هواجس الحزب ما أجندة الحريري

هواجس "الحزب": ما "أجندة" الحريري؟

هواجس "الحزب": ما "أجندة" الحريري؟

 لبنان اليوم -

هواجس الحزب ما أجندة الحريري

طوني عيسى
بقلم : طوني عيسى

قد تتمّ تسمية الرئيس سعد الحريري في استشارات بعد غد الخميس. ولكن، من أجل ولادة الحكومة الجديدة سيكون حتمياً انتظار معطيات أخرى. وفيما الجميع يتلهّى بخلاف الحريري - باسيل وكأنّه العقدة، يبدو السبب الحقيقي للتعطيل أعمق بكثير من خلافات الطوائف وزعمائها. إنّه قرار إيران: لا مجال للإفراج عن الحكومة قبل الأوان.

إذا كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وفَّر للحريري تغطية أميركية وسعودية، فهذا يعني أنّه قطع نصف الطريق لإيصاله إلى السرايا الحكومية. لكن النصف الآخر، الإيراني، يبدو حتى الآن غير سالك.

لا يعود ذلك إلى تشكيك الإيرانيين بالحريري تحديداً. فإنّهم اختبروه منذ العام 2016، حتى في تجربة استقالته الشهيرة عام 2017، بسبب اصراره على تجنب المواجهة مع الحزب منعا لفتنة مذهبية محتملة واعتماده سياسة تدوير الزوايا.

لكن الإيرانيين و"الحزب" قلقون من احتمال أن يكون "الحريري الآتي" انقلابياً على «الحريري السابق». فمجرَّد انطلاق الرجل من دعم أميركي وسعودي هو أمرٌ يثير شكوكهم. فهل جرى "إِلباسُه" أجندةً «معادية» لهم؟ وصحيح أنّ طهران لا تصنّف فرنسا في جبهة "الأعداء"، لكنها تعتقد أنّ ماكرون مضطر إلى التقاطع مع البرنامج الأميركي في لبنان والشرق الأوسط.

وفي أي حال، يفضِّل الإيرانيون أن ينتظروا بضعة أيام إضافية، أي حتى 3 تشرين الثاني على الأقل، ليعرفوا مع مَن سيتعاطون في البيت الأبيض، بدءاً من كانون الثاني 2021، بايدن أم ترامب. وفي تقديرهم أنّ هناك مجالاً لاستعادة «مناخ أوباما» في الشرق الأوسط.

ولذلك، إذا فاز جو بايدن، فإنّ إيران ستواصل إضاعة الوقت حتى انتهاء ولاية دونالد ترامب. ولكن، إذا كرَّس ترامب حضوره لأربع سنوات أخرى، فسيكون عليها أن تتحسَّب لحسم النزاع، إما بعقد صفقة الحدّ الأدنى من الخسائر، وإما بالمواجهة المفتوحة انتحارياً.

وثمة مَن يعتقد أنّ هناك صفقة آتية بين إيران وواشنطن، أياً كان الفائز في البيت الأبيض. فطهران وفصائلها الحليفة في الشرق الأوسط، وأبرزها "حزب الله"، لم تعد تتمع بـ"النفَس الطويل" لخوض المعارك إلى ما لا نهاية، خصوصاً تحت تأثير العقوبات والضغوط الاقتصادية. وهي تعتقد أنّ اتفاقها مع الديموقراطيين سيكون أقل كلفة.

في لبنان، المأزق الإيراني هو: أين سيكون موقع «حزب الله» في الصفقة؟ وفي عبارة أكثر وضوحاً، ما مستقبله في السلطة وأي هامش سيبقى له، وأي سلاح، في ظلّ الضغوط الأميركية والأوروبية والإسرائيلية والعربية، لإبعاد الترسانة الإيرانية عن حدود إسرائيل وشرق المتوسط؟

في رأي هؤلاء، أنّ ملامح الصفقة بدأت تظهر عملانياً، وأنّ الإيرانيين يعرفون أنّهم مرغَمون على خفض سقوفهم في المرحلة المقبلة. ولذلك، بدأوا يمهِّدون للطبخة، ومسارُ الناقورة هو أحد الدلائل. فدخول لبنان في مفاوضات مع إسرائيل، فيما «حزب الله» يتمتع بالقرار الأقوى داخل سلطته، يعني أنّ هناك ضوءاً أخضر إيرانياً للمفاوضات.

وفي تقديرهم، أنّ مزيداً من الإشارات إلى ذلك سيظهر تباعاً، مع تطوُّر المحطات التفاوضية. فصحيح أنّ المنطلق هو ترسيم الحدود بحراً، أي إنّه يحمل طابعاً تقنياً، لكن هذا النقاش يلامس الجوانب الاقتصادية، حيث الجميع مضطرون إلى تقاسم مخزونات الغاز والنفط المتداخلة. وبذلك، تتجاوز المفاوضات جوانبها التقنية، بضمان الراعي الأممي والوسيط الأميركي.

بالطبع، سيحرص لبنان بقوة على تجنّب أي نقاش سياسي في المفاوضات. لذلك، سيكون مضطراً إلى التزام الفصل الدقيق بين الجانبين الاقتصادي والسياسي. وكان لافتاً اعتراف رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، بعد انطلاق المفاوضات، بأنّ لا سلام مع لبنان ما دام "حزب الله" يمتلك النفوذ.

بهذا الموقف، أوحى الإسرائيليون بأنّ إيران هي التي تملك قرار التفاوض السياسي مع لبنان، أي أنّ شركاء "حزب الله" في السلطة ليسوا متصلّبين في المطلق إزاء اتفاق السلام مع إسرائيل. ورئيس الجمهورية ميشال عون أعلن أنّه يوافق على اتفاق إذا تمّ حلّ «المشكلات» بين البلدين. وأما الحريري فلا شيء يوحي أنّه بعيد من هذه الرؤية، خصوصاً إذا جاء إلى الحكومة بقوة الدعم الغربي والعربي سياسياً ومالياً واقتصادياً.

عند هذه النقطة يصبح الحريري موضع 'شكّ" أو "امتحان". فلدى "الحزب" الكثير من الأسباب التي تجعله داعماً لعودة الحريري إلى السرايا، ولكن، عليه "التيقّظ" لأنّ الحكومة الآتية قد تكون مضطرة إلى حسم كثير من المسائل التي يعتبرها «الحزب» أكثر من مصيرية بالنسبة إليه:

مفاوضات الناقورة وهواجس تسييسها، المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وهواجس الدخول تحت الوصاية الأميركية، الأثمان المطلوبة لاستثمار الغاز، أثمان معالجة الانهيار وتحريك المساعدات الخارجية، إعادة هيكلة القطاعين المالي والمصرفي، انهيار طاقم السلطة واحتمال نشوء طاقم جديد، الضغط الدولي لتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بفرض سلطة الدولة، وسوى ذلك.

سيتجنَّب "الحزب" أن ينزلق تدريجاً ليفقد فيها زمام المبادرة، مهما كلَّفه ذلك. وبالطبع، إنّ شخصية كالرئيس حسّان دياب تناسبه في السرايا، وتوفِّر له «راحة البال» أكثر من الحريري. ولكنها احترقت ولم يعد قادراً على إحيائها. ولذلك، سيمسك بالعصا من منتصفها: دياب يُصرِّف الأعمال، والحريري يُكلَّف ولا يؤلِّف. وبعد 3 تشرين، قد يُحسَم الاتجاه وقد يطول الانتظار أكثر. ولتمضية الوقت، يتصارع الجميع مع الجميع ويملأون الفراغ.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هواجس الحزب ما أجندة الحريري هواجس الحزب ما أجندة الحريري



GMT 19:29 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

ما يملكه الضعفاء

GMT 19:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

في الحنين إلى صدّام

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

حرب أوكرانيا... واحتمال انتصار الصين!

GMT 19:12 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إيران أكبر عدو لنفسها

هيفاء وهبي بإطلالات باريسية جذّابة خلال رحلتها لفرنسا

القاهرة - لبنان اليوم
 لبنان اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 12:49 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين
 لبنان اليوم - أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين

GMT 12:27 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
 لبنان اليوم - "فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 10:02 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 11:31 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 13:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:09 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يسود الوفاق أجواء الأسبوع الاول من الشهر

GMT 13:58 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

موضة المزهريات الدارجة في عام 2024

GMT 19:52 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إصابة 17 مشجعاً إثر حادث تصادم جماعي في بريطانيا

GMT 14:50 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

موديلات أحذية العرائس المزينة بالعقدة الأمامية

GMT 15:39 2022 الخميس ,20 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة آثار الحبوب السوداء من الجسم

GMT 21:38 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفضل عطور لافندر للنساء في 2022
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon