للسياسة ثمن تدفعه منصات التواصل

للسياسة ثمن تدفعه منصات التواصل

للسياسة ثمن تدفعه منصات التواصل

 لبنان اليوم -

للسياسة ثمن تدفعه منصات التواصل

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

لا مبالغة في القول بأن الأيام السعيدة التي عاشها أصحاب مواقع التواصل الاجتماعي انقضت أو كادت، وأن الرياح أتت وتأتي على غير ما تشتهي سفن كل واحد من أباطرة هذه المواقع.

وليس في وصفهم بالأباطرة شيء من التهويل، ويكفي لإثبات ذلك أن نلتفت إلى أن كامالا هاريس، مرشحة الحزب «الديمقراطي» في السباق إلى البيت الأبيض تخوض السباق بينما وراءها نصف دستة على الأقل من الساسة والرموز في الحزب، أما دونالد ترمب، مرشح الحزب «الجمهوري»، فيخوض السباق نفسه وليس وراءه إلا إيلون ماسك، صاحب منصة «إكس»، التي لا يزال كثيرون من روادها يسمونها باسمها القديم «تويتر».

إننا نقرأ أن وراء هاريس يقف الرئيس جو بايدن، والرئيس الأسبق باراك أوباما، وزوجته ميشيل أوباما، ونانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة، والرئيس الأسبق بيل كلينتون، وزوجته هيلاري كلينتون، وابن الرئيس الأسبق جيمي كارتر. ثم نتطلع إلى الجهة المقابلة فلا تقع أعيننا إلا على ترمب مجرداً من أي دعم حزبي جمهوري مماثل أو مشابه، ولا يظهر إلى جواره أحد يسانده ويعلن ذلك إلا بالكاد ماسك، ومن خلال منصته الشهيرة طبعاً.

الغريب أن المنصة نفسها كانت إلى جوار الديمقراطيين في سباق 2020، وبلغ خلافها مع ترمب إلى حد وقف حسابه عليها تماماً، فلما دار الزمان دورته، كانت هي قد بيعت من مالكها القديم إلى ماسك، وكان هو قد بدّل اسمها من «تويتر» إلى اسمها الحالي، وكان قد تخلى عن الديمقراطيين، وكان في مرحلة تالية قد أعلن أنه لن يصوّت لهم.

وعندما يقول إنه لن يصوّت لهم، فالمفهوم أن منصته هي التي ستفعل ذلك لا هو، لأنه في النهاية صوت واحد كونه شخصاً، أما المنصة فتأثير، وسطوة، وتوجيه، وإيحاء، إلى آخر ما يمكن أن يقال في اتجاه محاولات إقناع الناخبين بأن يصوتوا لهذا وليس لذاك من المرشحين في السباقات المختلفة.

فهل يستطيع واحد مثل ماسك أن يعوّض ترمب في مواجهة هاريس، ومعها كل هذه الفرقة التي تعزف لحناً واحداً؟ هذا ما سوف نتبينه في ختام السباق الرئاسي الذي سيشهد نهايته في الخامس من الشهر بعد المقبل.

ولكن حتى يأتي ذلك اليوم، سيكون علينا أن نلاحظ أن دخول منصات التواصل الاجتماعي إلى عالم السياسة لم يكن بالمجان، وأن ماسك نفسه إذا كان يبدو سعيداً هذه الأيام، وهو يستضيف المرشح الجمهوري على منصته لساعتين، فإن عليه أن يتحسب مما هو مقبل، لأن الاقتراب من السياسة إلى هذا الحد هو مثل اقتراب الفراشة من النار بأكثر مما هو لازم.

ولماذا يذهب صاحب «إكس» بعيداً؟ يكفيه ما أصابه في البرازيل الواقعة جنوب الولايات المتحدة، عندما قررت المحكمة العليا حظر منصته على أرضها، وعندما خاطبه الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا فقال: «مَنْ يتصور نفسه هذا الرجل؟».

كان حظره هناك سياسة في سياسة، ولم يشأ البرازيليون إخفاء السبب، فقالوا إنه انخرط في تشكيل ميليشيات رقمية، وإن مهمتها كانت الدعاية للرئيس السابق بولسونارو، الذي غادر القصر وفي نفسه شيء منه ولا يزال. والطبيعي أن هذه الميليشيات وهي تُروج للرئيس السابق، لا تفعل ذلك على سبيل التسلية وقضاء الوقت، ولكنها تمارس ما تمارسه على أمل تمكين بولسونارو من أن يعود، فيذوق الشيء الذي لا يزال في نفسه منذ أن غادر.

وعندما يصل الأمر بمنصة تواصل اجتماعي إلى هذا المدى، فهي لم تعد منصة للتواصل الاجتماعي كما نشأت في الأصل، أو كما تسمي نفسها كلما جاءت سيرتها في أحاديثنا العامة، ولكنها صارت منصة للدعاية السياسية، وبكل ما يترتب على ذلك من عواقب إلى آخر الطريق. وفي فنزويلا كادت «إكس» تواجه مصيرها نفسه لدى الحكومة في البرازيل، وإذا كانت قد أفلتت هذه المرة، فلا أحد يستطيع أن يخمن ما سوف يصادفها في مرات مقبلة.

ولسبب غير مفهوم أعلن ترمب سخطه على مارك زوكربيرغ، صاحب منصة «فيسبوك» ومعها عدد من المنصات الأخرى، فقال إنه سيحبسه مدى الحياة إذا كُتب له أن يدخل البيت الأبيض من جديد. وأياً كان السبب في سخط ترمب عليه، فإن رضاه عن صاحب «إكس»، وسخطه على صاحب «فيسبوك»، لا بد أنه لهما علاقة بالسياسة بمعناها المباشر.

وعندما وصل بافل دوروف، صاحب منصة «تلغرام»، إلى فرنسا يوم 24 من الشهر الماضي كان الأمن في انتظاره، فلما أطلقوا سراحه منعوه من مغادرة الأراضي الفرنسية، وقيل في الأسباب إن سوء استخدام للمنصة قد جرى في الأيام الماضية. وإذا علمنا أن دوروف روسي الجنسية في الأساس رغم تعدد الجنسيات التي يحملها، وإذا انتبهنا إلى أن الروس يسمونه مارك زوكربيرغ روسيا، وإذا استرجعنا ما بين موسكو وعواصم الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتها باريس من سوء علاقة منذ إعلان الحرب الروسية على أوكرانيا، فإننا نستطيع أن نخمن الباقي.

السياسة هي التي أغرت صاحب «إكس» بما أدى إلى حظرها في البرازيل، والسياسة هي التي حظرت سفر دوروف إلى خارج فرنسا، والسياسة هي التي أسخطت الرئيس الأميركي السابق على صاحب «فيسبوك»، وفي كل مرة كانت المنصات الثلاث تنحرف عن تواصلها الاجتماعي إلى دور سياسي، ولكنها لم تكن تتوقع أن يكون الثمن هو الحرمان من التواصل القديم ومن الدور الجديد معاً، وكلمة السر في الموضوع هي البرازيل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للسياسة ثمن تدفعه منصات التواصل للسياسة ثمن تدفعه منصات التواصل



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 00:18 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 24 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:00 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 03:08 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض قياسي في عدد الوافدين الأجانب إلى تركيا

GMT 18:58 2022 السبت ,12 شباط / فبراير

طُرق استغلال المساحة في الحمام الصغير

GMT 11:57 2013 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

أمسية للشاعر أحمد الصويري في اتّحاد كتّاب الشارقة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:04 2023 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان سامو زين يعود للسينما بعد غياب 17 عاماً

GMT 10:33 2013 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيراري" تعلن عن المحركات القادمة للسيارات الفائقة

GMT 06:05 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

جزيرة مميّزة للغولف تعوم في "دي ألين" بايداهو

GMT 14:43 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على مواصفات وعيوب برج "العقرب" وأبرز الأحداث الفلكية

GMT 10:54 2013 الجمعة ,05 تموز / يوليو

أحذية نسائية من عظام الحيوانات وجذع الأشجار

GMT 06:30 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

ليفاندوفسكي يُحلق بصدارة هدافي الدوري الألماني
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon