«صارو مية» يودّع الشاشة اللبنانية ويعمّق الفراغ
آخر تحديث GMT11:58:14
 لبنان اليوم -

«صارو مية» يودّع الشاشة اللبنانية ويعمّق الفراغ

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - «صارو مية» يودّع الشاشة اللبنانية ويعمّق الفراغ

برنامج «صارو مية»
بيروت - لبنان اليوم

يحلو لمعد ومنفذ برنامج «صارو مية»، جان نخول، تذكر البدايات: «سخر كثيرون مني وقالوا يا لهذه الثقة! بأي جرأة تطرح فكرة ترتكز على التوثيق والبُعد الثقافي؟ لن تلقى مَن يشاهد». يومها، أُحبط. آلمه الاستخفاف. لكن مدير محطة «إم تي في» ميشال المر آمن بأحلامه: «قدم الحلقات وسنشاهدها أنا وأنت». انطلق بـ12 حلقة لم يتوقع أصداءها الجميلة. من النجاح، توالت المواسم إلى أن ختم بالحلقة 53.

لكأن الشاشة اللبنانية تشعر بيتم لإسدال البرنامج ستارته. المغردون عبر «تويتر» حملوا كلماتهم وَقْع الفراق. برامج قليلة تغادر في قمة الألق ومنتهى التوهج، لتبقى دائماً رغم الغياب، فيشتم أحبتها رائحة «الخسارة الشخصية» ويشاركون في مراسم الوداع. مواسم «صارو مية» لم تكن لجان نخول في الإعداد والتنفيذ ولا لنبيلة عواد في التقديم الأنيق، أو لـ«إم تي في» فحسب. كانت للبنانيين في الوطن والمهجر، للحنين والذاكرة والأمل الصلب.

كلما عُرضت حلقة، تقلبت في الدواخل جمرات مخصصة للكي. في السياسة والمجتمع والفن والثقافة، أحرقت؛ لما كناه في الأمس ونُفطر بفقدانه اليوم.قبل عام من مئوية لبنان الكبير، سنة 2019، عصف الويل واشتد الخناق. لم يرد نخول أن تمر الذكرى بلا فكرة تُخبر الحكايات وتستعيد محطات المجد. فعاند البرنامج بولادته الوباء والكوارث المتلاحقة. يُسأل عن وقت استغرقه إنجازه، فيجيب: «ثلاثون عاماً! هو عصارة قصص سمعتها منذ الطفولة وسطور قرأتها في الكتب. استعدتُ مشهديات لم تفارقني منذ وعيي الأول للحياة».

بُعده الوطني حلاه، وإن امتزجت الحلاوة بالحسرات. لم يكن ممكناً بالنسبة إلى نخول تحمل عمل كهذا في شقاء الأيام من دون لمسة حنين «تلطف» حقيقة الارتماء في واقع جهنمي: «وطنية البرنامج جعلتني أعمل بحب. أحسستُ بتبني القضية اللبنانية».تحت صورتها، وخلفها على الشاشة صورة فيروز، كتبت نبيلة عواد في «إنستغرام»: «4 مواسم و53 حلقة من توثيق تاريخ لبنان الثقافي والفني والسياسي، الجميل والأليم. آمل أن الحنين لفح الجميع، فنستفيد من الحلاوة ونتعظ من المرارة». فكر نخول بأي موضوع يودع اللبنانيين بدل الـ«Best of» والختام المستهلك: «وجدتُ في التلازم بين السياسة ومسرح الأخوين الرحباني تتويجاً لكل الحلقات. يفترق اللبنانيون في كل شيء إلا صوت فيروز وما خلده عاصي ومنصور».

تعود الحلقة إلى الأغنية الوطنية الأولى التي قدمتها فيروز مع الأخوين وبثتها «الإذاعة اللبنانية»، وتتوقف عند «سنرجع يوماً إلى حينا»، أمل كل مغترب، قبل أن تصبح نشيد العودة لفلسطين. يتمهل نخول بسرده أمام الحدث الكبير بإنشاء مهرجانات بعلبك الدولية لإعطاء هوية ثقافية خاصة بالكيان، لتغني فيروز على خشبته «لبنان يا أخضر حلو». ارتقت والأخوان بعقيدة حب الوطن فوق كل اعتبار، وعنها قال سعيد عقل: «على هذا الصوت تُبنى اليوم أمة».

سبق لـ«صارو مية» أن قدم مائة أغنية صنعت أسطورة فيروز، وفي ختامه أراد تحية وفاء لمَن كتبا سطور لبنان بشِعرهما وغنته بصوتها الأيقوني؛ فكانت «نسم علينا الهوا» ضمير المشتاقين إلى الأرض، وصرخة «ما في حبوس تساع الكل (...) رح منكمل بلي بقيوا»، عام 1969 في مسرحية «جبال الصوان»، انتصار الحق على الباطل؛ حتى «ردني إلى بلادي» عام 1970، و«طلعنا على الريح»، وأحلام الحرية في «ناطورة المفاتيح»... تاريخ لبنان بأسره في أعمال لا يتسع ذكرها، لكنها في الذاكرة الأبدية.

خطرت لنخول أفكار تعذر تنفيذها لتعذر بلوغها الرقم مائة: «الرقم أتعبني، يظلم الفكرة». ومن الصعوبات، يذكر الأرشيف: «هو كنز بقدر ما هو مأزق». يعدد مرات لم يجد فيها المادة الكافية لتلف الصور والفيديوهات أو صعوبة الحصول عليها. بعد الحلقة الخامسة، حين اطمأن إلى التقبل وردود الفعل، صوب الهَم: «لم أعد أصنع حلقات لتُشاهد. أردتُ حلقات أسكب فيها حلاوة الأفكار والنَفَس التثقيفي، وانشغلتُ بالإمتاع المفيد».

يحل الوداع قاسياً، فتقيم غصة في حنجرته طوال الحديث مع «الشرق الأوسط». يعزي نفسه بالقول إن لجميع الأشياء الجميلة نهاية، وقد اختار «الوقت المناسب» للختام: «وضعتُ النقطة الأخيرة على البرنامج وهو في القمة وختمته في عز نجاحه. الأفكار موجودة من أجل موسم آخر، لكنني أخشى عليه من الاحتراق». يتطلع أبعد من النجاح الجماهيري ليرى المحتوى وقد تفوق على ما يدرج من خواء وترفيه عابر: «أثبتنا أن الرصانة لا تزال مطلوبة وليس شرطاً الانزلاق خلف الشعبوية المكشوفة لاستمالة الجمهور. التوثيق قادر على الجذب، والمعلومة مطلوبة».

يعلم أن أفكاراً من هذا العيار لا تُطرح دائماً ولا تُنفذ كل يوم. لذا يغيب «صارو مية» ويترك الشاشة بحالة فقد: «أرجو أن مروره سيشكل حافزاً للخروج بأفكار مفيدة وممتعة في آن، فلا يتعمق الفراغ ويسيطر».ماذا عن الخطوة المقبلة؟ «الأفكار كثيرة، لكن القرار في شأنها مؤجل. آخذ استراحة قصيرة تتيح لي التفكير بحكمة، فلا أُقدم على أي مشروع بالعاطفة وحدها. لا غنى عن القالب الأحب: التوثيق والنوستالجيا».

قد يهمك ايضاً

نابولي الإيطالية تجمع بين الثقافة التاريخ والطعام وتجذب سياح أوروبا

اشحن طاقتك بعطلة لمدة 48 ساعة في بلد الفن والثقافة والمطاعم الشهية

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«صارو مية» يودّع الشاشة اللبنانية ويعمّق الفراغ «صارو مية» يودّع الشاشة اللبنانية ويعمّق الفراغ



النجمات يستعرضن أناقتهن في شهر رمضان بالعبايات الراقية

بيروت - لبنان اليوم

GMT 04:29 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أفضل ألوان الطلاء لغرف النوم وفقاً لبرجك
 لبنان اليوم - أفضل ألوان الطلاء لغرف النوم وفقاً لبرجك

GMT 04:57 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

"هواوي" تُطلق نظام "HMS" للسيارات في معرض "LEAP 2024"
 لبنان اليوم - "هواوي" تُطلق نظام "HMS" للسيارات في معرض "LEAP 2024"

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:29 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 19:15 2024 السبت ,16 آذار/ مارس

إغلاق مطار أوسلو مؤقتاً بسبب الطقس السيء

GMT 14:58 2023 السبت ,15 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم السبت 15 إبريل / نيسان 2023

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 19:28 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الموت يُهدد حمادة هلال في "المداح"

GMT 22:16 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق مختلفة لارتداء إكسسوارات اللؤلؤ
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon