محمد سلماوي
لست مع تأجيل الانتخابات، وإن كنت ضد بعض الممارسات التى أحاطت بمرحلة التحضير لها، فالانتخابات استحقاق دستورى يجب أن يستكمل، وقد تأخر كثيراً لأسباب غير مفهومة ولا مبررة، أما الممارسات الخاطئة التى شهدناها بعد فتح باب الترشح فكلها يمكن تداركها.
إن أحد أسباب تأخير الانتخابات البرلمانية عن الموعد المحدد دستورياً- وهو ستة أشهر بعد الانتخابات الرئاسية- هو إصدار تقسيم جديد للدوائر الانتخابية، وهذا التقسيم هو نفسه المطعن الدستورى الذى لجأ إليه البعض من أجل تأجيل الانتخابات عن الموعد المتأخر الذى حُدد لها.
وإذا كان السبب الأول لتأجيل الانتخابات عن الموعد المنصوص عليه دستورياً راجعاً للحكومة التى تلكأت فى إصدار التقسيم الجديد للدوائر، فإن السبب الثانى راجع للأحزاب التى ظلت تجادل كى تحصل فى قانون الانتخابات على أكبر مزايا يتيحها نظام القوائم، وهى مزايا تفوق القوة الفعلية لهذه الأحزاب على أرض الواقع، إنه الجدل السياسى العقيم الذى تكرر ثانية فى مشهد تشكيل القوائم الحزبية، والذى كان مشهداً هزلياً بكل المقاييس لا يتناسب مع طبيعة المرحلة المهمة التى تمر بها البلاد الآن.
أتمنى ألا يتم تأجيل الانتخابات البرلمانية عن هذا الموعد المتأخر الذى تم تحديده، أما الممارسات التى شهدناها خلال فترة الاستعداد للانتخابات فتلك يجب مراجعتها، فلا يسمح مثلاً لعناصر حزب «النور» السلفى بأن يعتلوا المنابر بالمخالفة للقانون، ولا يسمح لبعض أجهزة الدولة بالتدخل فى وضع القوائم، وإن كان ذلك راجعاً لواضعى هذه القوائم الذين يملكون قبول هذا التدخل أو عدم قبوله.
وقد كنت أتمنى أن تأتى هذه القوائم معبرة عن مصر الجديدة التى نتطلع إليها والتى بدت واضحة أمامنا بعد الثورتين، يناير ويونيو، لكننا وجدنا نورها يخبو فى القوائم الانتخابية، التى طالعتنا بها النخبة السياسية، والتى أرادت للبرلمان القادم ألا يختلف عن البرلمانات السابقة، فالأسماء الواردة بمعظم هذه القوائم هى تلك التى احترفت لعبة الانتخابات تحت كل الأنظمة السياسية، والأحزاب التى كانت جزءاً من النظام السابق تسعى من جديد كى تتصدر المشهد السياسى، الذى تمنينا أن يختلف.
إننى أتطلع لجهة تتبنى العناصر الجديدة الشابة التى لم تجد لها مكاناً فى القوائم وتدعمها فى الانتخابات القادمة، فعندئذ فقط نكون قد عبرنا إلى العصر الجديد الذى طال تطلعنا إليه.