تداعيات كورونا

تداعيات كورونا

تداعيات كورونا

 لبنان اليوم -

تداعيات كورونا

عمرو الشوبكي
بقلم - عمرو الشوبكي

عالم ما بعد كورونا لن يكون هو نفسه ما قبلها، صحيح أن الصورة لم تضح بعد لأن المعركة ضد الفيروس لم تنته، إلا أنها بقدر ما أطلقت طاقة تضامن إنسانى فى العالم كله، فإنها فى نفس الوقت طرحت تساؤلات قد تعيد صياغة كثير من جوانب النظام العالمى، وباتت كثير من الدول تطرح أسئلة كبرى تتعلق بمستقبل تكتل سياسى، مثل الاتحاد الأوروبى بعد أن أعطت كل دول الاتحاد الأولوية لخياراتها الوطنية ومكافحة الفيروس على المستوى الداخلى، بحيث بدت مساعدات دول الاتحاد، وخاصة ألمانيا وفرنسا، لبلد مثل إيطاليا محدودة مقارنة بحجم التوقعات.

صحيح أن فرنسا وإسبانيا تناضلان فى مواجهة الفيروس القاتل ولديها نقص فى الفرق والعتاد الطبى، إلا أن ذلك طرح سؤالًا عن جدوى وجود كيان بيروقراطى ضخم اسمه المفوضية الأوروبية طالما عجز عن أن يواجه بشكل شبه مركزى هذا الوباء.

فاللافت أن مؤسسات الاتحاد الأوروبى المختلفة تدخلت فى السنوات العشرين الأخيرة فى ميزانيات كل دولة ووضعت معايير صارمة فى قضايا تفصيلية، مثل الصيد البحرى والزراعة ونظام موحد للبيئة، ونسب محددة للعجز الاقتصادى، وفرضت على اليونان برنامج تقشف كأنها هى التى تحكمها، وحين جاء وباء بحجم كورونا اختفى كيان الاتحاد الأوروبى تقريبا عن الفعل الموحد، و«جريت» كل دولة تحل مشاكلها بمفردها.

يقينًا صيغة الاتحاد الأوروبى باتت تعانى من أزمة هيكلية، فهى لم تنجز تكتلًا سياسيًا كما تقول، إلا على مستوى الشكل، ببناء مؤسسات بيروقراطية بطيئة الحركة، ولم تكتف كما جرى فى الماضى بأنها مجرد مجموعة أوروبية اقتصادية تتبادل المصالح والمنافع التجارية.

تداعيات كورونا أيضًا ستصيب التوجه «النيوليبرالى»، الذى صعد فى العالم منذ عهد رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر (حكمت من 1979 إلى 1990)، وأهمل قطاع الصحة لصالح دعم اقتصاد السوق والتبادلات التجارية الحرة، واكتشف أن أى أزمة صحية كبرى ستؤثر بشكل هائل على الاقتصاد. وأن دور الدولة عائد فى بعض المجالات (الصحة والتعليم والمواصلات) كما ستعمّق دول كثيرة من قدرتها على تحويل جانب من صناعاتها العسكرية إلى صناعات مدنية مثلما يجرى الآن، أو كما تحدث رئيس أركان الجيش الإسبانى عن الأدوية التى تصنع بدلًا من الذخائر فى مصانعه الحربية. يقينًا الصين سيصعد دورها فى العالم دون أن يعنى ذلك أنها ستقوده، ولن تروّج لنظامها الشيوعى مثلما جرى فى ستينيات القرن الماضى فى عهد زعيمها ماوتسى تونج، فهى تعرف أنها ستخسر حتمًا هذه المعركة، إنما ستروّج لنفسها باعتبارها نظامًا كفؤًا يتبنى الأساليب العلمية وقادرًا على الإنجاز حين سيطر على فيروس كورونا فى فترة وجيزة.

سيشهد العالم تحولات كبرى وستتجاوز حدودها قطاع الصحة لتصل إلى السياسة والاقتصاد والنظام العالمى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تداعيات كورونا تداعيات كورونا



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:44 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

اقتحام مقر وكالة الأنباء الليبية في طرابلس

GMT 17:17 2022 الثلاثاء ,11 كانون الثاني / يناير

بسمة تضجّ أنوثة بفستان أسود طويل مكشوف عن الظهر

GMT 18:51 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

ملابس ربيعية مناسبة للطقس المتقلب

GMT 13:01 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

موديلات ساعات فاخّرة لهذا العام
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon