المفاوضات تحت النار

المفاوضات تحت النار!

المفاوضات تحت النار!

 لبنان اليوم -

المفاوضات تحت النار

بقلم: رضوان السيد

في عهده الثاني، أصرّ الرئيس ترامب على إحلال السلام في سائر بقاع الأرض، وبخاصةٍ في أوكرانيا والشرق الأوسط ومع إيران. ووسيلته لذلك الدخول في مفاوضاتٍ مباشرة مع سائر الأطراف.

إنما الذي حدث حتى الآن النهج الذي اختاره رئيس الوزراء الإسرائيلي: إذا كان لا بد للسلام أن يتحقق عن طريق التفاوض، كما يريد ترامب، فينبغي أن يكون ذلك تحت النار! والحجة أنه لا أحد يقبل سلام الرئيس الأميركي عن طريق التفاوض بالشروط والضغوط فقط، بل لا بد أن يتصاحب التفاوض مع استمرار المعارك لإرغام الخصم على قبول الشروط التي يفرضها ترامب. وحتى الآن ووسط استمرار المعارك في غزة وأوكرانيا ولبنان ما نجح في الحقيقة أيٌّ من الأسلوبين.

بدأ التفاوض مع إيران وبعد خمس جولات انقطع لتضرب إسرائيل والولايات المتحدة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضرباتٍ هائلةً، لكن التفاوض لا يزال منقطعاً، في حين تدعي كلٌّ من إسرائيل وإيران الانتصارَ دون أن يعودَ التفاوض من جديد، مع تهديد كلٍّ من الطرفين للطرف الآخر بتجديد الحرب. وفي الأسابيع الأخيرة يبشر الرئيس الأميركي باقتراب وقف النار في غزة مع استمرار الضربات الإسرائيلية، واستمرار المفاوضات في الدوحة بقطر. وقيل إنّ الرئيس ترامب إنما استدعى نتنياهو إلى واشنطن للمزيد من الضغط عليه، إنما حتى الآن فإنّ الحرب مستمرة. وفي كل يومٍ يقال إنّ العوائق لم تزلْ وتارةً من جانب «حماس» وطوراً من جانب إسرائيل.

وحكاية «حزب الله» اللبناني مع التفاوض أطْول. فقد جاء مبعوث الرئيس الأميركي إلى لبنان قبل أسبوعين وضربات إسرائيل على الحزب مستمرة بشكلٍ يومي، وأعطى المبعوث برّاك المسؤولين اللبنانيين رسالةً تتضمن المطالب التي تكفل الاستجابة للعودة لوقف النار. ثم رجع براك إلى بيروت مرة ثانية ليتلقى إجابةً من المسؤولين اللبنانيين على مطالبه، ورغم الانطباع الأولي الطيب عاد الرجل ليقول: هم يريدون ملاعبتي بالطاولة، وأنا أواجههم بلعبة الشطرنج! وهكذا فالإسرائيليون مستمرون في الضربات، والمسؤولون اللبنانيون حائرون أو عاجزون، فالحزب لم يستجب لمطلب نزع السلاح، وهم لا يستطيعون مواجهتَه بالقوة! وهكذا تستمر الهجمات الإسرائيلية مع استمرار التفاوض على طريقة برّاك!

وفي النزاع الأوكراني مع روسيا، أقبل الرئيس الأميركي في الأسابيع الأولى بالضغوط القصوى على أوكرانيا حتى استمع إلى إجابةٍ من زيلنسكي على شروطه بدا أنها تعجبه. فلمّا التفت إلى الرئيس بوتين وعرض عليه خطته، لم يستجب لها إلى الحدّ الذي يسمح بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.

قال ترامب إنّ الرئيس الروسي ودود ومؤدَّب في الحوار، لكنّ نتائج المحادثات الطويلة كانت متواضعة. فماذا يفعل الأميركي الجبار وقد ضاق ذرعاً بمماحكات الروس؟ إنه يفكر الآن بإعادة المساعدات العسكرية التي كان قد أوقفها عن أوكرانيا، فهو لا يستطيع تهديد روسيا بالضغوط العسكرية، لكنه لا يستطيع أيضاً الاعتراف بالفشل في فرض أجندته التفاوضية! وهكذا تستمر الهجمات المتبادلة بالمسيَّرات والصواريخ بين روسيا وأوكرانيا.

المفاوضات من أجل السلام مطلبٌ يبدو أنّ الجميع موافقون عليه. بيد أنّ سائر الأطراف لا تخضع للشروط التي يريدها الرئيس رغم أنه يمتلك القوة القاهرة، وهو مستعدٌّ لاستعمالها من أجل الإرغام على السلام. بل إنّ بعض المشاركين في المماحكات (ومنهم نتنياهو) بدأوا يتطلعون إلى رئيس الحلول السحرية، بما يشبه السخرية عندما يعيرونه أنه إنما يريد الحصول على جائزة نوبل للسلام الدولي جزاءً أو جائزةً لجهوده السلمية!

حتى الآن لم تفد القوة الناعمة للولايات المتحدة ولا قوتها الخشنة، فكيف تتوقف الحروب المدمرة للبشر والحجر؟ الجميع يضعون أيديهم على قلوبهم خشية استمرار حروب الدمار إلى ما لا نهاية. لكن لا بديل عن الولايات المتحدة إذا كان المقصود إحلال السلام، فالمؤسسات الدولية، وفي طليعتها مجلس الأمن، معطَّلة أو فاشلة في إحقاق السلام أو حتى في التهدئة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفاوضات تحت النار المفاوضات تحت النار



GMT 19:12 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 19:11 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 19:10 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 19:09 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 19:08 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 19:04 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 19:02 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

GMT 18:56 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

العامل والسقالة والوعي

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:36 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:53 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 06:12 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

.. و"دقّت ساعة بغ بن"

GMT 10:03 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

جديد أميركا وثوابتها

GMT 04:06 2015 الإثنين ,23 شباط / فبراير

قوائم الانتخابات

GMT 10:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"بي بي سي" تواجه معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل في العالم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon