بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
لا ينطبق المثل القائل «خياران أحلاهما مُر» على الخيارين المتاحين أمام أوكرانيا اليوم. فهما خياران مُران. ليس أمام أوكرانيا الآن إلا الاستسلام وقبول حل سياسى بشروط روسية، أو مواصلة حرب ستنتهى بهزيمة كاملة لقواتها. يحاول المفاوضون الأوكرانيون تحسين بعض بنود خطة الإدارة الأمريكية لإنهاء الحرب، والتى يُطلق عليها خطة ترامب.
ولكن من هذه البنود ما لا يمكن تحسينه مثل البند الحادى والعشرين الذى ينص على «سيتم الاعتراف بشبه جزيرة القرم ولوجانسك ودونيتسك كأراض روسية بحكم الأمر الواقع، بما فى ذلك اعتراف الولايات المتحدة بذلك. وسيتم تجميد وضع خيرسون وزابوريجيا على طول خط التماس مما يشكل اعترافًا فعليًا بحكم الأمر الواقع بهذا الخط.
وستتخلى روسيا عن الأراضى الباقية التى تسيطر عليها خارج هذه المناطق الخمس. وستنسحب القوات الأوكرانية من الجزء الذى تسيطر عليه حاليًا فى منطقة دونيتسك. وستُستخدم هذه الأراضى لاحقًا لإنشاء منطقة عازلة».
على أوكرانيا، إذن وفق خطة ترامب، أن تتخلى عن ثلاث مقاطعات كاملة، وعن نصف مقاطعتين أخريين. وأكثر من ذلك عليها أن تسحب قواتها الباقية فى جزء من إحدى هذه المقاطعات «دونيتسك» وتتركها لروسيا.
وهذا البند غير قابل للتحسين، فأقصى ما يمكن تغييره فيه هو أن تكون المناطق التى ستقر أوكرانيا بتبعيتها لروسيا منزوعة السلاح. وعلى أوكرانيا أيضًا حسب البند السابع تضمين دستورها نصًا على عدم انضمامها إلى حلف «الناتو».
وكل ذلك دون مقابل سوى ضمانات أمنية لضمان عدم حدوث هجوم روسى جديد عليها فى المستقبل. فحسب البند الخامس «ستحصل أوكرانيا على ضمانات أمنية موثوقة»، ووفقًا للبند الثانى ستُبرم «اتفاقية عدم اعتداء شاملة بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا».
هذا هو «السلام» المطروح على أوكرانيا اليوم، والذى قد يؤدى عدم قبوله إلى وقف الدعم الاستخباراتى والسياسى الأمريكى لها، الأمر الذى يزيد هشاشة موقفها فى الحرب التى تحرز روسيا تقدمًا مستمرًا فيها. وهكذا يبدو أنه ليس أمام أوكرانيا إلا خياران مُران: فإما الاستسلام الآن أو انتظار الهزيمة الكاملة فى الميدان.