الانتخابات البريطانية بين الهذر والجد

الانتخابات البريطانية بين الهذر والجد

الانتخابات البريطانية بين الهذر والجد

 لبنان اليوم -

الانتخابات البريطانية بين الهذر والجد

جهاد الخازن

  اليوم هذر وغداً أمر، وهذا الكلام «تنويع» على قولٍ مشهور لامرئ القيس وقد بلغه قتل أبيه فقال: اليوم خمر وغداً أمر. ضيّعني صغيراً وحمّلني دمه كبيراً.

أرجح أن كلام شاعر الجاهلية المقدم على غيره خرافة، فأنتقل منه الى حقيقة الانتخابات البرلمانية البريطانية، وقد قررت أن أسخر منها ومن السياسة كلها والسياسيين عشية إجرائها غداً، وأن يكون مقالي التالي رصيناً وموضوعياً قدر الإمكان.

هكذا أقول إنه لا توجد مدرسة تعلم الطالب أن يصبح سياسياً، فالسياسة مهنة الهواة، ونحن الناس «الغلابَة» ندفع ثمن جهلهم. ما سبق يعني أن معظم قرارات السياسيين في أروقة الحكم صادرة عن هواة لا محترفين، وبالتالي فالحمق ليس عقبة في وجه نجاح السياسي في الغرب، بل ربما كان ميزة فيه لأن غالبية الناخبين في كل بلد أغبياء، ومن حق هؤلاء في بلد ديموقراطي أن يجدوا مَنْ يمثلهم.

أرجو أن أكون واضحاً، فما سبق لا يعني أن كل ناخب أحمق، وإنما يعني أن الحمقى من الناخبين غالبية، وهم يستحقون الحكومة التي انتخبوها. في هذا الوضع فقط، الناخب اللبناني أذكى فهو كان يُدلي بصوته لهذا المرشح أو ذاك مقابل مئة ليرة أو مئتين، ويضمن حداً أدنى من الكسب المادي إذا فاز المرشح الذي اشترى صوته.

كان زمان، وكنا نقول عن الموظف في دوائر الدولة إنه «إبن حكومة»، وهو إبن عاق أو مشكوك في أبوّته، وهو يقدم للوزير عشرة أسباب لماذا لا يستطيع تنفيذ المشروع، فاذا احمرَّت عين الوزير وأصرّ على التنفيذ، يقدم له الموظف نفسه عشرة أسباب لماذا التنفيذ ممكن.

أكتب اليوم محاولاً مهاذرة القارئ عن الانتخابات في بريطانيا وغيرها، ثم أدّعي أنني على معرفة واسعة بالانتخابات البريطانية حتى قبل أن أنتقل بسبب الحرب الأهلية الى لندن وواشنطن، وأحصل على الجنسية البريطانية وأنتخب.

عملت لوكالة رويترز في بيروت وأنا طالب، وكانت رئيس قسم المحاسبة سيدة إنكليزية في حوالى الستين إسمها المسز جيليت، وهي أصرَّت على أن أقرأ كل يوم جريدة «الغارديان» اللندنية التي كانت رتبت لتصل إليها في بيروت يومياً. كانت المسز جيليت من حزب الأحرار البريطاني، وهو حزب وسط بين المحافظين والعمّال، وربما أفضل من الحزبين الكبيرين مجتمعَيْن.

«الغارديان»، وهي جريدة ليبرالية حتى يومنا هذا، علّمتني الكثير عن السياسة البريطانية، ما أفادني في السنوات اللاحقة. وفي حين لا يُذكَر الحزب الليبرالي (الأحرار) اليوم إلا مع إسم رئيس راحل له هو سيريل سميث المتهم بالاعتداء على أولاد صغار، فإنني أعرفه قبل أن ينضم إليه منشقون عن حزب العمال ليحمل الآن إسم الحزب الديموقراطي الليبرالي.

مَنْ هم المتنافسون على حكم بريطانيا اليوم؟

إد ميليباند، زعيم حزب العمال، عنده مشكلتان، شكله ومواقفه السياسية.

ديفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين، مشكلته أن لا أحد يصدقه.

نك كليغ، زعيم حزب الديموقراطيين الليبراليين، مَنْ هو؟ حزبه في غرفة الإنعاش لتراجع شعبيته كثيراً على يديه.

نايجل فاراج، زعيم حزب الاستقلال (المملكة المتحدة)، كاريكاتور سياسي، وحزبه متطرف ومن نوع لا يمكن أن يفوز بأي انتخابات.

وهناك الحزب الوطني الاسكتلندي برئاسة السيدة نيكولا ستيرجن، وإسم عائلتها بالإنكليزية يعني نوعاً من الأسماك، وهي زئبقية المواقف فأعود إليها غداً في معرض الجد.

اليوم، لا أقول سوى أن هناك عبارة بالإنكليزية تصف الذي يخطئ في كلامه بأنه وضع قدمه في فمه. هذا أهون كثيراً من سياسي في بلادنا يضع يده في جيب القارئ أو جيبي.

مع ذلك، لا أشكو من تجربة الديموقراطية على رغم أنها تعني أن تنتخب غالبية حمقاء أقلية من «الحراميّة» للحكم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات البريطانية بين الهذر والجد الانتخابات البريطانية بين الهذر والجد



GMT 19:12 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 19:11 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 19:10 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 19:09 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 19:08 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 19:04 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 19:02 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

GMT 18:56 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

العامل والسقالة والوعي

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:36 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:53 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 06:12 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

.. و"دقّت ساعة بغ بن"

GMT 10:03 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

جديد أميركا وثوابتها

GMT 04:06 2015 الإثنين ,23 شباط / فبراير

قوائم الانتخابات

GMT 10:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"بي بي سي" تواجه معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل في العالم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon