بقلم : عمرو الشوبكي
وصل جو بايدن وإداراته الديمقراطية الجديدة إلى الحكم، وحدث تداول سلمي للسلطة، وأصبح هناك حزب سياسي جديد يحمل منظومة ورؤية جديدة للإدارة والحكم والعلاقة بالعالم.
والمعروف أن كثيرين في مختلف دول العالم، ومنها مصر، لم يروا فروقات جوهرية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، واعتبروهما وجهين لعملة واحدة حتى مجيء ترامب الذي أعاد الاعتبار للفروقات الجوهرية بين الحزبين لتطرفه يميناً، فأصبح من سيأتي بعده حتى لو كان من اليمين المحافظ سيكون مختلفاً، فما بالنا لو كان من الحزب أو المشروع المخالف له!
صحيح أن السياسة الأميركية لا تصنعها فقط أو أساساً الخيارات السياسية الكبرى للحزبين، إنما المؤسسات الأميركية الراسخة والمصالح الاقتصادية والإستراتيجية والعسكرية التي تأتى كثيراً على حساب المبادئ، خاصة في السياسة الخارجية.
وقد اتضح الفارق الكبير بين توجهات الحزبين عقب حكم ترامب بكل ما مثّله من تطرف وعنصرية وسوء أداء وكراهية للعلم، ومثّل طبعة فاشلة من الحزب الجمهوري الذي لا يزال في جعبته الكثير ليقدمه في الانتخابات القادمة للشعب الأميركي، خاصة مع استمرار البطالة والهجرة غير النظامية والفروقات بين المدن والريف.
والمؤكد أن منظومة بايدن تقوم على سياسة الدمج والاحتواء، وعدم التمييز بين الأعراق والأديان المختلفة، فضمّت كثيراً من الأميركيين اليهود والأفارقة والعرب واللاتينيين والآسيويين داخل الإدارة الجديدة، على خلاف إدارة الرجل الأبيض التي مثلها ترامب.
فقد عيّن بايدن «ريما دودين» كأول أميركية من أصل عربي (فلسطيني) كموظفة داخل البيت الأبيض، وأيضاً يوهانس أبراهام الأميركي من أصل إثيوبي، رئيساً لفريق مجلس الأمن القومى.
منظومة الحزب الديمقراطي تحاول تجسيد الفكرة الليبرالية الأميركية (في بلد صنعه مهاجرون)، التي هي مصدر قوة النموذج الأميركي، وتقوم على أنه يمكن دمج أي إنسان في المنظومة السياسية الأميركية بصرف النظر عن عرقه ودينه طالما التزم بالدستور والقانون، وهنا سنجد الأميركيين من أصل إفريقي ولاتيني وعربي جزءاً ظاهراً من إدارة بايدن، ويعكس التنوع الأميركي الذي حاول ترامب أن يختزله لصالح «تفوق العرق الأبيض».
هذه المنظومة الجديدة ستمثل رسالة للعالم تقوم على عدم التمييز بين الناس على أساس الدين والعرق والأصل الطبقي، وهى عكس القيم التي روّج لها ترامب على مدار 4 سنوات ورددها البعض في بلادنا، في حين أنها تمثل أكبر ضرر للأقليات والمرأة والشباب.
ستبقى هناك تحديات تتعلق بتطبيق هذه المنظومة على كثير من الدول والتجارب، فالمنظومة الأميركية الجديدة ستكون أقرب لتبني سياسة احتوائية تجاه إيران، كما أنها ستنطلق من أن كل شعوب العالم مؤهلة للديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهو صحيح بشرط ألا تدمج تنظيماً دينياً يقتحم السياسة بأذرع وأحزاب شكلية، فلا يوجد في أميركا ولا في أي بلد ديمقراطي تنظيم ديني له ذراع سياسية.. وتلك قضية يجب أن تكون واضحة للجميع.