حدّ أدنى بقليل هو أمر يجب تقديره وبداية جيدة، لكن الفرنسيين رفضوا تماماً هذه النظرية وأصرّوا على إظهار الجدّية من خلال تغيير النهج تماماً شرطاً للإفراج عن المساعدات.

وأساساً، ما زال الفرنسيون يصرون على أنّ الجهات المانحة هي التي تشرف على تنفيذ المشاريع المنتظر تمويلها من «سيدر». ويطرحون تشكيل هيئة من الجهات والمؤسسات الدولية المانحة تأخذ على عاتقها هذه المهمة، فلا يبقى الأمر مرهوناً بمجلس الإنماء والإعمار، كما في العقود الأخيرة.


لكن الجانب اللبناني يبدي اعتراضات قوية على ذلك متذرعاً بأنّ الأمر يرسل إشارة سلبية عن الثقة بلبنان ودولته ويشكل وصاية على لبنان وسيادته المالية وحتى السياسية. وفي النهاية، لم يتراجع ماكرون عن شرطه، لأن الجهات المانحة لا تثق في الطاقم السياسي الذي سيدير المساعدات.

وبين الاستعجال اللبناني لبدء الحصول على مساعدات «سيدر»، والإصرار الفرنسي على الإصلاح أولاً، ظهرت مخاوف من تطيير الـ11 مليار دولار، كلياً أو جزئياً، كما عبّر عن ذلك راعي المؤتمر بيار دوكان في زيارته الأخيرة لبيروت، لأن الكثير من الجهات المانحة قد تحوّلها إلى بلدان أخرى.

لكن الأهم هو الطرح الذي بدأ تداوله لدى الجهات المعنية أخيراً، ومفاده أنه من الأفضل إعادة النظر في المشاريع الـ250 التي تم الاتفاق على تمويلها في «سيدر»، ربيع 2018، لأنّ الكثير منها يخدم التركيبة السياسية النفعية القائمة حالياً، ولا يضخّ الدم في النشاط الاقتصادي المنتج.

ولذلك، هناك اتجاه إلى إعادة النظر في البنود السابقة من «سيدر»، ما دامت مجمدة أساساً، بحيث يتم استبدال العديد من المشاريع بأخرى أكثر حيوية، ووفقاً لما تقتضيه الخطة الإصلاحية، على أن يكون التنفيذ بإشراف الجهات والمؤسسات المانحة.

وتتلقف الطبقة السياسية حتى اليوم هذه الطروحات الدولية بمزيد من المناورات للتملص. وحتى دولة الإمارات العربية المتحدة التي جرى تدبير «عراضة» واسعة لدفعها إلى «فكّ الزنّار» و»القوطبة» على «سيدر»، لم تقم بأي خطوة. واضطر الحريري إلى أن ينفي بنفسه ما أشيع عن وديعة إماراتية في مصارف لبنان. والحال مع السعودية مشابهة.

ويتحدث البعض عن شروط سياسية تكمن وراء الأزمة ويرى أن «العناد» الفرنسي والخليجي يتم بإيحاء من الإدارة الأميركية في سياق حربها على «حزب الله» وإيران. وبمعزل عن مدى دقّة هذه الفرضية، لا يجيب أركان السلطة في لبنان عن السؤال الآتي: لماذا لا يقومون هم بسدّ كل المنافذ داخلياً بسلوك نهج الإصلاح، فتنكشف العوامل الخارجية تلقائياً؟

وأما إذا كانت هذه الطبقة عاجزة عن تحقيق الإنقاذ، فسيكون الحل بإنتاج سلطة جديدة من خلال العمليات الدستورية الطبيعية، أي بانتخابات نيابية جديدة وتشكيل حكومة تكنوقراط حقيقية تتولّى وضع برنامج إنقاذ سريع ولا يمكن التملّص منه. ويوماً بعد يوم، يتبين أن هذا الخيار قد بات حتمياً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إتّجاه لتعديل مشاريع «سيدر» إتّجاه لتعديل مشاريع «سيدر»



GMT 12:47 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان: الاستقلال للشعب... والاحتلال للسلطة!

GMT 12:42 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

المريض الايراني والعراق

GMT 12:37 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الوطنية من بيروت إلى بغداد

GMT 12:33 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لكن هؤلاء «الأشرار» هم أبناؤنا

GMT 12:31 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

السرّ في اللغة

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:03 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

العالم على موعد مع أول "تريليونير" في التاريخ خلال 10 سنوات

GMT 06:56 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أخطاء تجنبيها للظهور بصورة أنيقة ليلة رأس السنة

GMT 00:54 2023 الخميس ,27 إبريل / نيسان

أفضل الإكسسوارات والمجوهرات لهذا الموسم

GMT 19:50 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة السيدة الأميركية الأولى السابقة روزالين كارتر
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon