هنا حدود المحروسة

هنا حدود المحروسة

هنا حدود المحروسة

 لبنان اليوم -

هنا حدود المحروسة

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

جاء وقت على الخديو إسماعيل قال فيه إن مصر لم تعد قطعة إفريقية كما عاشت، وإنها قد صارت قطعة أوروبية، وكان قراره إنشاء القاهرة الخديوية دليلًا عمليًّا على ما كان يؤمن به فى هذا الاتجاه ويقوله.

ولا يزال ميدان طلعت حرب، الذى كان يُسمى ميدان سليمان باشا زمان، صورة طبق الأصل من ميادين مشابهة، وتكاد تكون مماثلة فى عاصمة النور باريس.. فالميدان يتوسط القاهرة الخديوية، وتخرج وتصب فيه ستة مخارج ومداخل، ويبدو التصميم المعمارى فيه صورة بالكربون من تصميمات معمارية تراها فى باريس كلما أطللت عليها.

ولا تزال القاهرة الخديوية أجمل ما فى قاهرة المعز، وبالذات فى الشتاء عندما يغسلها المطر، ولا ينافسها فى ذلك إلا القاهرة الفاطمية التى يتوسطها شارع المعز، الذى لا يزال شاهدًا على أن أحدًا لم يهتم به كما فعل الفنان فاروق حسنى فى زمانه.

وقد كان الخديو إسماعيل فى حاجة إلى أن يُعدّل قليلًا من المعادلة التى عاش يؤمن بها بالنسبة للمحروسة، وما إذا كانت قطعة من أوروبا أو قطعة من القارة السمراء.. كان فى حاجة إلى أن يشير عليه أحد ممن حوله بأنه لا تناقض بين الانتماءين، وأن القاهرة بكل عراقتها وتاريخها تستطيع أن تكون إفريقية، وتستطيع فى الوقت نفسه أن تكون باريسية أوروبية، فلا يقع تناقض بين هذا وذاك.. أما أن ترتدى الزى الباريسى الأوروبى، وتخلع عنها الزى الإفريقى، فهذا لا يدل على شىء بقدر ما يدل على التعسف الذى حكم نظرة الخديو إلى عاصمة بلاده.

وعندما كتب الدكتور ميلاد حنا عن انتماءات مصر لم يجد مشكلة فى أن يتجاور انتماؤها القبطى مع الإسلامى، ولا صادف إشكالًا فى أن تنتمى إلى تاريخها الفرعونى، ثم لا تنكر فى الوقت نفسه الحقبة الرومانية أو اليونانية فى تاريخها الطويل.. وإذا جاز أن يكون هذا هو الانتماء الرأسى، فإلى جواره انتماء آخر أفقى يجعلنا على صلة بالانتماء العربى، والانتماء الإفريقى من بعده، ثم الانتماء المتوسطى الأوروبى من ورائهما، فلا يقع بين الخطوط الثلاثة أى تعارض أو تناقض.. فهى دوائر ثلاث تكمل بعضها البعض.

وليس التنامى الذى تعرفه العلاقات المصرية الصومالية هذه الأيام إلا تعبيرًا عن شىء من ذلك، ففى زمن محمد على باشا سأل الرجل مستشاريه: من أين ينبع النيل؟. قالوا: من الحبشة، أى من إثيوبيا. قال: إذن، فحدودنا هناك.

ولم يكن ذلك تعبيرًا من جانب محمد على عن تمدد على حساب الحبشة ولا على حساب سواها، ولكنه كان ذهابًا إلى ما تفرضه مصالح البلاد العليا، وبما لا يضر بمصالح أى دولة من دول الجوار فى القارة السمراء.. وهذا بالضبط ما يُقال عما يمكن أن يكون بين مصر والصومال.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هنا حدود المحروسة هنا حدود المحروسة



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 09:49 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

عطور تُناسب عروس موسم ربيع وصيف 2022

GMT 16:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لتناول غذاء صحي ومتوازن في أماكن العمل

GMT 03:47 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل الاتفاق على الرقابة المصرفية لمنطقة اليورو

GMT 05:56 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية الأردني: سنعالج ملف العمالة الوافدة كلها

GMT 08:55 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الفحم للشعر وطريقة عمل قناع منه

GMT 00:39 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

نتائج مثيرة لما بحث عنه مستخدمو الإنترنت على "غوغل" في 2019

GMT 10:01 2022 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

أفكار في الديكور للجلسات الخارجّية الشتويّة

GMT 15:28 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج الحصان..ذكي وشعبي ويملك شخصية بعيدة تماما عن الصبر

GMT 18:44 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

إتيكيت وضع المكياج في الأماكن العامة

GMT 19:26 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

المصائب تتوالى على سان جيرمان أمام ليل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon