هل تلحق حكومة هنية بـ “نظام مرسي

هل تلحق "حكومة هنية" بـ “نظام مرسي"؟!

هل تلحق "حكومة هنية" بـ “نظام مرسي"؟!

 لبنان اليوم -

هل تلحق حكومة هنية بـ “نظام مرسي

عريب الرنتاوي

يراهن كثيرون على سقوط حكومة حماس في غزة قريباً، بعد أن فقدت ظهيرها القوي في القاهرة، فضلاً عن فائض الأسباب المتصلة ببؤس أداء الحركة في سنوات حكمها الست، وتحديداً في مجال الحريات والحقوق والإدارة وتوفير مقومات العيش الكريم وبناء اللحمة الوطنية ... بيد أن رهاناً كهذا يسهى أصحابه عن حقيقة أن حماس قضت سنوات خمس في الحكم، قبل أن يصعد مرسي وإخوانه إلى سدة الحكم في مصر ... وتفوت هؤلاء حقيقة أن حماس تمتلك "ورقةً" لا تحظى بمثلها الحركات الإسلامية "الشقيقة" في مصر وتونس وليبيا وسوريا، وأقصد بها "ورقة المقاومة". وللتوضيح أكثر أضيف، أن لحماس مخرجاً "جاهزاً" من كل استعصاء في علاقاتها بأهل القطاع أو مكوناته السياسة والمدنية والاجتماعية، إذ يكفي أن تفتح النار على إسرائيل، أو أن تنجح في استدراج مواجهةً واسعة مع الاحتلال، حتى تُضطر هذه القوى والمكونات جميعها، لـ “ضبضبة" مطالباتها وطي صفحة تحركاتها، للتوحد في الميدان في مواجهة الخطر القادم والعدو المشترك. وتتمتع هذه "الورقة" بصلاحيتها كاملة في النطاق القومي والإقليمي لعلاقات حماس وتحالفاتها، فالنظام المصري الجديد على سبيل المثال، ومهما بلغت حدة كراهيته لحماس أو انزعاجه منها، سيظل مضطراً للاحتفاظ بـ “حد أدنى" من العلاقات مع حماس، أقله لمواجهة لحظات الاشتباك الفلسطيني – الإسرائيلي ... وتراهن حماس على هذه "الورقة" في مسعاها لاستعادة علاقاتها مع "محور طهران – دمشق – الضاحية الجنوبية"، فهي بطاقة العودة الآمنة لأحضان هذا المحور، حتى وإن اختلفت درجة حرارة (دفء) هذه الحاضنة ... كما أن هذه "الورقة" هي ما يدفع دول ومنظمات عربية ودولية للإبقاء على "شعرة معاوية"، أو بعض قوات الاتصال الأمامية والخلفية، مع الحركة وحكومتها. ليست حماس أول من اكتشف أهمية هذه "الورقة" أو استخدمها ... من قبل، كان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، يلجأ إلى تسخين جبهات القتال مع إسرائيل كـ “ورقة" في مواجهة ضغوط الداخل (المنظمة) والخارج(بعض الأطراف العربية والإقليمية) الضاغطة باستمرار عليه، أو الساعية لمصادرة قراره الوطني المستقل ... وأذكر في العام 1980، عندما التأم المجلس الوطني الفلسطيني في دمشق، كيف لجأ عرفات لإشعال حرب المدفعية لتفادي ضغوط عبد الحليم خدام وطارق عزيز المشتركة للسيطرة على منظمة التحرير، وكسر نفوذ فتح وعرفات في مؤسساتها القيادية، حيث نجح الرئيس الراحل في "إبقاء قديم المؤسسات الفلسطينية على قدمه"، بسبب الوضع الطارئ الذي أنشأه في جنوب لبنان، للهرب من ضغوط "اللقاء القومي النادر" بين العاصمتين البعثيتين المُحتربتين. قد تستطيع القوى المناوئة لحماس في قطاع غزة، أن تحشد جمهوراً شبيهاً بجمهور "30 يونيو" في مصر، ومعادلاً له في الوزن، بالمعنى النسبي للكلمة بالطبع، ولقد سبق لجمهور غزة أن خرج بغالبيته العظمى نكاية بحماس لا تضامناً مع فتح في ذكرى انطلاقاتها الأخيرة (يناير 2013) ... لكن حماس تستطيع أن تجعل من كل ذلك بددا ... يكفي أن تعترض دورية إسرائيلية أو ان تهاجم نقطة حدودية متقدمة أو تطلق رشقة صواريخ على مستوطنات الجنوب، حتى تعود الطائرات والمدافع الإسرائيلية لأداء وظيفتها التاريخية في "توحيد الشعب الفلسطيني" في الميدان على الأقل، لمواجهة العدوان الداهم. بخلاف "إخوان مصر"، ليس لحماس ما تخسره إن هي فعلت ذلك، فهي مُدرجة  بالأصل، على قائمة الإرهاب، والاتصالات الغربية معها ما زالت في طور "الاستطلاع" و"جسّ النبض"، وصعودها إلى حكم غزة، جاء بالضد من رغبة الغرب ومعظم العرب ونصف الفلسطينيين، في حين أن إخوان مصر، الذين جاءوا إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، كانوا أنجزوا قبل ذلك بزمن، تفاهمات عميقة مع الغرب وبعض الدول العربية والإقليمية، يقع في صلها (التفاهمات)، حفظ السلام مع إسرائيل والوفاء بالالتزامات نظام مبارك وتعهداته السابقة، وضبط مقاومة حماس على إيقاع المصلحة الاستراتيجية لحكم الإخوان في مصر، وليس وفقاً لمتطلبات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وهذا ما سيفسر لاحقاً، هذا الدفاع الغربي عن نظام مرسي وحكم الجماعة. مستقبل حكم حماس وحكومتها في غزة، لا تقرره الأرقام والأعداد والنسب المئوية ... ويكاد المراقب المطلع أن يجزم بأن حماس فقدت الكثير من شعبيتها في غزة (الوضع ليس هكذا في الضفة الغربية) ... ثمة "ديناميكات" أكثر تعقيداً، يجب تأملها قبل إطلاق التقديرات "المتفائلة" بقرب رحيل إسماعيل هنية وحكومته، وخصوصاً تلك المتصلة بالعامل الإسرائيلي. قد يقول قائل، بإن إسرائيل قد تجد في سقوط نظام الإخوان فرصة لإسقاط حكم حماس وحكومتها، وأن أي "استدراج" قادم للحرب، قد يكون مقامرة غير محسوبة على الإطلاق، وقد تتخذ منها إسرائيل مناسبة للإجهاز على حكم حماس وحكومتها. لكن السؤال الذي يتعين على أصحاب هذه التقديرات أن يجيبوا عليه هو: هل أن إسرائيل "توّاقةٌ" لإسقاط حكم حماس وحكومتها في غزة، والدفع بالحركة وكتائبها للعودة إلى صفوف المعارضة والمقاومة والعمل السري؟! ... بقاء حماس على رأس الحكومة في غزة، من شأنه إدامة حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، وهذه ذريعة مناسبة لإسرائيل للتبرير الإحجام على السير بخطى جدية على طريق مفاوضات جدية ... وحماس في السلطة لديها ما تخسره، وتريد الاحتفاظ به، لديها عنوان يمكن استهدافه، أما حماس (تحت الأرض)، فليس لديها شيء من هذا القبيل، وقبل أن تصل الحركة إلى السلطة، كانت إسرائيل تعاقب ياسر عرفات وسلطته وأجهزته وحركة فتح، على كل فعل مقاوم، كانت حماس تقوم به، وإسرائيل لا تريد العودة إلى وضع كهذا ... وأخيراً، فإن حماس في السلطة، ستكون أقدر على حفظ التهدئة والهدنة، مما لو كانت فتح والفصائل الحليفة لها في السلطة، فتح والفصائل لا تطلق النار ولا الصواريخ، فيما حماس وحلفاؤها، هم من يفعلون ذلك، وعندما يقرر هؤلاء أن صمت المدافع في مصلحتهم، سيعم الهدوء على امتداد خطوط التماس والجبهات الداخلية كذلك. لكل هذه الأسباب، قد لا تكون إسرائيل معنية بالانخراط في أي جهد لإسقاط حكومة حماس في غزة، هي معنية بضرب القوة العسكرية للحركة حتى لا تصل إلى مرحلة "توازن الرعب" ... وفي مطلق الأحوال، سيظل لإسرائيل حساباتها النابعة من صميم مصالحها وحسابات أمنها، والتي لا تتوقف طويلاً عند من يحكم القطاع أو الضفة، بل تتوقف طويلاً وملياً عند من يوفر "البضاعة" بصرف النظر عن الغلاف الديني والسياسي والإيديولوجي الذي سيحيطها به.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تلحق حكومة هنية بـ “نظام مرسي هل تلحق حكومة هنية بـ “نظام مرسي



GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

GMT 02:51 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليس مبعوثاً واحداً وإنما ثلاثة

GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

سلمى أبو ضيف تطل كالعروس على السجادة الحمراء في "كان"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:27 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

تحضير بخاخ ماء الورد للعناية بالبشرة والشعر

GMT 17:31 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

غوغل تعرض أحدث نظارات الواقع المعزز

GMT 11:19 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

إتيكيت استقبال الضيوف في المنزل

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon