أين كنا وأين أصبحنا

أين كنا وأين أصبحنا؟

أين كنا وأين أصبحنا؟

 لبنان اليوم -

أين كنا وأين أصبحنا

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

حضرني مقال للدكتورة غانية ملحيس، تستعرض فيه بعمق مدى أهمية النداءات والبيانات التي يجتهد بعض الشخصيات الوطنية في جمع توقيعات أكبر عدد من النخبة السياسية والثقافية، والأكاديمية، تجتمع حول مطالبات ونصائح للفصائل والقيادات السياسية، وآخرها كان موجهاً للرأي العام العالمي بثلاث لغات، يركز على موضوع الضم، وسياسات الاحتلال.لقد كثرت وتنوّعت العرائض والبيانات والنداءات المشتركة التي تنتهي بمطالبات للقيادات، تدعوها إلى إنهاء الانقسام، وإعادة بناء الاستراتيجية الوطنية، وترميم أو تفعيل أو إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وأدوات الفعل الكفاحي.

المحصلة كانت دائماً صفراً، فالقيادات سادرة في حساباتها الانقسامية، والتمسك كل برؤيته، دون أن يتحرك شيء بالمعنى الوطني العام لا قبل «صفقة القرن» ولا بعد إعلانها وما نُفّذ منها، وما ننتظر تنفيذه.يشير ذلك إلى سطوة الفصائل، وفوقية القيادات، وإلى ضعف النخب والشخصيات الوطنية العامة بكل مسمّياتها واهتماماتها.لم يعد لدى النخبة الفلسطينية ما تنصح به، أو تقدمه لمعالجة الوضع القائم حتى جفّت الأفكار والمبادرات، وتحوّلت الحوارات، والمساهمات إلى جدل بيزنطي يكرر خلاله الناس في كل مرة، ما كانوا أدلوا به عشرات المرّات.

يدعو ذلك إلى العودة للتذكير بما كان عليه الحال قبل «أوسلو»، وقبل ظهور «الإسلام السياسي» على النحو الذي هو عليه من القوة والحضور والفاعلية، حتى نخلص إلى حقيقة مرّة، الحقيقة على ما يبدو، وأرجو أن أكون مخطئاً، هي أن لا إمكانية للجمع بين برنامجين ومشروعين متوازيين ومتناقضين.من الأساس يقوم مشروع «الإسلام السياسي» كبديل نقيض لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومشروعها وطبيعتها، ما يستنزف الطرفين، ويستهلك الطاقة الوطنية، إلى الحد الذي يتيح لدولة الاحتلال استغلال هذا الوضع لتمرير وفرض مخططاتها التوسعية العنصرية.

«الإسلام السياسي» لا يمكن أن يدخل منظمة التحرير كشريك ثانوي، إلاّ في حالة واحدة، وهي أن يصبح صاحب القرار، وحينها لن تكون منظمة التحرير هي ذاتها التي نعرفها حتى الآن. وفي المقابل تقاوم حركة «فتح» وفصائل المنظمة دفاعاً عن المنظمة بصرف النظر عمّا آلت إليه أوضاعها.نضطر في هذه الحالة للعودة إلى بعض الإشارات، التي تتصل ببعض تقاليد العمل الوطني بين الفصائل قبل «أوسلو»، والظهور القوي لـ «الإسلام السياسي».كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفصائل أخرى في المنظمة تقدم نفسها أو تتطلع لأن تكون بديلاً لحركة «فتح» في قيادة المنظمة والشعب الفلسطيني من واقع تقييمها لذاتها على أنها الطرف الأكثر ثورية.

وخلال معارضتها الشديدة لبرنامج «النقاط العشر»، شكلت مع فصائل أخرى «جبهة الرفض»، ثم «جبهة الإنقاذ»، وخاضت حوارات ساخنة مع حركة «فتح» والجبهة الديمقراطية صاحبة مشروع «النقاط العشر».
كان التناقض بين الحركة الوطنية اللبنانية والثورة الفلسطينية مع القوى اللبنانية الطائفية، وخلالها اندلع ما يمكن اعتباره «الحرب الأهلية».غير أن التناقض المشحون بين فصائل رفض «البرنامج المرحلي»، لم يصل إلى حد الصدام المسلّح، ولم يهبط بقيم الحوار إلى الحدّ الذي بلغه الحوار هذه الأيام من الإسفاف والانحطاط، والاتهامات بالخيانة، وخدمة الاحتلال.

«الشعبية» كانت معروفة بسياسة الانسحابات والتمثيل الرمزي في عديد جلسات المجلس الوطني، ولكن لم يفكر أو يُقدِم أي فصيل على الانسحاب من المنظمة، أو أن يطرح ذاته بديلاً عنها.لم ينزف الدم الفلسطيني على خلفية الخلاف السياسي الحاد، ولم يستغرق حل أي احتكاك أو خلاف أكثر من ساعات، وفي أسوأ الحالات ثماني وأربعين ساعة.العام 1976، حين اندلعت «انتفاضة يوم الأرض» وكان الخلاف السياسي حاداً حينذاك، أقامت الفصائل مهرجاناً في «اليونسكو» ببيروت حضره عشرات الآلاف في القاعة وخارجها.

حين بادر عريف المهرجان للطلب من جورج حبش إلقاء كلمته وكان الأول، صعد إلى المنصّة وقال: «في مثل هذا اليوم لفلسطين كلمة واحدة يلقيها قائد الثورة ياسر عرفات» ثم عاد إلى مقعده.وقد كرّر هذا الموقف في أحد احتفالات الجبهة بمناسبة تأسيسها بعد أن قال أبو عمّار عن حبش: إنه قائد الثورة، فبادره الحكيم بالقول إن للثورة قائداً واحداً هو أبو عمّار.عليّ أن أذكر، أيضاً، أن هذا الموقف تكرر في الدورة الثامنة عشرة للمجلس الوطني حين كان الخلاف حاداً بشأن الاعتراف بقراري مجلس الأمن الدولي (242) و(338) اللذين أقرهما المجلس، إذ وقف حبش بعد (إعلان الاستقلال) يهتف «ثورة ثورة حتى النصر، وحدة وحدة حتى النصر».

لم يغب الاحترام وآداب التعامل بين قيادات الثورة، فلقد كان الشهيد والقائد الكبير خليل الوزير، يتعمّد حجز كرسيه في المجلس الوطني حتى إذا دخل «الحكيم»، نهض من مكانه وأسرعَ إليه لاستقباله ومساعدته في الوصول إلى المقعد الذي كان يجلس عليه «أبو جهاد»، ثم يجد لنفسه مقعداً.لا أذكر ذلك من باب الحديث عن مناقب القيادات، وإنما عن قيم ثورية، أين نحن منها اليوم؟ الثورة أخلاق وقيم وأحلام، فإن خلت، كما يقول المثل الشعبي، بلت.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

الضمّ ضربة قاتلة للمشروع الصهيوني

تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين كنا وأين أصبحنا أين كنا وأين أصبحنا



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:24 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الممثل التلفزيوني جاك أكسلرود عن عمر ناهز 93 عاماً

GMT 17:28 2023 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

نشرات "لينكد إن" الإخبارية بين الترويج وتخطي الخوارزميات

GMT 10:51 2020 الأحد ,26 إبريل / نيسان

انضمام هند جاد لـ "راديو9090" خلال شهر رمضان

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 18:26 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الحكم بسجن لوكاس هيرنانديز 6 أشهر بسبب "ضرب" زوجته

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 07:24 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

غفران تعلن مشاركتها في "الاختيار 2" رمضان 2021

GMT 17:09 2023 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

وفاة المغنية الأميركية الشهيرة لولا دي عن عمر ناهز 95 عاماً

GMT 17:36 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

"مودل روز" تثير الجدل بإطلالة جريئة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon