مصر عصية على السقوط

مصر عصية على السقوط

مصر عصية على السقوط

 لبنان اليوم -

مصر عصية على السقوط

بقلم:مصطفى الفقي

 إن الجغرافيا والتاريخ حليفان قويان لدعم الدولة المصرية فى كل الأوقات وأصعب الظروف، فما أكثر ما واجهت مصر من غزاة وطغاة وبغاة، ولكنها بقيت دائمًا قلعة حصينة وأيقونة نادرة فى الشمال الشرقى للقارة الإفريقية تطل على البحرين الأبيض والأحمر، تنظر إلى أوروبا شمالاً وآسيا شرقًا وإفريقيا جنوبًا، فضلاً عن انتماء متعدد الجوانب يبدأ بهويتها المصرية الخالصة والتى مر عليها تاريخها الفرعونى وترك علمًا كاملاً باسم دولة وحيدة فى العالم نقرأ عنها فى كتب علوم المصريات،

إنها مصر أيضًا التى استقبلت رسالات السماء حتى وصل الفتح العربى فأصبحت عربية اللسان فريدة الكيان، إنها مصر التى واجهت الحروب العسكرية وتحملت النزوات السياسية وظلت دائمًا على صمودها وكبريائها لم تختف يومًا عن الخريطة ولم تبتعد أبدًا عن قلب الأحداث، وهاهى اليوم تواجه تحديات غير مسبوقة إذ إن هناك مخططًا محمومًا ومكتومًا للنيل منها والتأثير فيها، ولكن ذلك كله لن يستطيع أن يغيّر من صلابة تلك الدولة العصية على السقوط وكأنما تحفظها فى صمت ديانات السماء وحضارات الأرض، ولقد بدأت الصورة تكشف عن جوانبها وتفصح عن أبعادها من خلال مخطط خبيث بدأ ببالونة اختبار عن التهجير القسرى للفلسطينيين إلى سيناء المصرية، وعندما تأكد لمن يسعون لهذا المخطط أن ذلك أمر مستحيل التنفيذ ومرفوض مصريًا وعربيًا وفلسطينيًا ودوليًا بدأوا فى التحول نحو مفهوم مختلف ونصبوا شباكهم على الشعب الفلسطينى فى غزة بعد ضرباتٍ موجعة طالت زمانًا وازدادت عمقًا حتى أصبحت أرض غزة غير صالحة للحياة، دماء وأشلاء، دموع وأحزان، قهر وتخويف، حتى يضطر الفلسطينيون إلى نوع من الهجرة الطوعية نتيجة استحالة الحياة وفى ظل حالة التجويع والتعطيش وانقطاع مصادر الكهرباء وتدنى الأحوال المعيشية إلى مادون الصفر، كل ذلك يجعل الفلسطينى المهاجر دائمًا من وطنه المطرود من أرضه يطلب الانتقال إلى أى مكان فى العالم يواصل فيه الحياة بعد رحلة نضالٍ صعبة غير مسبوقة فى التاريخ ومعاناة لم يشهدها شعب آخر فى ظل بسالة فلسطينية منقطعة النظير وشجاعة فى المقاومة بغير حدود، وكأنما تحالفت كل أسباب القهر والطغيان على ذلك الشعب العربى فجاء على رأس الولايات المتحدة الأمريكية رئيس جديد داعم للسياسات العدوانية والعنصرية التى يمارسها رئيس وزراء إسرائيل نيتانياهو بشكل مطلق فى فظاظة منقطعة النظير، فهو يهوى قتل الأطفال واصطياد الفلسطينيين وكأننا نعيش فى غابة جديدة لم يكن لها مثيل من قبل، وتواصل الدولة المصرية دورها الثابت، وهى الأكثر سكانًا والأعرق تاريخًا والأصدق فى توجهاتها القومية وانطلاقتها الموثقة فى دعم الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة منذ اليوم الأول حين أعلن تيودور هرتزل ميلاد مشروع الدولة اليهودية فى نهاية القرن التاسع عشر، فخاضت مصر الحروب وضحت بأعز أبنائها شهداء للوطن فى سبيل الحرية ودفاعًا عن القضية الفلسطينية وإيمانًا بالحقوق المشروعة لذلك الشعب العربى الشقيق الذى تسعى إسرائيل إلى طمس هويته ومحو شخصيته وإنهاء وجوده بل وتحويله دائمًا إلى شعب من اللاجئين وحرمان أجياله القادمة من الأمل فى المستقبل وهو الذى يسعى لدولته الوطنية وعاصمتها المقدسية تصحيحًا للتاريخ وإبرازًا للحقائق وتأكيدًا لمصداقية المناضلين والمكافحين بعد تجربة دامية امتدت لعشرات العقود ومازال سعير نيرانها ولهيب آثارها يحيط بذلك الشعب الصامد الذى واجه أعتى أدوات الحرب الحديثة وعاش تحت القصف المستمر وآثار الدمار والعدوان بصورة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، وهاهى مصر تلملم ما استطاعت جراح ذلك الشعب وتقوم بدور الوسيط فى المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس لأنها على يقين من عدالة القضية الفلسطينية التى جعلت من مصر وسيطًا وطرفًا فى ذات الوقت حتى أصبح الصوت المصرى هو التعبير الصادق عن الشعور العربى تجاه الأشقاء فى فلسطين، وهاهى مناورات إسرائيل وخلفها الولايات المتحدة الأمريكية بترسانة سلاحها وضخامة إمكاناتها تحارب مصر بتصريحات مسمومة وأفكار لئيمة ومخططات خبيثة تسعى للنيل من وحدتها الوطنية وتماسك شعبها وصلابة جبهتها الداخلية، وتطلق إدارة الرئيس الأمريكى الجديد تصريحات متتالية كأنها إنذارات مستترة لمصر التى كانت ولاتزال، وسوف تظل عصية على السقوط، إننا نتابع ما يجرى على أرض فلسطين وفى قطاع غزة المتاخم للحدود المصرية ونراقب عن كثب مسار رحلة التآمر ومحاولات النيل من مصر التى تمثل حائط صد للكيان العربى والوجود الفلسطينى فى سابقة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر عصية على السقوط مصر عصية على السقوط



GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

“حكومة التعريفة” ولغز النفط وتسعير مشتقاته

GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

فستان الرَّئيس «السَّابق»

GMT 21:10 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:09 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:08 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية!

GMT 21:07 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

أهداف إسرائيل وحسابات سوريا الجديدة

GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات المفاوضات الأوكرانية

GMT 21:05 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الخطاب وتعديل المسار

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:43 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع
 لبنان اليوم - مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع

GMT 21:44 2017 الأحد ,10 أيلول / سبتمبر

كيف تتحكمين في صرخات طفلك المحرجة؟

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان الموضة لخريف وشتاء 2026 توازن بين الأصالة والابتكار

GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 09:27 2015 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

موقع صحيفة "الحياة" يتعرض إلى القرصنة

GMT 12:39 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأخطبوط يلجأ إلى حيل مثيرة للدهشة للإيقاع بالفريسة

GMT 07:35 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس باخ يؤكد أنهم مستعدون لإقامة أولمبياد طوكيو

GMT 22:11 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

دليل تنظيف اللابتوب

GMT 22:18 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

فالنتينو تخطف الأنظار بمجموعتها لموسم 2018

GMT 09:01 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

ماجد المصري ينتهي من تصوير فيلم خمس جولات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon