مصر والتهور التركي مرة أخرى

مصر والتهور التركي مرة أخرى!

مصر والتهور التركي مرة أخرى!

 لبنان اليوم -

مصر والتهور التركي مرة أخرى

طارق الحميد
ليس الغريب ما تفعله قناة فضائية في مصر، بل إن الغريب هو الموقف، بل التهور التركي تجاه التطورات المصرية، فأنقرة تتعامل مع تطورات مصر وكأنها لبنان، وليس حتى سوريا، وآخر المواقف الصادرة من أنقرة هو موقف الرئيس التركي الذي يقول بأن الإفراج عن الرئيس المعزول مرسي من شأنه أن يؤدي إلى انفراجة بالأوضاع المصرية. صحيح أن الرئيس التركي أظهر مواقف أكثر تعقل من مواقف رئيس الوزراء التركي، لكن الموقف التركي عموما تجاه مصر انفعالي وغير مقبول، خصوصا أن أنقرة لم تتنبه إلى أن ما يحدث بمصر هو تغيير حقيقي يقوده الرأي العام، وكل المؤسسات المصرية، وليس الجيش وحده، فالإخوان المسلمون بمصر باتوا جماعة معزولة، ومنبوذة، وليست هي بالجماعة المحظورة مثل ما كانت عليه في أيام حكم مبارك. الإخوان المسلمون هم ضحية فكرهم، ونهجهم، وليس في مصر وحدها، بل في تونس، وما يحدث اليوم هناك خير شاهد، والأمر نفسه ينطبق على إخوان ليبيا التي باتت تحرق مقراتهم هناك، وسط رفض شعبي كبير لهم. الأتراك يعرفون جيدا، وأكثر من غيرهم، بأن الإخوان المسلمين في مصر، وتونس، وغيرهما من الدول العربية، قد حظوا بدعم دولي، وفتحت لهم أبواب الغرب، وبالتالي لا يمكن القول اليوم بأنهم يتعرضون لمؤامرة، بل هم ضحية نهجهم الخاطئ سياسيا، واقتصاديا، وأمنيا، وبالتالي فإنه من الغريب جدا أن تتخبط أنقرة، وتتهور، بهذا الشكل دفاعا عن الإخوان المسلمين، فهل تركيا دولة ذات مؤسسات، أم أنها تتصرف بمنطلق حزبي ضيق؟ ولا شك أن ردود الفعل التركية المتشنجة هي نتيجة سقوط المشروع الإخواني في كل المنطقة، كما أن الواضح هو أن إخوان تركيا منزعجون تماما من النموذج المصري خشية أن يتحرك الجيش التركي ضدهم، وكما فعل الجيش المصري ضد مرسي والإخوان، خصوصا أن الانقسام في تركيا حول سياسات الإخوان هناك حقيقي، وآخرها المظاهرات التي حدثت في ميدان تقسيم التركي. وعليه، وأيا كان القلق التركي، إلا أن ذلك لا يبرر لأنقرة التصرف بتهور، وتشنج، ملحوظ تجاه مصر، ومحاولة فرض حلول خارجية على المصريين، فمصر ليست بالدولة الصغيرة، كما أن الموقف التركي لا يصب في مصلحة الدولة التركية ككل، ولا يخدم أيضا استقرار المنطقة، خصوصا أن ما حدث في مصر جاء نتيجة غضب شعبي حقيقي تجاه أخطاء الإخوان المسلمين، وبالتالي فلا يمكن أن يقف الأتراك هذا الموقف المعادي للدولة المصرية فقط من أجل نصرة حزب لا يمكن الدفاع عن نهجه الماضي، ولا عما يفعله الآن خصوصا إذا كانت تركيا تقدم نفسها للمنطقة، والمجتمع الدولي، كدولة مؤسسات، ودولة ديمقراطية، فلا العسكر يحكمون مصر، ولا ينوون ذلك، كما أن المصريين يطمحون لأن تكون دولتهم دولة مؤسسات، ونموذجا سياسيا، واقتصاديا ناجحا. وعليه فمتى ينتبه الأتراك إلى أن الدول لا يمكن أن تتصرف كقناة فضائية، تمارس الصراخ والتهييج، في مصر؟
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والتهور التركي مرة أخرى مصر والتهور التركي مرة أخرى



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon