بين بسم الله وباسم الشعب

بين "بسم الله" و"باسم الشعب" ؟

بين "بسم الله" و"باسم الشعب" ؟

 لبنان اليوم -

بين بسم الله وباسم الشعب

حسن البطل

على مدى ثلاث سنوات، سينكب الخطاط الفلسطيني الشاب، ساهر الكعبي، على كتابة مصحف شريف، سيسمى "مصحف المسجد الأقصى". قلت "كتابة" لا "إعادة كتابة" لأنه كسائر المصاحف سيكتب بالخط النسخي، وهو أصل الخط العربي، وأول ما يتعلّمه طالب الخط.
القرآن الكريم، كلام الله، قابل لقراءات سبع، والبعض يقول عشر، وأمّا الخط العربي فله ستة خطوط أساسية، وأربعة ثانوية (منها الخط اليدوي والخط الحرّ).
القرآن واحد، منذ جمعه الخليفة الثالث، عثمان بن عفان في ترتيب السور (مكيّة مدنيّة متداخلة زمن النزول) ولهذا فسورة "الفاتحة" تتقدم سورة "اقرأ".. وكان مصحف بعض الصحابة مرتباً حسب تاريخ النزول.
المسلمون، الآن، يبدون "شيعاً وأحزاباً" ويجمعهم مصحف واحد يكتب بخط واحد هو الخط النسخي، ويتحمّل القراءات السبع أو العشر، لكن تفسيرها يتحمل الاجتهاد والتأويل.. والتحريف للأسف!
حسب ظني، فإن أي مصحف يصدر في قطر أو السعودية أو مشروع مصحف دبي يتطلب مراجعة إمّا من علماء الأزهر وإما من معهد بحوث سعودي على اسم الملك فهد، وعلى هذا فإن "مصحف المسجد الأقصى" سيراجعه علماء الأزهر الشريف بتمحيص تام!
صحيح أن الفلسطينيين في أجواء مصالحة، لكنها تحتمل المنافسة (والمنابذة!) أيضاً، وهكذا، فإن مصحفاً بخط ساهر الكعبي، أحد ثلاثة من أبرز خطاطي فلسطين (مع إيهاب ثابت وعادل فوزي) سيرفق بمصحف سيكتب في غزة، بدعم ماليزي، بعد مسابقة فاز فيها عبد الرحمن عسلية وهيثم الأسطل، بينما تمّ اختيار ساهر الكعبي وزكّاه رئيس السلطة.
لسنوات خلت كانت فلسطين تفوز في مسابقات إسلامية خاصة للموهوبين الصغار بحفظ القرآن، وأحياناً بتجويد تلاوته.. ومن ثمّ، فالقيمة لمصحف المسجد الأقصى معنوية محضة، لأنه صادر من بلاد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
قلنا إن الكتابة العثمانية للمصحف، على ما يبدو من تعقيدها، وإثقال رسمها، تحمل ميزة القراءات المختلفة في لهجات العرب القدامى (مثلاً: في سورة مريم "فناداها مِنْ تحتِها" في قراءة، وفي أخرى "فنادها مَنْ تحتَها".
كلمات كثيرة في القرآن الكريم يختلف فيها الإملاء عن اللفظ، مثل "الحياة" و"الصلاة"، وأذكر أنه في سورية كنا نقرأ "جزء عمّ" أو "جزء تبارك" بإملاء يتوافق مع اللفظ.
في البسملة مثلاً هناك "بسم الله.." وفي الكتابة هناك "باسم الشعب".. وهناك "الرحمن" في القرآن وفي الإملاء العربي الشرقي، لكن في تونس، مثلاً، يكتبون "عبد الرحمان".
لا كبير بأس في الفوارق بين الإملاء واللفظ، ما دامت ميزة العربية هي سهولة لفظ الإملاء، بينما الإنكليزية التي تمتاز بسهولة الكتابة، يحتاجون على الهاتف إلى "تهجئة" حروف الكلمة. على هذا فإن "الإنكليزية الأميركية" تُكتب كما تلفظ خلافاً لشذوذات اللفظ في "الإنكليزية البريطانية".
علّة العربية، مع ذلك، ليست في كونها لغة منقوطة (شكراً لأبي الأسود الدؤلي) لكن في اختلاف لفظ حركات الحروف تبعاً لقواعد الإعراب (إذا خفتَ أن تلحَن.. سكّن؟).
كل محاولات إصلاح الإملاء العربي لم تفلح، ربما لأنها مربوطة بالقرآن الكريم "إنّا أنزلنا الذكر وإنّا له لحافظون"، (علماً أن العبرية القديمة مثقلة أكثر من العربية في رسمها الإملائي ولفظها).
هناك لغويون إصلاحيون ضليعون حقاً وآخرون جذريون حثّوا جمال عبد الناصر، بوصفه زعيم الأمة، على إصلاح الإملاء العربي، وأيضاً كتابته بشكلين مفصول الحروف وموصولها.
كان الخليفة الراشدي الرابع، علي بن أبي طالب، قد قال: "القرآن حمّال أوجه"، ربما لأن نزول آيات لاحقة تنسخ أخرى حسب تاريخ النزول "مكيّة أو مدنية، أو لكسب قلوب الناس وعقولهم بالتدرّج والتدويخ، ويقال: لو جمع الخليفة عثمان القرآن حسب تاريخ نزول السور لسهل الأمر، علماً أنه كان، ربما، أهم الخلفاء الراشدين لأنه جمع ورتّب سور القرآن الكريم.
السؤال هو: ألا يمكن كتابة القرآن بأحد حروف الحاسوب، مع تسهيل قراءته بتلوين حركات الحروف، وأيضاً الوقفات والدمج والحركات الدالة على التجويد.
سؤال آخر: هل قال الملاك جبريل للرسول الأعظم "اقرأ" بمعنى التلاوة وهو يقصد "اكتب"؟ لأن الأمي الذي لا يكتب لا يقرأ؟
كان الرسول يجيب "ما أنا بقارئ" لكن هناك رسائل بخطه إلى ملوك فارس والرومان ومصر تدعوهم لدخول دين الإسلام بالحسنى أولاً.. ثم بالسيف لاحقاً.
هناك تفسير للرسول "الأمي" بمعنى أنه رسول للأمم كافة أي "أممي" لا بمعنى أنه لا يقرأ ولا يكتب.. وهذا اجتهاد بعض المجتهدين.
إن قرآناً بخط خطاط (أو خطاطين) فلسطينيين هو إضافة معنوية لفلسطين، لا إضافة في الإملاء مثلاً، ولا بشكل حروف الخط.
أجبرني الزملاء في قسم التدقيق اللغوي على كتابة إملاء يختلف عن الإملاء السوري "شؤون" أو "شئون" وأيضاً "داوود" أو "داود".

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين بسم الله وباسم الشعب بين بسم الله وباسم الشعب



GMT 19:12 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 19:11 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 19:10 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 19:09 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 19:08 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 19:04 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 19:02 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

GMT 18:56 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

العامل والسقالة والوعي

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:36 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:53 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 06:12 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

.. و"دقّت ساعة بغ بن"

GMT 10:03 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

جديد أميركا وثوابتها

GMT 04:06 2015 الإثنين ,23 شباط / فبراير

قوائم الانتخابات

GMT 10:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"بي بي سي" تواجه معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل في العالم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon