تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي

تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي

تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي

 لبنان اليوم -

تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

إذا كان الإنسان ابن بيئته، فإن ترامب ليس نبتاً شيطانياً، فهو ابن البيئة الأميركية المحكومة لقواعد أشبه بقانون الغاب. حتى القانون الأميركي، الذي يبدو أنه يقوم على قواعد الديمقراطية، لا يستطيع إخفاء مضامين قواعد التوحش. ترامب ينتمي إلى أصحاب المليارات، ولغة الصفقات، التي لا ترحم صغيراً أو كبيراً، وتتمتع بأقصى درجات الأنانية.الديمقراطية الغربية في حقيقتها تقول، «أنت حرّ ما لم تضر»، والمقصود بالضرر الذي يصيب أصحاب الاحتكارات الكبرى وهم أصحاب القرار، أيضاً. الطغمة الحاكمة في الدولة الرأسمالية الاستعمارية الأقوى، لا تهتم بمن يعيش أو يموت، ولا من يأكل التراب ومن يأكل الكافيار.

في مقالة للصحافي روني شكيد وهو يصف نتنياهو، لكن الأمر ينطبق على صورته الأميركية ترامب، يقول، «لا يخلو موكب الحماقة في التاريخ اليهودي من قادة متعصبين متطرفين مسيحانيين مصابين بجنون العظمة ومتلاعبين بالآخرين سببوا بسياساتهم الدمار والخراب وخسارة الاستقلال السياسي وسحق الشعب». ألا ينطبق توصيف شكيد على رواد الحربين العالميتين الأولى والثانية؟ هل بقيت مؤسسة دولية، أو دولة، أو شعب لم يتعرض للأذى من سياسات الإدارة الأميركية الراهنة؟، وهل يسلم المجتمع الأميركي من الأذى الذي تلحقه سياسات ترامب الداخلية، والتي ظهرت عوراتها مع جائحة «كورونا»، والإعصار الاجتماعي الذي نجم عن التحريض العنصري؟ إن كان الشعب الفلسطيني جزءا لا يتجزأ من الأمة العربية، وكذلك الشعب السوري، والليبي، واللبناني، والعراقي، فأي أذى لحق بالأمة العربية جرّاء السياسة الاستعمارية التي تديرها الولايات المتحدة؟ حرب ترامب على العالم بدأت من الأمم المتحدة، التي عليها أن تعود وتخضع لسياسات ومصالح الولايات المتحدة، وإلاّ فلتمُت هذه المنظمة مع كل مؤسساتها.

في أول تصريح لها كمندوبة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، صرحت نيكي هايلي، بأن هذه المنظمة منحازة للفلسطينيين ومعادية لإسرائيل. جاء ذلك بعد التصويت في مجلس الأمن لإدانة الاستيطان في الأسابيع الأخيرة من وجود باراك أوباما في البيت الأبيض ـ صدور القرار 2334، مع تحفظ أميركي سمح بتمرير القرار.بعد ذلك توالت قرارات الانسحاب الأميركي من «اليونيسكو» ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومن دعم «الأونروا»، وأخيراً من منظمة الصحة العالمية. مناسبة هذه المطالعة التذكيرية القرار التنفيذي الذي اتخذه ترامب لفرض عقوبات اقتصادية على قضاة المحكمة الجنائية الدولية، في ظل سريان قرار سابق بمنع هؤلاء من الحصول على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة. المملكة الجنائية كانت اتخذت قراراً بالتحقيق في شبهة ارتكاب جرائم حرب، بحق ضباط وجنود أميركيين في أفغانستان، بالإضافة إلى قرارها فتح تحقيق في جرائم حرب، وجرائم بحق القانون الإنساني من قبل إسرائيل.

في تصريحه حول قراره، قال ترامب، إنه لن يسمح لأي طرف بأن يلاحق جنوداً أميركيين، وإن إدارته مسؤولة عن حمايتهم، وهي، أيضاً مسؤولة عن حماية إسرائيل. الجنائية الدولية كانت قد أقرّت صلاحية التحقيق مع مرتكبي جرائم إسرائيليين، وتجاوزت عقبة كون السلطة الفلسطينية ليست دولة مستقلة.الولايات المتحدة وإسرائيل شنّتا حرباً ضروساً على المحكمة، وقضاتها وجنّدتا حملات مناصرة وضغط لمنع المحكمة من القيام بواجباتها القانونية، لكنهما فشلتا حتى الآن.الجيد أن المحكمة الجنائية رفضت الانصياع لقرار ترامب واعتبرته محاولة غير مقبولة للتدخل في سيادة القانون، غير أن الأمور لن تقف عند هذا الحدّ، إذ إن حلف الأشرار الأميركي الإسرائيلي، لا يزال في جعبته المزيد من وسائل الضغط، بما في ذلك احتمال تعرض بعض القضاة للقتل بطريقة أو بأخرى، هذا عدا أنهما ستقومان بعرقلة إجراءات التحقيق في حال شرعت المحكمة في القيام بعملها.

الفلسطينيون رابحون في كل الأحوال، ومهما طال أمد التحقيقات، وتعقّدت آلياتها، فالحكم الأولي قد صدر عن المحكمة الجنائية الدولية، بأن الدولتين إسرائيل وأميركا متهمتان بارتكاب جرائم حرب، يتزامن ذلك مع قرار آخر صدر عن محكمة أوروبية ترفع الحظر عن نشاط الـ»بي دي أس»، التي تحرض على منع التعامل مع منتجات المستوطنات من واقع كون الاستيطان مخالفا لقرارات الشرعية الدولية.صحيح أن الأوضاع العربية والفلسطينية تبدو بائسة إلى حدّ كبير، لكن الأمل أيضاً كبير في تحقيق المزيد من الإنجازات المتراكمة شرط أن يقوم الفلسطينيون بواجباتهم الأساسية، وأن يَصدُق العرب في التزامهم بالحقوق الفلسطينية والعربية.والخلاصة، هي أن ترامب وكل من يشايعونه في المؤسسة الأميركية الحاكمة، ليسوا وحوشاً في البرية، وإنما هم وحوش على البشرية، وهذا ليس ذنبهم، وإنما الذنب كله يقع على من يصدق بأن خيراً يمكن أن يحظى به أحد طالما هم كما هم.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:24 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الممثل التلفزيوني جاك أكسلرود عن عمر ناهز 93 عاماً

GMT 17:28 2023 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

نشرات "لينكد إن" الإخبارية بين الترويج وتخطي الخوارزميات

GMT 10:51 2020 الأحد ,26 إبريل / نيسان

انضمام هند جاد لـ "راديو9090" خلال شهر رمضان

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 18:26 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الحكم بسجن لوكاس هيرنانديز 6 أشهر بسبب "ضرب" زوجته

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 07:24 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

غفران تعلن مشاركتها في "الاختيار 2" رمضان 2021

GMT 17:09 2023 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

وفاة المغنية الأميركية الشهيرة لولا دي عن عمر ناهز 95 عاماً

GMT 17:36 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

"مودل روز" تثير الجدل بإطلالة جريئة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon