والله فيه أمل لكن

والله فيه أمل لكن..

والله فيه أمل لكن..

 لبنان اليوم -

والله فيه أمل لكن

معتز بالله عبد الفتاح

لا أحب أن أكرر نفسى كثيراً ولكن هناك إجابات أصبحت تقليدية على أسئلة تقليدية، اقتبست من قبل العبارة التالية:

«هذا البلد لا مستقبل له. هذا البلد لن يتعافى حتى بعد مائة سنة».

«This country has no future. This country will not be restored even after a hundred years».

قائل هذه العبارة هو الجنرال الأمريكى دوجلاس ماك آرثر، قائد قوات الولايات المتحدة فى شرقى آسيا، الذى هزم اليابانيين فى الحرب العالمية الثانية وأجبر إمبراطورها على توقيع معاهدة الاستسلام المهينة التى لم تزل أساس علاقة الولايات المتحدة باليابان حتى الآن، وهو كذلك، وهذا هو الأهم فى مقامنا هذا، قائد القوات الأمريكية التى حاربت بجوار كوريا الجنوبية الموالية للولايات المتحدة فى حربها مع كوريا الشمالية الموالية للاتحاد السوفيتى والصين الشيوعيتين.

ومناسبة قوله هذه العبارة هى حديثه عن مستقبل كوريا الجنوبية بعد ٣٦ عاماً من الاحتلال اليابانى لها، ثم حربها الضروس مع كوريا الشمالية التى خلفت بلداً أشبه بمجاهل أفريقيا الآن، ونبوءته هذه كانت مدعومة كذلك من شخص مثل Vengalil Menon رئيس البعثة الخاصة التى أرسلتها الأمم المتحدة إلى كوريا للإشراف على الهدنة، قال الرجل: «هذا بلد يعيش أهله فى القرون الوسطى، كيف يمكن لزهرة أن تزدهر وسط مقلب قمامة».

الأفلام الوثائقية التى تسجل تلك الفترة فى تاريخ كوريا الجنوبية عادة ما تأتى بصور أطفال أقرب إلى هياكل عظمية متحركة، أمهات يبكين ويتحدثن بلغة غير مفهومة يختلط فيها البكاء والعويل، وأصوات صفارات إنذار من كل مكان، ودخان يتصاعد من بقايا أبنية محترقة أو منهارة.

وبعد ثلاثين عاماً، تشير الكتب المتخصصة فى التجربة الكورية الجنوبية إلى مقولات لأشخاص درسوا ما أصبحنا نسميه «المعجزة الكورية»، رحلة مليئة بالصراع السياسى الذى كان فى جانب منه شديد الشراسة وانتهى إلى حالة ديكتاتورية تنموية تحت قيادة الجنرال «بارك تشانج هى»، الذى وصل إلى السلطة بعد انقلاب عسكرى أوقف به سلسلة من الاضطرابات السياسية الناتجة عن نخب مدنية تدّعى الديمقراطية ولكنها لا تعرف كيف تعيشها.

انقلاب عسكرى دموى ديكتاتورى تم فيه الحجر على جميع أشكال الديمقراطية.

وفى المقابل، كان هناك تركيز شديد على التعليم الفنى والاستثمار فى البنية التحتية وعمل خطط خمسية من أجل بنية تحتية قوية وتم إنشاء لجنة خاصة لإدارة ملفات التخطيط والاستثمار والصناعة والتجارة تحت إشراف مباشر من رئيس الدولة، الخبراء الغربيون كانوا يعتبرون التجربة الكورية نوعاً من الحرث فى البحر، تم اغتيال «بارك تشانج هى» ولا يزال الجدل دائراً بشأنه فى كوريا الجنوبية: هل هو رئيس عظيم أحسن لبلاده، أم ديكتاتور مستبد أساء لمجتمعه؟

التجربة على المستوى السياسى أنتجت مجتمعاً بلا ديمقراطية أو حريات، ولكن على المستوى الاقتصادى - الاجتماعى به تصنيع وتعليم، أى أنه مجتمع بلا حقوق سياسية ولكن به مقومات نهضة اقتصادية، عانى جيل الستينات والسبعينات جداً جداً، ولكن خلف من خلفهم أبناء لعنوا القمع والاستبداد ولكنهم أحسنوا استثمار البنية الاقتصادية القوية التى وجدوها، بعد صراع مرير، حققوا التحول الديمقراطى، ولكنهم دفعوا ثمناً غالياً إلى أن كان المجتمع مستعداً لإنتاج شخصية مثل كيم دى يونج، الذى يعتبره الكثيرون نيلسون مانديلا الآسيوى، لتاريخه الطويل ضد الاستبداد.

وأخيراً فاز فى انتخابات عام ١٩٩٧ ليواجه مأزقاً اقتصادياً وضع كوريا الجنوبية على شفا الإفلاس، حتى يعيد المجتمع والدولة إلى نقطة التوازن فيحدث نمو اقتصادى بلغ ١٠ بالمائة فى عام ١٩٩٩، وذلك عقب سنة ١٩٩٨ التى كان النمو فيها بالسلب (نحو ٦ بالمائة) من خلال ترشيده لتدخل الدولة وإصراره على تطبيق قواعد الشفافية والمساءلة بكل صرامة مع التقليص المتدرج لدعم الدولة للقطاع الخاص.

هذا ليس سوى مثال واحد لمن كانوا فى وضع أسوأ من وضعنا لكنهم نجحوا فيما نحن مقبلون عليه، لذلك فلندع اليأس والإحباط جانباً ولنجتهد، عسى الله أن يحدث بعد ذلك أمراً، وما ذلك على الله بعزيز.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

والله فيه أمل لكن والله فيه أمل لكن



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 00:18 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 24 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:00 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 03:08 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض قياسي في عدد الوافدين الأجانب إلى تركيا

GMT 18:58 2022 السبت ,12 شباط / فبراير

طُرق استغلال المساحة في الحمام الصغير

GMT 11:57 2013 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

أمسية للشاعر أحمد الصويري في اتّحاد كتّاب الشارقة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:04 2023 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان سامو زين يعود للسينما بعد غياب 17 عاماً

GMT 10:33 2013 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيراري" تعلن عن المحركات القادمة للسيارات الفائقة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon