بايدن وماكرون والتفاهم «الخَطِر» على لبنان

بايدن وماكرون والتفاهم «الخَطِر» على لبنان

بايدن وماكرون والتفاهم «الخَطِر» على لبنان

 لبنان اليوم -

بايدن وماكرون والتفاهم «الخَطِر» على لبنان

طوني عيسى
بقلم : طوني عيسى

الأرجح أنّ حراكاً فرنسياً - أميركياً حول لبنان سينطلق في الأسابيع القليلة المقبلة، ويترسّخ اعتقاد في باريس بوجود فرصة جدّية، ليس فقط لإحياء المبادرة الفرنسية التي ماتت في نهايات عهد الرئيس دونالد ترامب، بل أيضاً لتحقيق حلول عملانية للمأزق اللبناني. ولكن، هل هذا الانطباع صار في محلّه بعد وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض؟ أي هل نجح رهان الرئيس إيمانويل ماكرون على انتظار خروج ترامب؟

مثيرٌ أن يكون لبنان حاضراً في أول اتصال قمة أميركي - فرنسي، فهو يؤكد أهمية الملف اللبناني لدى الأميركيين والفرنسيين. ولكن، في الخبر الصادر عن الرئاسة الفرنسية، هناك 3 ملاحظات:

1 - على الأرجح، الفرنسيون - وليس الأميركيون - هم المتحمسون حالياً لإنجاز خطوات عملانية في لبنان.

2 - إنّ الإعلان عن تعاون الطرفين في الملف اللبناني جاء متلازماً مع الإعلان عن تعاونهما في ملف إيران، وهذا يوحي بأنّ الطرفين مقتنعان بوجود تلازمٍ بين الأزمتين والحل المفترض لكل منهما.

3 - أعرب الطرفان عن أنهما سيعملان معاً «في الشرقين الأدنى والأوسط». وإنّ التحديد الجغرافي للبقعة المقصودة، وفق المفهومين الأميركي والأوروبي، يبدأ من شرق المتوسط وحدود تركيا ويشمل إسرائيل والمشرق العربي وصولاً حتى إيران.

يوحي هذا الكلام أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون في صدد عملية خلط للأوراق على مستوى علاقاتها الدولية، وستكون ركيزتها عودة التحالف مع الشركاء الأوروبيين. وهذا الأمر يتناقض مع نهج ترامب المُتفلِّت من ضوابط العلاقات التقليدية مع أوروبا وتغليب المصالح في شكل مطلق.

وملامح هذه العودة ظهرت في واشنطن منذ اللحظة الأولى لدخول بايدن إلى البيت الأبيض، وتَجلّت خصوصاً بعنوان عودة واشنطن الفورية إلى اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، وبالتقارب السياسي الموعود مع الأوروبيين حول غالبية القضايا الدولية.

وسَبق لرئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن دعا بايدن إلى الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وواشنطن، ضمن «ميثاق تأسيسي جديد للعلاقات عبر الأطلسي». ويقول الأوروبيون إنهم يراهنون على وجود صديق لهم في البيت الأبيض طوال 4 سنوات مقبلة.

وتبلغ المراهنة على بايدن ذروتها مع باريس، فالفرنسيون تفرّدوا عن البريطانيين والألمان بالتباين مع ترامب في ملفات عدّة، ومنها إيران، كما تمايزوا عنه في تعاطيهم مع ملفات أخرى كـ»حزب الله» في لبنان. لكنّ الفرنسيين اشتبكوا مع الإدارة الأميركية السابقة في مسألة التعاطي مع تركيا، وهذا الاشتباك ترك بصماته العميقة في العلاقات بين الطرفين.

تَصادمَ ماكرون مع ترامب في العام 2018، خلال زيارته فرنسا للاحتفال بذكرى الحرب العالمية الأولى. آنذاك، سَخر من مضيفه الفرنسي الذي أطلقَ فكرة تشكيل جيش أوروبي لحماية القارّة، ليس من الصين وروسيا فحسب، بل أيضاً من الولايات المتحدة، وأيّدَته في ذلك مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل.

غَضبَ ترامب آنذاك، وقال: «ألمانيا، لا سواها، كانت مصدر تهديد لفرنسا في الحربين العالميتين. وفي باريس، كانوا قد بدأوا يتعلمون الألمانية قبل وصول الولايات المتحدة». وأضاف: «مشكلة إيمانويل (ماكرون) أنه يعاني تدني شعبية وصل إلى 26 % وبطالة بلغت 10 %».

لكنّ المواجهة الأكثر سخونة بين الرجلين هي تلك الصامتة، والتي دارت حول نهج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي فتح المواجهة ضد فرنسا في كل الاتجاهات، من ليبيا وحوض المتوسط واليونان إلى ناغورني كاراباخ. ويعتقد الفرنسيون أنّ ترامب هو مَن وَفّر التغطية لأردوغان لينفّذ خطواته التوسعية على حساب المصالح الأوروبية.

وفي الملف الإيراني، لم يستجب الأوروبيون لدعوة ترامب بالانسحاب من الملف النووي. ويتّهمهم الرئيس الأميركي السابق بالالتفاف وإنقاذ إيران من الحصار. لكنّ القاسم المشترك بين الأميركيين والأوروبيين هو عدم السماح لإيران بتهديد أمن إسرائيل.

أمّا في لبنان، فالفرنسيون كانوا يميلون إلى تسوية يشارك فيها «حزب الله»، لكنّ الأميركيين وضعوا «فيتو» عليها. ولذلك، جمَّد ماكرون مبادرته وراهَن على انتظار بايدن.

وسط كل هذه المعطيات، ينتظر المراقبون كيف سيتصرّف بايدن في الملف اللبناني، أي إلى حدّ سيمضي في الضغط على «الحزب». وهم ينتظرون: في سوق المقايضات الدولية والإقليمية التي ينخرط فيها الأميركيون والفرنسيون، قد يتم الاتفاق بالإجماع على فكّ ارتباط سوريا بإيران

ليس بسيطاً الجواب عن هذا السؤال، فالولايات المتحدة ستتعاطى مع ملف «حزب الله» باعتباره مرتبطاً عضوياً بالملف الإيراني، بما يشكّله من أخطار، خصوصاً على إسرائيل. وبالتأكيد، سيراعي الأميركيون مصالح إسرائيل الأمنية في هذا الملف. وفي المقابل، ستزداد مخاوف الفرنسيين من انهيار لبنان، ولذلك، هم سيضغطون لفكّ الارتباط بين إيران و»حزب الله» ودعم حياد لبنان.

وفي سوق المقايضات الدولية والإقليمية التي ينخرط فيها الأميركيون والفرنسيون، قد يتم الاتفاق بالاجماع على فكّ ارتباط سوريا بإيران، ضمن تسوية سياسية على مستوى الشرق الأوسط. وهذا الأمر يريح إسرائيل، ويُضعف «حزب الله» الذي يُمسك اليوم بالسلطة، ويقطع اتصالَه بإيران نهائياً.

ولكن، في هذه الحال، ووسط اهتراء سياسي داخلي يُخشى أن يكون مقصوداً ومُخططَاً له، ثمّة مَن يخشى أن تذهب الخيارات قسراً إلى أماكن خطرة تحت عنوان الواقعية، ومنها أن تتم طَمأنة «الحزب» من خلال صيغةٍ يحظى فيها مجدداً بالالتفاف والدعم من نظام الرئيس بشار الأسد. وقد لا يمانع أحد من اللاعبين الخارجيين الكبار في حصول ذلك، ما دام يؤمّن شكلاً من أشكال «الاستقرار» في لبنان وسوريا، ويُبعد إيران عنهما، ويريح الجميع.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن وماكرون والتفاهم «الخَطِر» على لبنان بايدن وماكرون والتفاهم «الخَطِر» على لبنان



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon