منظومة أكتوبر

منظومة أكتوبر

منظومة أكتوبر

 لبنان اليوم -

منظومة أكتوبر

عمرو الشوبكي

لم يكن انتصار أكتوبر فى مثل هذا اليوم من 42 عاماً مجرد نصر عسكرى، ولا فقط شجاعة جيش وشعب، إنما كان إحلال منظومة قيم جديدة، جلبت النصر محل أخرى جلبت الهزيمة.

انتصار أكتوبر كان انتصاراً لقيم العلم والتخطيط والمهنية على حساب الشعارات والهتافات الرنانة، وكان أيضاً انتصاراً للصدق والبيانات الحقيقية والدقيقة محل البيانات المزيفة وادّعاءات النصر الكاذبة، انتصار أكتوبر كان انتصاراً للإعلام المهنى الذى دقق فى معلوماته من خلال مراسلين حربيين عظام، ودعّم جيشه باحترام ومهنية ولم يكن مروجاً لأكاذيب ومعلومات ملفقة.

انتصار أكتوبر كان تجسيداً لتقاليد الجيش المصرى كجيش وطنى محترف حارب دفاعاً عن الوطن بشرف ونزاهة وقدم الشهداء الذين روت دماؤهم الزكية أرض سيناء الطاهرة.

إن انتصار أكتوبر هو انتصار للجيش المهنى، ونكسة 67 هى هزيمة للجيش السياسى الذى أنساه قادته كثيراً من تقاليده ومهنيته، فكثير منا يعرف الأدوار السياسية التى لعبها المشير السابق عبدالحكيم عامر والأخطاء الجسيمة التى وقعت فيها المؤسسة العسكرية حين تدخلت فى تفاصيل المشهد السياسى فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.

إن الطريق إلى أكتوبر بدأ بإعادة بناء الجيش المصرى على أسس مهنية منضبطة أو بالأحرى إعادته إلى تقاليده الأولى التى قام عليها منذ تأسس بصورة حديثة فى عهد محمد على.

إن الجيش الذى ضم قادة مثل المشير أحمد أبوإسماعيل والفريق سعد الدين الشاذلى والفريق الجمسى والفريق محمود فوزى والمشير أبوغزالة والشهيد الفريق عبدالمنعم رياض وغيرهم الكثير والكثير، كان لابد أن ينتصر فى حرب أكتوبر 73.

ومنذ ذلك التاريخ، حافظ الجيش المصرى على تقاليده المهنية طوال عهدى السادات ومبارك، أى جيش مهنى ليس بداخله أحزاب ولا تنظيمات سياسية وليس له علاقة بالسياسة، وهو أمر يضعه فى مصاف الجيوش المهنية المتقدمة.

إن منظومة أكتوبر مثّلت نقطة فاصلة بين مرحلتين، فلم تكن فقط منظومة عسكرية جديدة ولا قادة عسكريين جدداً ولا روحاً بثّت فى الجيش المصرى، إنما كانت منظومة قيم جديدة وضعت هدفاً محدداً وهو العبور والنصر.

منظومة أكتوبر لم تعنِ فقط قدرة مصر على شراء واستخدام مدرعات وطائرات وصواريخ حديثة، إنما اشتغلت على تفاصيل الصورة وليس عمومياتها، بدءاً من الخداع الاستراتيجى، مروراً بحل معضلة الساتر الترابى بابتكار مصرى، وانتهاءً بتحسين العلاقة بين الضباط والجنود، ودراسة أدق تفاصيل الحياة اليومية للمقاتلين، وتحسين جوانبها النفسية والمعيشية.

مصر عرفت هزيمة 67 القاسية، رغم أنها بدأت فى تشييد أهم مشروع لها فى التاريخ وهو السد العالى وعرفت أهم زعمائها التاريخيين وهو جمال عبدالناصر، وإن تصوّر البعض أننا نحتاج فقط إلى شعارات كبيرة وإلى مشاريع أكبر ونترك تفاصيل الواقع المعاش من الرصيف الغائب والإشارة غير المحترمة إلى رجل الشرطة غير المهنى النائم أثناء نوبة حراسته، ومن منظومة تعليم وصحة وخدمات تحتاج إلى تغيير شامل بعيداً عن الصخب الإعلامى وعن الشعارات السهلة.

منظومة أكتوبر هى «روشتة» نجاح تحتاجها مصر بشدة، لأنها أكدت على بديهيات جلبت نصراً كبيراً، وغابت أو غُيّبت منذ 40 عاماً، ولن نتقدم إلا إذا استدعيناها ليس كاحتفال، إنما كمعانٍ متمثلة فى العلم والمهنية والإنجاز.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منظومة أكتوبر منظومة أكتوبر



GMT 06:53 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 06:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 06:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 06:43 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 06:36 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

GMT 06:32 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قصر موسى

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 22:52 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 16:07 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ضربة إيرانية تغلق جميع منشآت التكرير في حيفا

GMT 23:14 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

يوسف عنبر مدربًا للمنتخب السعودي

GMT 15:00 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

إتحاد الفروسية يختتم بطولة لبنان لموسم ٢٠٢١

GMT 13:22 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

مكياج خفيف وناعم للمناسبات في المنزل

GMT 23:36 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جنبلاط بحث مع شينكر في المستجدات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon