ضحايا كورونا يُسقطون ترامب

ضحايا "كورونا" يُسقطون "ترامب"!

ضحايا "كورونا" يُسقطون "ترامب"!

 لبنان اليوم -

ضحايا كورونا يُسقطون ترامب

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

لو كنت من تلك الدول التى تراهن على فوز دونالد ترامب بمدة ثانية للرئاسة لشعرت -اليوم- بقلق شديد، وبدأت أعيد كل حساباتى.

انتقل فوز دونالد ترامب بـ3 مراحل حتى الآن:

الأولى حتى يوليو الماضى، وذلك كان الفوز المؤكد لأنه استند على نمو غير مسبوق فى الاقتصاد، انخفاض تاريخى فى معدلات البطالة، صعود قوى للغاية فى سوق المال الأمريكية.

الثانية من نوفمبر من العام الماضى حتى منتصف يناير من العام الحالى، وهى مرحلة فتح فيها مجلس النواب، ذو الأغلبية الديمقراطية، ملف تورط الرئيس ترامب فيما عُرف بـ«الملف الأوكرانى»، وهى فضيحة سياسية بكل المقاييس، وسوء استخدام صريح للسلطة يعاقب عليه الدستور والنظام والعرف السياسى.

تلك المرحلة كانت مرحلة «التهديد».

المرحلة الثالثة بدأت منذ اندلاع فيروس كورونا عالمياً منذ شهرين، ثم صعود منحنى التأثير على الداخل الأمريكى.

وبدأ هذا الأمر من حالة إلقاء اللوم على «بكين» وتسمية «ترامب» للفيروس بـ«الفيروس الصينى»، إلى مرحلة التهوين من آثاره أمريكياً، إلى الوعد بالسيطرة عليه وإيجاد حلول سريعة واكتشاف عقار معالج.

فى هذه المرحلة الأخيرة، وهى مرحلة سوء إدارة ملف «كورونا»، وضحت خمسة أمور كاشفة للغاية بالنسبة لشخصية وأسلوب حكم الرئيس ترامب:

أولاً: أن الرئيس يتحدث فى ملفات غير فاهم وغير متخصص فى تفاصيلها، خاصة حينما يكون الموضوع متعلقاً بفيروس وبائى غامض احتار أكبر العلماء فى تشخيصه ومعرفة دورة حياته وإمكانيات الشفاء منه.

وفى هذه النقطة وقع «ترامب» أمام الإعلام والرأى العام فى أخطاء فادحة، وإذا كان الرجل قد وعد شعبه بإدارة الأزمة، فإذا بالأزمة تديره!

وكان النائب الأمريكى الشهير «مارك توين» ينصح الساسة فى أمريكا: «لا تتحدث فيما لا تعرفه، ولا تبدو عالماً فيما تجهل، واعترف أمام نفسك بأنك جاهل وتجهل واترك من يعلم يشرح لمن لا يعلم».

ثانياً: اتضح بشكل واضح عدم ظهور أى قدرة إدارية لدى «ترامب» فى إدارة الأزمة بشكل سريع، وكفء، ومتعمق فى خطورة الملف.

وكان البعض يعتقد أن «ترامب»، صاحب كتاب «فن الصفقة»، الصادر فى عام 1996، ونجم برنامج شهير عن فن البيزنس والإدارة بعنون «ذا أبرنتس»، قادر على إدارة أزمة مثل أزمة «كورونا» بقوة ومرونة وتجاوز للبيروقراطية وسرعة وكفاءة.

ذلك كله ثبت عكسه، وظهر الرجل: «غير مدرك لطبيعة الفيروس وحقيقة الأزمة».

ثالثاً: فقدان الرئيس ترامب للإحساس بعنصر الزمن، وكما وصفه ماريو كومو، حاكم ولاية نيويورك: «أضاع (ترامب) وقتاً ثميناً دون مبرر، سوف ندفع ثمنه قريباً من أرواح مرضانا».

رابعاً: التسييس المحلى للأزمة من قبَل «ترامب»، بمعنى أنه قام بالتعامل مع ملف «كورونا» من منظور «حزبى ضيق»، وليس بأسلوب إنسانى عابر للأحزاب وللأيديولوجيات ولعبة الثأر والثأر المضاد، وهو أسوأ شىء يمكن أن يحدث فى مجال إدارة الأزمة، أى أزمة، فى أى زمان ومكان.

خامساً: خيّب «ترامب» أمل حلفائه فى العالم، ولم يلعب الدور الأمريكى المعتاد كـ«أخ أكبر لأوروبا» والدول الصغيرة التى تنظر إلى «واشنطن» وكأنها كعبة السياسة، ومركز الكون، والحل السحرى لقضايا البشرية.

ظهرت تصريحات «ترامب» منكفئة على الداخل شديد الانعزالية، غير متعاطفة مع الحلفاء، غير عابرة للأيديولوجيات.

موافقة الكونجرس ومجلس النواب على دعم الاقتصاد وإنعاش المجتمع بـ2 تريليون دولار ليست هى المسألة الأساسية التى تطرح نفسها داخل المجتمع الأمريكى.

والمسألة الآن ليست من يحب «ترامب» أو من يكرهه، وليست المنتمى للحزب الديمقراطى أو الجمهورى، وليست من ينتمى للطبقة العاملة أو صغار الموظفين وكبار رجال أسواق المال، وليست أصحاب المشروعات الصغيرة الذين يتعيشون عليها بشكل يومى أو «حيتان الرأسمالية المتوحشة»!

المسألة اليوم فى الولايات المتحدة هى انكشاف وهْم أغنى وأكبر إدارة حكومية فى العالم أمام مواطنيها، وعدم قدرتها على حمايتهم من الوباء، والعمل على إنقاذ حياتهم.

ها هى الأرقام تقول إن الولايات المتحدة ستكون الأعلى فى الإصابات، والأقل فى التعافى، وصاحبة معدل وفيات أعلى من معدل الوفيات فى الصين وإيطاليا وإسبانيا وإيران!

ظهر «ترامب» كـ«مقاول سياسى» أكثر منه زعيم دولة عظمى، وكرجل حزبى أكثر منه رئيس جميع الأمريكيين، و«محاسب أو مدير خزانة شركة» أكثر منه حاكماً يفهم ويقدّر دور الرعاية الاجتماعية.

فى ظل ذلك يواجه «ترامب، منذ بدء أزمة «كورونا»، حالة صراع دائم مع مساعديه والحلقة الضيقة القريبة منه.

لعلكم تلاحظون أن جميع تصريحات «ترامب» الكارثية هى تلك التى أطلقها شفهياً دون القراءة من نص مكتوب.

ولعلكم تلاحظون أن التصريح الوحيد الذى اضطر فيه الرجل للاعتراف بخطورة الأزمة وفداحة التحدى، وخطأ التفسير فى أنه كان يعتقد أن «الفيروس الصينى» سيبقى فى داخل الصين ولن يغادرها، جاء حينما قرأ أمس الأول «الثلاثاء» من نص مكتوب فرضه عليه مساعدوه بعد جدل وصراع شديدين.

أخيراً قال «ترامب»، وهو يقرأ من النص المكتوب: «علينا أن نتوقع أن أمام الأمريكيين أياماً سوداء، وأن الآتى فى الأسبوعين المقبلين هو الأصعب».

وبناءً على ما سبق تنازل الرجل عن موقعه المستهين سابقاً بالفيروس، والواثق بشدة من إيجاد حل وعلاج، والمتفاخر -كذباً- بالقدرة على السيطرة على الأمور.

تنازل «ترامب» عن وعوده بالحل فى نهاية شهر مارس، وفى أعياد الفصح الأمريكية فى 12 من الشهر الحالى.

مستقبل «ترامب» السياسى يحسمه «عدّاد أرقام»، هو بالتأكيد ليس عدّاد أرقام قاعدة الناخبين، لكنه العدّاد اليومى لضحايا مصابى الفيروس، والموتى!

وعد «ترامب» أن يقضى على «كورونا» فإذا بالفيروس يكاد يقضى عليه!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضحايا كورونا يُسقطون ترامب ضحايا كورونا يُسقطون ترامب



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 10:05 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
 لبنان اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران

GMT 19:03 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

إسبانيا تواجه البرتغال وديا في أكتوبر

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 19:48 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

نصائح للتخلّص من رائحة الدهان في المنزل

GMT 13:50 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

دليل "عالم المطاعم في أبوظبي" من لونلي بلانيت

GMT 21:00 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أملاح يلتحق بمعسكر المنتخب ويعرض إصابته على الطاقم الطبي

GMT 21:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

مايك تايسون في صورة جديدة بعد عودته لحلبة الملاكمة

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية

GMT 19:09 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

راين كراوسر يحطم الرقم القياسي العالمي في رمي الكرة الحديد

GMT 12:27 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

أنغام وأصالة تتصالحان وتتبادلان القبلات عقب خلاف دام 5 سنوات

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 17:19 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon