«العثمانيون الجدد» وأزمة تركيا أردوغان

«العثمانيون الجدد» وأزمة تركيا أردوغان

«العثمانيون الجدد» وأزمة تركيا أردوغان

 لبنان اليوم -

«العثمانيون الجدد» وأزمة تركيا أردوغان

بقلم - عماد الدين أديب

أى تركيا يريدها رجب طيب أردوغان؟

إذا لم نفهم الإجابة الصريحة الواضحة عن هذا السؤال لن نفهم طبيعة الدور التركى المحورى فى المنطقة من الصومال وإثيوبيا إلى ليبيا واليمن، ومن السودان إلى قطر، ومن سوريا إلى العراق، ومن فلسطين إلى لبنان.

هناك مرجعيات لا بد من فهمها ونحن نتعامل مع حالة أردوغان وحزبه الحاكم، يمكن تحديدها على النحو التالى:

1- عقائدياً: الرجل يريد استعادة الإسلام السنى الصوفى بنكهة تركية معاصرة تقع ما بين صراع العلمانية الأوروبية والإسلام المتشدد.

2- فكرياً: الرجل تعود جذوره قومياً إلى استعادة دور الإمبراطورية العثمانية التى حكمت العالم العربى والمنطقة التى أسسها عثمان الأول فى 1281 ميلادياً، وكان أول خلفائها سليم الأول 1512 وانتهت فعلياً بمشروع أتاتورك عام 1923.

3- سياسياً: الرجل يريد مناطق نفوذ تجعله خليفة المنطقة غير المتوج من «سواكن» فى السودان، إلى التعاون التجارى مع إثيوبيا، إلى التسهيلات البحرية فى جيبوتى والصومال، إلى التعاون الأمنى لضمان سلامة الحكم فى قطر إلى تمويل حركة حماس، ومن التنسيق مع تل أبيب وموسكو، إلى السعى إلى مناطق آمنة شرقى الفرات فى العراق وسوريا.

4- يرى الرجل أن هناك مناطق اهتمام تاريخية عثمانية فى كل من حلب بسوريا والموصل فى العراق، وهناك أصول عرقية فى المنطقة لها تأثيراتها على الداخل التركى مثل: الأكراد والتركمان.

طبعاً يلعب الجانب الإسلامى السنى دوره فى منظور حركة أنقرة، ومن هنا يمكن أن نفهم علاقة حزب العدالة الحاكم بالإخوان المسلمين وحماس وحركة النهضة وآل ثانى فى قطر.

ظل الصراع وما زال بين مشروع استعادة الخلافة العثمانية القائم على دولة إسلامية تستخدم الإسلام كمظلة للتمدد فى المنطقة فى مواجهة الغرب والمشروع الأوروبى تحديداً ولكن بنكهة «تتدثر برداء الشكل الديمقراطى فيه استخدام لآليات وأدوات الحكم الديمقراطى شكلاً وليس موضوعاً».

فى نظام أردوغان اتضح أن الاحتكام إلى الصندوق الانتخابى كان شكلاً ولكن الحسم السياسى هو للرئيس وسلطاته وسلطانه.

هذا الصراع بين المشروع الإسلامى والمشروع الكمالى (نسبة لمصطفى كمال أتاتورك) ما زال قائماً منذ أن أنهى الرجل أسس الخلافة ودعا للعلمانية بقوله: «لم تعد الدولة تأخذ مثالها من الغيبيات ولم تعد تأخذ ثوابتها مما يظن أنها كتب جاءت من السماء».

ذلك كله يأخذنا إلى الحالة التى تحدث عنها «إدريس بوانو» فى كتابه المهم «العثمانيون الجدد» الذى يفسر الحالة الأردوغانية والنظرة التركية إلى المزج بين التاريخ العثمانى والرؤية الإسلامية السياسية الممزوجة بنكهة البيزنس والمصالح الاستراتيجية من أجل تقديم خلافة عثمانية جديدة.

«العثمانيون الجدد» يشكلون مأزقاً تاريخياً لأنقرة، فهم لا يستطيعون أن يكونوا جزءاً صحيحاً ومقبولاً فى الاتحاد الأوروبى العلمانى الديمقراطى ذى الهوية الأنجلوساسكونية، ولا هم لديهم القدرة على أن يقبلهم العالم العربى الذى عانى من صور الإرهاب التكفيرى فى سيناء وليبيا والعراق وسوريا.

ومحاولة التنكر تحت رداء «الإسلام السوفت»، أى الإسلام السياسى منزوع الدسم والألم، هى صيغة فاشلة بعدما شاهد العالم جهاراً نهاراً ماذا فعل نظام أردوغان فى معارضيه عقب محاولة الانقلاب بدءاً من الاعتقالات إلى الفصل التعسفى إلى الانقضاض على القضاء إلى إغلاق المدارس والصحف والجامعات المعارضة.

المأزق التركى هو أنه دخل فى علاقات ملتبسة وتصادمية مع كثير من القوى:

- اصطدم مع الروس ووصل الأمر إلى إسقاط طائرة سوخوى على الحدود السورية - التركية.

- اصطدم مع الأمريكيين إلى حد فرض ترامب على بلاده عقوبات مالية وتجارية إثر احتجاز القس الأمريكى.

- اصطدم مع الألمان والهولنديين والاتحاد الأوروبى فى سلسلة من التصريحات والتراشقات التى تعكس حالة من المراهقة السياسية.

- على علاقة شديدة السوء مع الإمارات والسعودية ومصر والبحرين بسبب الخلاف حول الدور التركى فى المنطقة ودعم جماعة الإخوان وقطر.

- الدور بالغ السوء والمتعمد صراحة بدون أى خجل أو مداراة فى تشويه صورة الحكم الحالى فى الرياض كما ظهر ذلك فى حادثة خاشقجى وبعدها، وإصرار أنقرة على تدويل التحقيق والذهاب به إلى أبعد نقطة إساءة ممكنة للحكم فى السعودية.

فى الوقت ذاته هناك علاقة حب وكراهية فى آن واحد مع كل من طهران وتل أبيب، تارة هناك مصالح وتارة أخرى هناك اختلاف سياسى أو مذهبى أو تاريخى.

العثمانيون الجدد الآن فى أزمة ومشروع الخلافة يهدده سلوك أردوغان السياسى وتوتراته المتعددة وضعف الليرة التركية واهتزاز صورة الحكم العثمانى القائم على استعادة الخلافة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«العثمانيون الجدد» وأزمة تركيا أردوغان «العثمانيون الجدد» وأزمة تركيا أردوغان



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:24 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الممثل التلفزيوني جاك أكسلرود عن عمر ناهز 93 عاماً

GMT 17:28 2023 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

نشرات "لينكد إن" الإخبارية بين الترويج وتخطي الخوارزميات

GMT 10:51 2020 الأحد ,26 إبريل / نيسان

انضمام هند جاد لـ "راديو9090" خلال شهر رمضان

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 18:26 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الحكم بسجن لوكاس هيرنانديز 6 أشهر بسبب "ضرب" زوجته

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 07:24 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

غفران تعلن مشاركتها في "الاختيار 2" رمضان 2021

GMT 17:09 2023 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

وفاة المغنية الأميركية الشهيرة لولا دي عن عمر ناهز 95 عاماً

GMT 17:36 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

"مودل روز" تثير الجدل بإطلالة جريئة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon