أعلن متحدث باسم المفوضية الأوروبية، يوم الاثنين، أن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين أجرت "حواراً جيداً" مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الأحد، في محاولة للتوصل إلى اتفاق تجاري محدود بين الجانبين قبل حلول التاسع من يوليو الجاري. ويأتي هذا المسعى لتفادي فرض واشنطن رسوماً جمركية مرتفعة على واردات الاتحاد الأوروبي، تهدد بتعميق التوترات التجارية بين الطرفين، وتقويض النظام التجاري العالمي القائم على قواعد منظمة التجارة العالمية.
وفي مؤتمر صحافي عقده في بروكسل، أكد المتحدث باسم المفوضية أن الهدف لا يزال التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، مشدداً على أن "الرسوم الجمركية تسبب الألم" وأن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تحقيق نتائج "مربحة للطرفين"، وليس نتائج تُفقد الجانبين الفائدة المرجوة من التبادل التجاري.
وكانت إدارة ترمب قد بدأت بإرسال إشعارات إلى عدد من الشركاء التجاريين تفيد بأنه في حال عدم التوصل إلى اتفاقات تجارية بحلول 9 يوليو، فسيتم فرض رسوم جمركية مرتفعة اعتباراً من الأول من أغسطس. ووفق ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، فإن الاتفاق المرتقب مع الاتحاد الأوروبي يُعد أحد الاتفاقات القليلة التي قد تُستكمل قبل المهلة المحددة، والتي تهدف إلى تفادي رسوم جمركية قد تصل إلى 50% على بعض السلع الأوروبية.
وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة ترمب تسعى من خلال هذه الإجراءات إلى إعادة تشكيل السياسة التجارية الأميركية بشكل أحادي، متجاهلة في كثير من الأحيان القواعد التي ساهمت الولايات المتحدة نفسها في وضعها داخل منظمة التجارة العالمية. ويمثل هذا التوجه تحولاً جذرياً في السياسة التجارية الأميركية التي لطالما اعتمدت على توافق متبادل ودعم للمؤسسات الدولية.
وفي ظل هذا التوتر، يجد الدبلوماسيون الأميركيون والأوروبيون أنفسهم في سباق مع الزمن لتسوية الخلافات المستمرة حول تنظيم التجارة العالمية، لا سيما في مواجهة التحديات التي تفرضها الصين في السوق الدولية. ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول رفيع في المفوضية الأوروبية، لم يكشف عن اسمه، قوله إن سياسات إدارة ترمب التجارية تمثل "جنوناً اقتصادياً"، معتبراً أنها تضر بالاقتصاد الأميركي بقدر ما تضر باقتصاد الاتحاد الأوروبي وبالاقتصاد العالمي ككل، لاسيما ما يتعلق بسلاسل التوريد العالمية التي أصبحت أكثر هشاشة نتيجة لهذه السياسات.
من جهته، صرّح الرئيس الأميركي، الأحد، بأنه يتوقع الإعلان عن تفاصيل خطته المتعلقة بالرسوم الجمركية الجديدة خلال أيام، سواء من خلال إبرام صفقات أو إصدار قرارات أحادية الجانب، في إطار سعيه لتقليص العجز التجاري الأميركي. لكن، ورغم الخطاب المتشدد، فإن نتائج سياسة ترمب التجارية ما تزال محدودة، إذ لم تفضِ جولاته التفاوضية الممتدة منذ أبريل الماضي سوى إلى اتفاقين اثنين، أحدهما مع فيتنام.
ورغم أن التزامات واشنطن الرسمية تجاه منظمة التجارة العالمية ما تزال قائمة، فإن المراقبين يرون أن ترمب يتجاوزها فعلياً، ويفرض واقعاً جديداً قائماً على تمييز واضح بين الشركاء التجاريين. ففي ظل غياب مبدأ "الدولة الأكثر تفضيلاً"، بات من المتوقع أن تواجه السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة تعريفات جمركية متفاوتة حسب الدولة المصدّرة، وهو ما يهدد بتفكيك النظام التجاري العالمي الذي كان يسعى إلى تحقيق التكافؤ وتسهيل التبادل.
ووفقاً لخطط إدارة ترمب، فإن الولايات المتحدة بصدد فرض تعريفات أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات، مع رسوم أعلى لقطاعات محددة، وتحديد تعريفة خاصة بكل بلد، بما في ذلك حلفاؤها مثل بريطانيا وفيتنام. هذا التوجه دفع بمحللين اقتصاديين إلى التحذير من ارتفاع أسعار عدد من السلع الأساسية في السوق الأميركية، من بينها الإلكترونيات والأثاث والملابس والهواتف، وهو ما سيتحمّله المستهلك الأميركي في نهاية المطاف.
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أكد في تصريحات إعلامية أن بلاده على وشك الانتهاء من عدد من الاتفاقات التجارية قبل الموعد النهائي الذي حدده ترمب، متوقعاً صدور "إعلانات هامة" خلال الأيام المقبلة. كما أوضح أن إدارة ترمب بصدد إرسال رسائل إلى نحو 100 دولة تُعتبر شريكة تجارية صغيرة، لإبلاغها برفع الرسوم الجمركية على صادراتها.
وتنذر هذه الخطوة الأميركية، وفق مراقبين، بتقويض مبدأ أساسي في منظمة التجارة العالمية يمنع التمييز بين الشركاء التجاريين. وبدلاً من نظام موحد للجميع، أصبح كل بلد يتعامل معه وفق شروط منفصلة، وهو ما يضعف فعالية النظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية لتجنّب الحروب التجارية والانهيارات الاقتصادية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
"منظمة التجارة" تندد بالرسوم الأميركية على الصين
التويجري يكشف أن "التجارة العالمية" بحاجة لمدير عملي
أرسل تعليقك