فشل المشروعيْن الفارسي والعثماني

فشل المشروعيْن الفارسي والعثماني!

فشل المشروعيْن الفارسي والعثماني!

 لبنان اليوم -

فشل المشروعيْن الفارسي والعثماني

بقلم : جميل الذيابي

إيران وتركيا تختنقان في آنٍ معاً بالأزمة الاقتصادية التي تشهدها كلٌّ منهما في الوقت الراهن؟ هل هي مصادفة؟ مجرد مصادفة! أم أنها «مؤامرة» كما يزعم خامنئي وأردوغان؟ لا هذا ولا ذاك. الحقيقة أنها أكبر دليل على فشل مشروعي ملالي إيران وتركيا أردوغان.

بالنسبة إلى إيران؛ تمثل الأزمة الخانقة تصعيداً طبيعياً للمسار الذي ارتضاه الملالي، فقد ظلوا يظنون أن دول العالم لا تراهم ولا تسمعهم ولا تلمس أثر خططهم الشريرة، وهم يُكرِّسون موارد وأموال الشعب الإيراني من أجل أوهام توسيع النفوذ، وإحياء الإمبراطورية الفارسية البائدة، على حساب استقرار وأمن البلدان العربية التي يرى المشروع الإيراني أنه يتعين أن تبتلعها إيران إذا لم تستسلم لها طائعةً مختارةً. وهو في حقيقته مشروع لا يعرف حدوداً جغرافيةً، إذ تتسع رقعته الوهمية لتشمل جميع دول العالم بلا استثناء، في انتظار ظهور «المهدي المنتظر».

فقد رأينا كيف تمدد أخطبوط الطمع الإيراني ليصل إلى أمريكا اللاتينية، وأدغال القارة الأفريقية. وها هي تجد نفسها عاريةً أمام المجتمع الدولي، غير قادرة على إسكات جوع شعبها، وعاجزةً عن تحقيق الاختراق الذي تتمناه في الشام وفلسطين واليمن وأفغانستان والعراق والسودان. فقد بدد الملالي أموال إيران على مدى عقودٍ في انتهاج سياسة الحروب بالوكالة من أجل أن تبني لهم العصاباتُ المسلحةُ والجماعاتُ الإرهابيةُ الإمبراطوريةَ التي يحلمون بها في قُم وطهران منذ ثورتهم على الشاه في 1979.

أما أردوغان، فقد ظل يحلم باستعادة الأمجاد العثمانية المبادة، من خلال مشروع خيالي لتهجين الإسلام «الإخواني» والعلمانية، دثاراً لنشر الهيمنة العثمانية الجديدة التي تستهدف استقلال الدول العربية، ما دامت عاجزة عن التطاول على أوروبا التي أغلق اتحادها أبوابه بوجه أي انضمام تركي محتمل منذ ثلاثة عقود. وعلى رغم أن أردوغان كان ينبغي أن يستفيق من نشوته بالنفوذ الموعود إثر قيام الدول العربية الأربع بقطع علاقاتها وإغلاق أجوائها بوجه نظام الحمدين في قطر حينما سارع إلى تسويق الوهم معه، إلا أن الضربة القاضية جاءته من باب الليرة، وسياسات الاقتصاد. فقد ظل يتعمّد أن ينسى أن العالم مستاء من إيوائه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي يخطط لنشر الإرهاب في العالم، انتظاراً للحظة تنهار فيها الحدود الجغرافية أمام جحافل الإخوانيين وزمرتهم من «القاعديين»، و«الداعشيين».

وكان طبيعياً أن يقود النهج العدواني إلى صدام من نوع ما مع القطب الأوحد العالمي: الولايات المتحدة. فقد عمد أردوغان لمحاربة الأكراد في سورية وهو يعرف أنهم حلفاء واشنطن. واستجلب أنظمة صواريخ من روسيا وهو يعلم بخطورة ذلك على حلف شمال الأطلسي الذي تقوده أمريكا. وذهب لتوسيع نفوذه في القرن الأفريقي والسودان مهدداً أمن حلفاء واشنطن.

من المؤسف أن الشعبين التركي والإيراني هما اللذان سيدفعان ثمن انهيار مشروعي قيادتيهما، إذ ستقع تبعة العقوبات والرسوم الجمركية وانهيار الريال الإيراني والليرة التركية على ملايين الأبرياء والبسطاء في البلدين. وسيكتشف هؤلاء الذين ظلت أدمغتهم تُغسل بالإعلام الحكومي في طهران وإسطنبول أنهم تحملوا عقوداً من التضحيات لينهار المشروعان في غمضة عين... قبل أن يفكر مهندسو المشروعين في حيلة جديدة لاستغلال الدين في التماس مزيد من التعاطف الشعبي ريثما يتم ترميم المشروعين اللذين شبعا انهياراً.

الأكيد أن الظروف الإقليمية تغيرت، ونعيش نقطة تحول في المنطقة لن تنتهي بتعرية الأنظمة الشيطانية التي تقتات على دماء الشعوب، بل ستذهب إلى أبعد من ذلك.

المصدر: عكاظ

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فشل المشروعيْن الفارسي والعثماني فشل المشروعيْن الفارسي والعثماني



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 09:07 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

صفقة نفطية لشركات أجنبية تُفجر خلافاً واسعاً في ليبيا

GMT 10:20 2023 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

الجينز واسع والألوان الجريئة أبرز صيحات الموضة لعام 2024

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 19:50 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة السيدة الأميركية الأولى السابقة روزالين كارتر

GMT 00:54 2023 الخميس ,27 إبريل / نيسان

أفضل الإكسسوارات والمجوهرات لهذا الموسم

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان

GMT 15:38 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

150 شركة تبدأ إضرابًا في إسرائيل أبرزها "ماكدونالدز"

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 19:00 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

سعر الذهب يصل لمستويات غير قياسية جديدة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon